الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نزول الآية:
5908 -
عن سهل بن سعد، قال: أُنزِلت: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} ، ولم ينزل:{من الفجر} ؛ فكان رجالٌ إذا أرادوا الصوم ربط أحدُهم في رجليه الخيطَ الأبيض والخيطَ الأسود، فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له رؤيتهما؛ فأنزل الله بعدُ:{من الفجر} ، فعلِموا أنه إنّما يعني: الليل والنهار
(1)
. (2/ 282)
تفسير الآية:
5909 -
عن عَدِيِّ بن حاتم، قال: لَمّا أُنزِلت هذه الآية: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} عَمَدْتُ إلى عِقالَيْنِ؛ أحدهما أسود، والآخر أبيض، فجعلتهما تحت وسادتي، فجعلت أنظر إليهما، فلا يتبين لي الأبيض من الأسود، فلما أصبحتُ غدوتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرتُه بالذي صنعتُ، فقال:«إنَّ وِسادَك إذن لَعَرِيض، إنّما ذاك بياضُ النهار من سوادِ الليل»
(2)
. (2/ 283)
5910 -
وعن عَدِيِّ بن حاتم، قال: أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعَلَّمني الإسلام، ونَعَتَ لي الصلوات كيف أُصَلِّي كلَّ صلاة لوقتها، ثم قال:«إذا جاء رمضانُ فكُلْ واشرب، حتى يتبين لك الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، ثم أتمّ الصيام إلى الليل» . ولم أدرِ ما هو، ففتلتُ خيطين من أبيض وأسود، فنظرتُ فيهما عند الفجر، فرأيتُهما سواء، فأتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: يا رسول الله، كلَّ شيء أوصيتني قد حفظتُ، غير الخيط الأبيض من الخيط الأسود. قال:«وما منعك، يا ابن حاتم؟» . وتَبَسَّم، كأنّه قد عَلِم ما فعلتُ، قلتُ: فَتَلْتُ خيطين من أبيض وأسود، فنظرت فيهما من الليل، فوجدتهما سواء. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رُئي نواجذُه، ثم قال: «ألم
(1)
أخرجه البخاري (1917، 4511)، ومسلم (1091)، والنسائي في الكبرى (11022)، وابن جرير 3/ 251، وابن أبي حاتم 1/ 318 (1687)، والطبراني (5791)، والبيهقي في سننه 4/ 215. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(2)
أخرجه البخاري 3/ 28 (1916)، 6/ 26 (4509، 4510)، ومسلم 2/ 766 (1090)، وسعيد بن منصور في التفسير من سننه 2/ 697 - 698 (277)، وابن جرير 3/ 250 - 251، وابن أبي حاتم 1/ 318 (1686).
أقل لك: من الفجر؟ إنما هو ضوء النهار من ظلمة الليل»
(1)
. (2/ 283 - 284)
5911 -
وعن عدي بن حاتم، قال: قلتُ: يا رسول الله، ما الخيط الأبيض من الخيط الأسود، أهما الخيطان؟ فقال:«إنّك لَعَرِيضُ القَفا إنْ أبْصَرْتَ الخَيْطَيْن» . ثم قال: «لا، بل هو سوادُ الليل وبياضُ النهار»
(2)
. (2/ 284)
5912 -
عن زِرٍّ، عن حذيفة، قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يتسحَّرُ وأنا أرى مواقع النَّبْل. قال: قلت: أبعدَ الصبح؟ قال: هو الصبح، إلا أنه لم تطلع الشمس
(3)
. (ز)
5913 -
عن إبراهيم التيمي، قال: سافر أبي مع حذيفة، قال: فسار، حتى إذا خشينا أن يَفْجَأَنا الفجرُ قال: هل منكم من أحدٍ آكِلٌ أو شارِبٌ؟ قال: قلتُ له: أمّا من يريد الصوم فلا. قال: بلى. قال: ثُمَّ سار، حتى إذا اسْتَبْطَأْنا الصلاة نزل فتسحّر
(4)
. (ز)
5914 -
عن عليّ بن أبي طالب أنّه قال حين طلع الفجر: الآن، حين يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود
(5)
. (2/ 285)
5915 -
عن علي بن أبي طالب -من طريق هُبَيْرة- أنّه لما صلّى الفجر قال: هذا حين يتبين الخيطُ الأبيض من الخيط الأسود من الفجر
(6)
. (ز)
5916 -
عن عبد الله بن عباس: أنّ نافع بن الأزرق سأله عن قوله: {حتى يتبيّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} . قال: بياض النهار من سواد الليل، وهو الصبح إذا انفلق. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعتَ قولَ أُمَيَّة:
الخيط الأبيض ضوءُ الصبح مُنغَلِقٌ والخيط الأسودُ لون الليل مَكْمُومُ
(7)
. (2/ 282)
(1)
أخرجه ابن جرير 3/ 250 - 251 واللفظ له، وابن أبي حاتم 1/ 318 (1686). وأورده الثعلبي 2/ 80.
