الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأحَلَّ، وعليه الحج عامًا قابِلًا، فإن هو لم يَصِل إلى البيت حتى يرجع إلى أهله فعليه عمرة، وحَجَّة، وهديٌ. قال قتادة: والمُتْعَة التي لا يَتَعاجَمُ
(1)
الناسُ فيها أنّ أصلها كان هكذا
(2)
. (ز)
6472 -
عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- قوله: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي} ، أمّا المتعة: فالرَّجُلُ يُحْرِم بحجة، ثم يهدمها بعمرة. وقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسلمين حاجًّا، حتى إذا أتوا مكة قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:«مَن أحَبَّ منكم أن يَحِلَّ فَلْيَحِلَّ» . قالوا: فما لك، يا رسول الله؟ قال:«أنا معي هدي»
(3)
. (ز)
6473 -
قال مقاتل بن سليمان: {فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج} يقول: وهو يريد الحج، فإن دخل مكة وهو محرم بعمرة في غُرَّة شوال، أو ذي القعدة، أو في عشر من ذي الحجة {فما استيسر من الهدي} يعني: شاة فما فوقها، يذبحها، فيأكل منها، ويُطْعِم
(4)
. (ز)
من أحكام الآية:
6474 -
عن ابن عمر، قال: تَمَتَّع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوادع بالعمرة إلى الحج، وأهدى، فساق معه الهَدْيَ من ذي الحُلَيْفَة، وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأَهَلَّ بالعمرة، ثم أهَلَّ بالحج، فتَمَتَّع الناسُ مع النبي صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج، فكان من الناس مَن أهْدى فساق الهَدْيَ، ومنهم من لم يُهْدِ، فلَمّا قَدِم النبي صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ قال للناس:«مَن منكم أهْدى فإنه لا يَحِلُّ لشيء حَرُمَ منه حتى يقضي حَجَّه، ومن لم يكن أهْدى فلْيَطُفْ بالبيت، وبالصفا والمروة، ولْيُقَصِّرْ ولْيَحْلِلْ، ثم لْيُهِلَّ بالحج، فمن لم يجد هَدْيًا فلْيَصُم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله»
(5)
. (2/ 366)
6475 -
عن عمران بن حُصَيْن، قال: نزلت آيةُ المتعة في كتاب الله، وفعَلناها مع
(1)
لا يتعاجم: لا يكني ويوري. لسان العرب (عجم).
(2)
أخرجه ابن جرير 3/ 414.
(3)
أخرجه ابن جرير 3/ 415.
(4)
تفسير مقاتل بن سليمان 1/ 172.
(5)
أخرجه البخاري 2/ 167 - 168 (1691)، ومسلم 2/ 901 (1227).
رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم لم تَنزِلْ آيةٌ تنسخ آيةَ متعة الحج، ولم يَنْهَ عنها حتى مات، قال رجلٌ برأيه ما شاء
(1)
. (2/ 367)
6476 -
عن أبي نَضْرَة، قال: كان ابنُ عباس يأمُرُ بالمتعة، وكان ابنُ الزبير ينهى عنها، فذكرتُ ذلك لجابر بن عبد الله، فقال: على يَدَيَّ دار الحديث، تمتَّعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلمّا قام عمر قال: إنّ الله كان يُحِلُّ لرسوله صلى الله عليه وسلم ما شاء بما شاء، وإنّ القرآن قد نزل منازله، فأتِمُّوا الحجَّ والعمرة كما أمركم الله، وافصِلُوا حجَّكم عن عمرتكم، فإنه أتمُّ لحجِّكم وأتمُّ لعمرتِكم
(2)
. (2/ 367)
6477 -
عن أبي موسى، قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالبَطْحاء، فقال:«بِمَ أهللتَ؟» . قلت: أهللتُ بإهلال النبي صلى الله عليه وسلم. قال: «هل سُقتَ من هَدْيٍ؟» . قلتُ: لا. قال: «طُفْ بالبيت، وبالصفا والمروة، ثم حِلَّ» . فطُفت بالبيت، وبالصفا والمروة، ثم أتَيتُ امرأةً من قومي فمَشَّطَتْنِي، وغَسَلَتْ رأسي، فكنتُ أُفْتِي الناس بذلك في إمارة أبي بكر وإمارة عمر، فإنِّي لَقائِمٌ بالموسم إذْ جاءني رجلٌ، فقال: إنّك لا تدري ما أحدثَ أميرُ المؤمنين في شأن النُّسُك. فقلت: أيُّها الناس، مَن كُنّا أفتيناه بشيء فلْيَتَّئِدْ، فهذا أمير المؤمنين قادمٌ عليكم، فبه فائْتَمُّوا. فلما قدِم قلتُ: يا أمير المؤمنين، ما هذا الذي أحدثتَ في شأن النُّسُك؟ قال: إن نأخُذْ بكتاب الله فإنّ الله قال: {وأتموا الحج والعمرة لله} ، وإن نأخُذْ بسنة نبينا فإنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يَحِلَّ حتى نحر الهَدْيَ
(3)
. (2/ 367)
6478 -
عن محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن عبد المطلب، أنّه سمع سعد بن أبي وقاص =
6479 -
والضحاك بن قيس عام حج معاوية بن أبي سفيان وهما يذكران التمتع بالعمرة إلى الحج، فقال الضحاك: لا يصنع ذلك إلّا مَن جَهِل أمر الله. فقال سعد: بئس ما قلتَ يا ابن أخي. =
6480 -
فقال الضحاك: فإنّ عمر بن الخطاب قد نهى عن ذلك. فقال: سعد: قد صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصنعناها معه
(4)
. (ز)
(1)
أخرجه البخاري 2/ 144 (1571)، ومسلم 2/ 901 (1226). وعزاه السيوطي إلى ابن أبي شيبة.
