الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فنزلت: {فليستجيبوا لي} : ليطيعوني، والاستجابة هي الطاعة، {وليؤمنوا بي} ليعلموا أنّي قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان
(1)
. (2/ 261)
5779 -
قال مقاتل بن سليمان: {وإذا سألك عبادي عني} ، وذلك أنّه كان في الصوم الأوّل أنّ الرجل إذا صلّى العشاء الآخرة، أو نام قبل أن يُصلِّيَها؛ حَرُم عليه الطعام والشراب والجماع، كما يحرم بالنهار على الصائم. ثم إنّ عمر بن الخطاب? صلّى العشاء الآخرة، ثم جامَعَ امرأتَه، فلمّا فرغ ندِم وبكى، فلمّا أصبح أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأخبره، فقال: يا نبي الله، إني أعتذر إلى الله عز وجل ثم إليك من نفسي هذه الخاطئة، واقعتُ أهلي بعد الصلاة، فهل تجد لي رخصة؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:«لم تكُ جديرًا بذلك، يا عمر» . فرجع حزينًا، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم صِرْمَةَ بن أنس بن صِرْمَة بن مالك من بني عَدِيِّ بن النَّجّار عند العشاء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا أبا قيس، ما لَكَ طَلِيحًا
(2)
؟». فقال: يا رسول الله، ظللتُ أمسِ في حديقتي، فلما أمسيتُ أتيتُ أهلي، وأرادت المرأة أن تطعمني شيئًا سخنًا، فأبطأت عليَّ بالطعام، فرقدتُ، فأَيْقَظَتْنِي وقد حَرُم عليّ الطعام، فأمسيتُ وقد أجهدني الصوم. واعترف رجال من المسلمين عند ذلك بما كانوا يصنعون بعد العشاء، فقالوا: توبتنا ومخرجنا مما عملنا؟ فأنزل الله عز وجل: {وإذا سألك عبادي عنّي فإني قريب}
(3)
. (ز)
تفسير الآية:
5780 -
عن عبد الله بن صالح، عمَّن حدّثه: أنّه بَلَغَه: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما أُعْطِي أحدٌ الدعاءَ فمُنِع الإجابة؛ لأنّ الله يقول: {ادْعُونِي أسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]»
(4)
. (ز)
5781 -
عن ابن عباس، قال: حدّثني جابر بن عبد الله: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب} الآية، فقال: «اللَّهُمَّ، إنِّي أُمِرْتُ بالدعاء، وتَكَفَّلْتَ بالإجابة، لبّيكَ اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنّ الحمد والنعمة لك
(1)
عزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(2)
يعني: ذابِلًا، كما في حديث عند البيهقي في شعب الإيمان 5/ 410.
(3)
تفسير مقاتل بن سليمان 1/ 162 - 163.
(4)
أخرجه ابن جرير 3/ 224 - 225، والبيهقي في الشعب 6/ 293 (4209).
قال الألباني في الضعيفة عن إسناد الطبري 9/ 409: «وهذا إسناد مُعْضِل ضعيف؛ لجهالة شيخ ابن صالح، وهذا اسمه عبد الله، وفيه ضعف» .
والملك، لا شريك لك، اللهم أشهد أنك فَرْدٌ أحدٌ صمدٌ، لم تلد ولم تولد، ولم يكن لك كفوًا أحد، وأشهد أنّ وعدك حق، ولقاءك حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة آتية لا ريب فيها، وأنّك تبعث مَن في القبور»
(1)
. (2/ 270)
5782 -
عن نافع بن معد يكرب، قال: كنتُ أنا وعائشةُ، فقالتْ: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: {أجيب دعوة الداع إذا دعان} . قال: «يا ربّ، مسألة عائشة. فهبط جبريل، فقال: اللهُ يُقْرِئُك السلامَ، هذا عبدي الصالح بالنية الصادقة، وقلبه تقيٌّ، يقول: يا ربِّ. فأقول: لبيك. فأقضي حاجتَه»
(2)
. (2/ 270)
5783 -
عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- {وإذا سَألك عبادي عَني فإني قريبٌ أجيب دعوة الداع إذا دَعان} ، قال: ليس من عَبد مؤمن يدعو الله إلا استجاب له، فإن كان الذي يدعو به هو له رزقٌ في الدنيا أعطاه إيّاه، وإن لم يكن له رزقًا في الدنيا ذَخره له إلى يوم القيامة، أو دفع عنه به مكروهًا
(3)
. (ز)
5784 -
قال مقاتل بن سليمان: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب} ، أي: فأَعْلِمْهُم أنِّي قريب منهم في الاستجابة
(4)
[654]. (ز)
[654] قال ابنُ جرير (3/ 227 - 228): «فإن قال لنا قائل: فأنت ترى كثيرًا من البشر يدعون الله فلا يُجاب لهم دعاء! قيل: إنّ لذلك وجهين من المعنى: أحدهما: أن يكون معنيًّا بالدعوة: العملُ بما ندب الله إليه وأمر به. فيكون تأويل الكلام: وإذا سألك عبادي عني فإنِّي قريب ممن أطاعني وعمل بما أمرته به، أجيبه بالثواب على طاعته إيّاي إذا أطاعني. فيكون معنى الدعاء: مسألة العبد ربه ما وعد أولياءه على طاعتهم بعملهم بطاعته. ومعنى الإجابة من الله التي ضمنها له: الوفاء له بما وعد العاملين له بما أمرهم به. كما رُوِي عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: «إنّ الدعاء هو العبادة» . ثم قرأ: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} [غافر: 60]. فأخبر صلى الله عليه وسلم أنّ دعاء الله إنّما هو عبادته ومسألته بالعمل له والطاعة. والوجه الآخر: أن يكون معناه: أجيب دعوة الداع إذا دعانِ إن شئت. فيكون ذلك -وإن كان عامًّا مخرجه في التلاوة- خاصًّا معناه».
وقال ابنُ عطية (1/ 446): «وقال قومٌ: إنّ الله تعالى يجيب كُلَّ الدعاء؛ فإما أن تظهر الإجابة في الدنيا، وإما أن يُكَفَّر عنه، وإما أن يُدَّخر له أجر في الآخرة، وهذا بحسب حديث: «ما من مسلم يدعو الله عز وجل بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال: إما أن يُعَجِّل له دعوته، وإما أن يَدَّخِرَها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها» . قالوا: إذًا نُكْثِر. قال: «الله أكثر» ».
وبنحوه ابنُ القيم (1/ 167).
_________
(1)
أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الشكر ص 53 (155)، والبيهقي في الأسماء والصفات 1/ 227 - 228 (160).
قال المتقي الهندي في كنز العمال 2/ 215 (3824): «وسنده ضعيف» .
(2)
أخرجه ابن مردويه -كما في تفسير ابن كثير 1/ 508 - .
قال ابن كثير: «هذا حديث غريب من هذا الوجه» .
(3)
أخرجه ابن جرير 3/ 224، وابن أبي حاتم 1/ 314.
(4)
تفسير مقاتل بن سليمان 1/ 162.