قال البوصيري في إتحاف الخيرة 3/ 59 - 60 (2174): «رواه مسدّد، وأبو يعلى مختصرًا، كلاهما من طريق مجالد، وهو ضعيف» .
(2)
أخرجه البخاري 6/ 26 (4510)، وابن جرير 3/ 251. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(3)
أخرجه أحمد (ط: الميمنية) 5/ 399، والنسائي (2151)، وابن جرير 3/ 258.
(4)
أخرجه ابن جرير 3/ 257.
وقد أورد ابن جرير 3/ 254 - 259 عددًا من الأحاديث المرفوعة والآثار عن بعض الصحابة والتابعين حول هذا المعنى تحت قول: إن الخيط الأبيض هو ضوء الشمس، ثم رجح خلاف ذلك -كما سيأتي-، أما السيوطي فلم يذكر شيئًا من هذا القول.
(5)
عزاه السيوطي إلى الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير. والذي عند ابن جرير هو الأثر التالي.
(6)
أخرجه ابن جرير 3/ 257.
(7)
الأثر عند الطستي -كما في الإتقان 2/ 92 - 93 - . وعزاه السيوطي إلى أبي بكر ابن الأنباري في الوقف والابتداء.
5917 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- {الخيط الأبيض من الخيط الأسود} ، يعني: الليل من النهار. فأحلّ لكم المجامعة، والأكل، والشرب حتى يتبيّن لكم الصّبح، فإذا تبيّن الصبح حرُم عليهم المجامعة والأكل والشرب حتى يُتِمُّوا الصيام إلى الليل، فأمر بصوم النهار إلى الليل، وأمر بالإفطار بالليل
(1)
. (2/ 284)
5918 -
عن جابر الجعفي، أنه سُئِل عن هذه الآية:{حتى يتبيّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} . فقال: قال سعيد بن جبير: هو حُمْرَةُ الأُفُق
(2)
. (2/ 284)
5919 -
عن الحسن البصري -من طريق أشْعَث- في قول الله تعالى: {حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} ، قال: الليل من النهار
(3)
. (ز)
5920 -
عن قتادة بن دِعامة -من طريق سعيد- قوله: {وكلوا واشرَبوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل} : فهُما عَلَمان وحَدّان بَيِّنان، فلا يمنعكم أذانُ مُؤذِّنٍ مُراءٍ أو قليلِ العقل من سَحُوركم؛ فإنهم يُؤَذِّنُون بهَجِيعٍ من الليل طويل. وقد يُرى بياضٌ ما على السَّحَر يقال له: الصبح الكاذب، كانت تسميه العرب، فلا يمنعكم ذلك من سَحوركم، فإنّ الصبح لا خفاء به، طريقةٌ مُعترِضة في الأفق، وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الصبح، فإذا رأيتم ذلك فأمسكوا
(4)
. (ز)
5921 -
وعن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} قال: حتى يتبيّن لكم النهار من الليل، {ثم أتموا الصيام إلى الليل}
(5)
. (ز)
5922 -
قال مقاتل بن سليمان: وأنزل في صِرْمة بن أنس: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} : حتى يتبين لكم وجه الصبح، يعني: بياض النهار من سواد الليل من الفجر، {ثم أتموا الصيام إلى الليل} ، والخيط الأبيض يعني: أوّل بياض الصبح؛ الضوء المعترض قِبَل المشرق، والخيط الأسود: أوّل سواد الليل
(6)
. (ز)
5923 -
عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- {حتى يتبيَّن لكم
(1)
أخرجه ابن جرير 3/ 249، وابن أبي حاتم 1/ 318 مختصرًا.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة 1/ 333.
