الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ
(204)}
نزول الآية:
7218 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق ابن إسحاق بسنده- قال: لَمّا أُصِيبت السَّرِيَّةُ التي فيها عاصم ومَرْثَدٌ؛ قال رجال من المنافقين: يا ويْح هؤلاء المقتولين الذين هَلَكوا هكذا، لا هم قعدوا في أهلهم، ولا هم أدَّوْا رسالة صاحبهم. فأنزل الله:{ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا} ، أي: لِما يُظْهِر من الإسلام بلسانه
(1)
. (2/ 475)
7219 -
عن الضَّحّاك بن مُزاحِم بنحوه مُطَوَّلًا بذكر قصة قتل قريش لخُبَيب بن عَدِيٍّ صَبْرًا، وفيه: ويقال: كان رجل من المشركين يُقال له: سلامان أبو ميسرة، معه رُمْحٌ، فوضعه بين ثَدْيَيِ خُبَيب، فقال له خُبَيب: اتَّقِ الله. فما زاده ذلك إلا عُتُوًّا، فطعنه، فأنفذه، وذلك قوله عز وجل:{وإذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أخَذَتْهُ العِزَّةُ بِالإثْمِ} ، يعني: سلامان
(2)
. (ز)
7220 -
عن أبي العالية -من طريق الربيع بن أنس- {ومِنَ النّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحَياةِ الدُّنْيا} ، قال: كان هذا عبدٌ حسنُ القول، سيِّءُ الفعل، يأتي النبيَّ صلى الله عليه وسلم فيحسن القول
(3)
. (ز)
7221 -
عن أبي سعيد المقْبُري: أنّه ذاكَرَ محمدَ بنَ كعب القُرَظِيَّ، فقال: إنّ في بعض كتب الله: إنّ لله عبادًا ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمرُّ من الصبر،
(1)
أخرجه ابن إسحاق -كما في سيرة ابن هشام 2/ 174 - ، وابن جرير 3/ 573، وابن أبي حاتم 2/ 363 (1910) كلاهما من طريق ابن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس.
قال السيوطي في الإتقان 6/ 2336 عن هذه الطريق: «هي طريق جيدة، وإسنادها حسن، وقد أخرج منها ابن جرير وابن أبي حاتم كثيرًا» .
(2)
تفسير الثعلبي 2/ 120 - 122، وتفسير البغوي 1/ 236 - 237.
(3)
أخرجه ابن أبي حاتم 2/ 363 (1911).
لبسوا لباس مُسُوك الضأن من اللين، يَجْتَرُّون الدنيا بالدين، قال الله تعالى: أعَلَيَّ يجترئون؟ وبي يَغْتَرُّون؟ وعِزَّتي، لأبْعَثَنَّ عليهم فتنةً تترك الحليم منهم حيران. فقال محمد بن كعب: هذا في كتاب الله: {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا} الآية. فقال سعيد: قد عرفت فيمن أنزلت. فقال محمد بن كعب: إنّ الآية تنزل في الرجل، ثم تكون عامَّة بعدُ
(1)
. (2/ 477)
7222 -
عن قتادة بن دِعامة -من طريق مَعْمَر- في قوله تعالى: {ومن الناس من يعجبك قوله في الحيوة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه} ، قال: هو المنافق
(2)
. (ز)
7223 -
عن إسماعيل السُّدِّيِّ -من طريق أسباط- في قوله: {ومِنَ النّاسِ مَن يُعْجِبُكَ} الآية، قال: نزلت في الأَخْنَس بن شَريِق الثقفي، حليفٌ لبني زُهْرَة، أقْبَلَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم المدينةَ وقال: جئتُ أريد الإسلام، ويعلم الله إنِّي لَصادق. فأَعْجَبَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ذلك منه، فذلك قوله:{ويشهد الله على ما في قلبه} . ثم خَرَج مِن عند النبي صلى الله عليه وسلم، فمَرَّ بزرع لقوم من المسلمين وحُمُر، فأحرق الزرع، وعَقَر الحُمُر؛ فأنزل الله:{وإذا تولى سعى في الأرض} الآية
(3)
[749]. (ز)
7224 -
قال عطاء =
7225 -
والكلبي: نزلت في الأخنَس بن شَريِق الثقفي حليفَ بني زهرة -واسمه أُبَيّ، وسُمِّي: الأخنس؛ لأنه خنس يوم بدر بثلاثمائة رجل من بني زُهرة عن قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم-، وكان رجلًا حُلْوَ الكلام، حُلْوَ المنظر، وكان يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيجالسه، ويُظْهِرَ الإسلامَ، ويقول: إنِّي لَأُحِبُّك. ويحلف بالله على ذلك، وكان
[749] انتَقَد ابنُ عطية (1/ 497) هذا القول الذي قاله السدي مستندًا لعدم ثبوته، فقال:«ما ثبت قطُّ أنّ الأخنس أسلم» .
_________
(1)
أخرجه سعيد بن منصور (361 - تفسير)، وابن جرير 3/ 574، والبيهقي في الشعب (6956). وفي رواية لابن وهب في الجامع - تفسير القرآن 2/ 17 - 18 (28)، وابن جرير 3/ 575 أنّ محمد بن كعب القرظي سمع ذلك من نَوْف البَكّالي، ثم قال: تَدَبَّرْتُها في القرآن، فإذا هم المنافقون، فوجدتها:{ومن الناس من يُعجبك قوله في الحياة الدنيا ويُشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام} ، {ومِنَ النّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ فَإنْ أصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ} [الحج: 11].
(2)
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1/ 81، وابن جرير 3/ 575، وابن أبي حاتم 2/ 363 (1916).
(3)
أخرجه ابن جرير 3/ 572، 577. وابن أبي حاتم 2/ 364 (1913، 1917). وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر. وزاد ابن جرير في روايته: وفيه نزلت: {ويْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} [الهمزة: 1]، ونزلت فيه:{ولا تُطِعْ كُلَّ حَلافٍ مَهِينٍ} إلى {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} [القلم: 10 - 13].
منافقًا، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُدْنِي مجلسَه؛ فنزل قوله تعالى:{ومِنَ النّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحَياةِ الدُّنْيا}
(1)
. (ز)
7226 -
عن الكَلْبِيِّ، قال: كنت جالسًا بمكة، فسألوني عن هذه الآية:{ومن الناس من يعجبك قوله} الآية. قلتُ: هو الأخنسُ بن شَرِيق. ومعنا فتًى من ولده، فلما قمتُ أتبعني، فقال: إنّ القرآن إنما نزل في أهل مكة، فإن رأيت أن لا تُسَمِّي أحدًا حتى تخرج منها فافعل
(2)
. (2/ 476)
7227 -
عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- قوله: {ومن الناس من يُعجبك قوله في الحياة الدنيا ويُشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام} ، قال: هذا عبد كان حسن القول، سيِّءَ العمل، يأتي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فيحسن له القول، {وإذا تولّى سَعى في الأرض ليُفسد فيها}
(3)
. (ز)
7228 -
قال مقاتل بن سليمان: {ومِنَ النّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحَياةِ الدُّنْيا} نَزَلت فِي الأَخْنَس بن شَرِيق بن عمرو بن وهْب بن أبي سَلَمَة الثَّقَفِيّ، وأُمُّه اسمها رَيْطَةُ بنت عبد الله بن أبي قيس القرشي من بني عامر بن لُؤَيّ، وكان عَدِيدَ بني زُهْرَة
(4)
، وكان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيخبره أنّه يحبه، ويحلف بالله على ذلك، ويخبره أنّه يُتابِعُه على دينه، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يُعْجِبُه ذلك، ويُدْنِيه في المجلس، وفي قلبه غير ذلك؛ فأنزل الله عز وجل:{ومِنَ النّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحَياةِ الدُّنْيا} . وكان الأَخْنَس يُسَمّى: أُبَيّ بن شَرِيق، من بني زُهْرَة بن كَعْب بن لُؤَيّ بن غالب. وإنما سُمِّي الأخنس لأنّه يوم بدر رَدَّ ثلاثمائة رَجُل من بني زُهْرَة عن قتال النبي صلى الله عليه وسلم، وقال لهم: إنّ محمدًا ابنُ أختكم، وأنتم أحقُّ مَن كفَّ عنه، فإن كان نبيًّا لم نقتله، وإن كان كذّابًا كنتم أحقَّ من كَفَّ عنه. فخَنَس بهم، فَمِن ثَمَّ سُمِّي الأَخْنَس
(5)
[750]. (ز)
[750] اختُلِف فيمَن نزلت هذه الآية؛ فقال قوم: نزلت في الأخنس بن شَرِيق. وقال آخرون بنزولها في نفر من المنافقين. وقال غيرهم بعمومها.
ورجَّح ابنُ كثير (2/ 269) القولَ الأخير الذي قاله قتادة، ومجاهد، والربيع، وعطاء، والقرظي، فقال: «وقيل: بل ذلك عامُّ في المنافقين كلهم
…
وهو الصحيح». ولم يذكر مستندًا.
وكذا رَجَّحه ابنُ عطية (1/ 502) مُسْتَنِدًا إلى الدلالات العقلية، وهي مجيء قوله تعالى:{ومِنَ النّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ} العام في كل مجاهد في سبيل الله بعد هذه الآية؛ فدَلَّ ذلك على عموم ما قبلها في الكافر، بدليل الوعيد بالنار.
_________
(1)
تفسير الثعلبي 2/ 118، وتفسير البغوي 1/ 235.
(2)
ذكر يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين 1/ 213 - أوَّله مختصرًا. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.
(3)
أخرجه ابن جرير 3/ 576.
(4)
يعني: معدودًا فيهم.
(5)
تفسير مقاتل بن سليمان 1/ 177. وفي تفسير الثعلبي 2/ 118، وتفسير البغوي 1/ 235 نحوه منسوبًا إلى مقاتل دون تعيينه.