(3)
أخرجه ابن جرير 3/ 248.
(4)
أخرجه ابن جرير 3/ 249.
(5)
أخرجه ابن جرير 3/ 249.
(6)
تفسير مقاتل بن سليمان 1/ 164.
الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر}، قال: الخيط الأبيض: الذي يكون من تحت الليل، يكشف الليل. والأسود: ما فوقه. {منَ الفجر} قال: ذلك الخيط الأبيضُ هو من الفجر نسبةً إليه، وليس الفجر كله، فإذا جاء هذا الخيط -وهو أوّله- فقد حلَّت الصلاةُ، وحَرُم الطعام والشراب على الصائم
(1)
[663]. (ز)
[663] رجَّحَ ابنُ جرير (3/ 260 - 261 بتصرف) قولَ السُّدِّيِّ، وابن زيد، ومَن قال بقولهما، مستندًا إلى السنة، ولغة العرب، فقال:«وأَوْلى التأويلين بالآية التأويلُ الذي رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «الخيط الأبيض: بياض النهار، والخيط الأسود: سوادُ الليل» . وهو المعروف في كلام العرب. وأما قوله: {من الفجر} فإنه -تعالى ذكره- يعني: حتى يتبين لكم الخيطُ الأبيضُ من الخيط الأسود الذي هو من الفجر، وليس ذلك هوَ جميعَ الفجر، ولكنه إذا تبيَّن من الفجر -ذلك الخيط الأبيض الذي يكون من تحت الليل الذي فوقه سواد الليل- فمن حينئذ فصُوموا، ثم أتِمُّوا صيامكم من ذلك إلى الليل. وأما الأخبارُ التي رويتْ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه شرب أو تسحَّر، ثم خرج إلى الصلاة؛ فإنه غير دافع صحّةَ ما قلنا في ذلك؛ لأنه غير مستنكر أن يكون صلى الله عليه وسلم شَرب قبل الفجر ثم خرج إلى الصلاة؛ إذ كانت الصلاةُ -صلاة الفجر- هي على عهده كانت تُصلى بعد ما يطلع الفجر ويتبيَّن طلوعه، ويؤذَّن لها قبل طلوعه. وأما الخبر الذي رُوي عن حذيفة: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يتسحّر وأنا أرى مَواقعَ النَّبل. فإنه قد استُثبتَ فيه، فقيل له: أبعد الصبح؟ فلم يُجِب في ذلك بأنه كان بعد الصبح، ولكنه قال: هو الصبح. وذلك من قوله يُحتمل أن يكون معناهُ: هو الصبح لقربه منه، وإن لم يكن هو بعينه، كما تقول العرب:» هذا فلان «شبهًا، وهي تشير إلى غير الذي سمَّته، فتقول:» هو هو «تشبيهًا منها له به، فكذلك قول حذيفة: هو الصبح، معناه: هو الصبح شبهًا به وقربًا منه. وفي قوله -تعالى ذِكْرُه-: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيضُ من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيامَ إلى الليل} أوضحُ الدلالة على خطأ قول من قال: حلالٌ الأكلُ والشربُ لِمَن أراد الصومَ إلى طلوع الشمس؛ لأن الخيط الأبيض من الفجر يتبين عند ابتداء طلوع أوائل الفجر» .
ووافقه ابنُ عطية (1/ 452) مشيرًا إلى أنه قول جميع العلماء.
وقال ابنُ كثير (2/ 201) فيمن يقول الإمساك من طلوع الشمس: «وهذا القول ما أظُنُّ أحدًا من أهل العلم يستَقِرُّ له قدم عليه؛ لمخالفته نص القرآن في قوله: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر}» .
_________
(1)
أخرجه ابن جرير 3/ 261.