(2)
أخرجه مسلم 2/ 901 (1217).
(3)
أخرجه البخاري 2/ 140 - 141 (1559)، 2/ 173 - 174 (1724)، 3/ 6 - 7 (1795)، ومسلم 2/ 894 - 895 (1221).
(4)
أخرجه ابن أبي حاتم 1/ 341 (1792).
6481 -
عن الحسن: أنّ عمر بن الخطاب هَمَّ أن ينهى عن مُتْعَةِ الحَجِّ =
6482 -
فقام إليه أُبَيُّ بن كعب، فقال: ليس ذلك لك، قد نزل بها كتاب الله، واعتمرناها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فترك عمر
(1)
[706]. (2/ 368)
6483 -
عن عبد الله بن شقيق، قال: كان عثمان ينهى عن المتعة. =
6484 -
وكان عليٌّ يأمر بها، فقال عثمان لعليٍّ كلمةً، فقال عليٌّ: لقد عَلِمتَ أنّا قد تمتَّعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: أجلْ، ولكنّا كُنّا خائفين
(2)
. (2/ 368)
6485 -
عن عثمان بن عفان، أنّه سُئِل عن المتعة في الحجِّ. فقال: كانت لنا، ليست لكم
(3)
. (2/ 368)
6486 -
عن أبي ذرٍّ، قال: كانت المتعة في الحج لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصَّةً
(4)
. (2/ 369)
6487 -
عن أبي ذرٍّ، قال: لا تصلح المتعتان إلا لنا خاصة. يعني: متعة النساء، ومتعة الحج
(5)
. (2/ 369)
6488 -
عن سعيد بن المسيب، قال: اختلف عليٌّ =
6489 -
وعثمان وهما بعُسْفان في المتعة، فقال علي: ما تريد إلا أن تنهى عن أمرٍ فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فلمّا رأى ذلك عليٌّ أهَلَّ بهما جميعًا
(6)
. (2/ 369)
[706] علَّق ابنُ تيمية (1/ 470 - 472) على ما جاء عن عمر من نهيه عن التمتع، ومخالفته غيره من الصحابة، بما مفاده الآتي: أولًا: أنّ أهل السنة متفقون على أنّ كل واحد من الناس يُؤخذ من قوله ويُترك، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثانيًا: الصحيح أنّ عمر لم يُحَرِّم متعة الحج، وإنما أراد أن يوجه الناس إلى الأفضل، وهو الاعتمار في غير أشهر الحج؛ حتى لا يَعْرى البيتُ طولَ السنة، فإذا أفردوا الحج اعتمروا في سائر السنة، وقد ثبت عنه أنه قال: لو حَجَجْتُ لَتَمَتَّعْتُ، ولو حَجَجْتُ لَتَمَتَّعْتُ".
وبنحو الأخير منه قال ابنُ كثير (1/ 538).
_________
(1)
أخرجه أحمد 5/ 142 - 143، وإسحاق بن راهويه في مسنده -كما في المطالب العالية (1252) -.
(2)
أخرجه مسلم (1223).
(3)
أخرجه إسحاق بن راهويه -كما في المطالب العالية (1245) -.
(4)
أخرجه ابن أبي شيبة (القسم الأول من الجزء الرابع) ص 229، 4/ 103، ومسلم (1224/ 160).
(5)
أخرجه مسلم (1224).
(6)
أخرجه البخاري (1569)، ومسلم (1223).
6490 -
عن أبي جَمْرَة، قال: سألت ابن عباس عن المتعة. فأمرني بها، وسألته عن الهَدْي. فقال: فيها جَزُور، أو بقرة، أو شاة، أو شِرْكٌ في دم. قال: وكأنّ ناسًا كرهوها. فنِمتُ، فرأيتُ في المنام كأنّ إنسانًا يُنادِي: حجٌّ مبرورٌ، ومتعة مُتَقَبَّلةٌ. فأتيت ابن عباس، فحدَّثتُه، فقال: الله أكبر، سُنَّة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم
(1)
. (2/ 369)
6491 -
عن جابر -من طريق مجاهد، وعطاء- قال: كثُرَت القالَةُ من الناس، فخرجنا حُجّاجًا، حتى إذا لم يكن بيننا وبين أن نَحِلَّ إلا ليال قلائل أُمرنا بالإحلال، فقلنا: أيروح أحدُنا إلى عرفة وفرجُه يَقْطُرُ مَنِيًّا؟ فبلغ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقام خطيبًا، فقال:«أباللهِ تُعَلِّموني أيُّها الناس؟! فأنا -والله- أعلمُكم بالله، وأتقاكم له، ولو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ ما سُقْتُ هديًا، ولَحَلَلْتُ كما أحَلُّوا، فمن لم يكن معه هَدْيٌ فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعةً إذا رجع إلى أهله، ومَن وجد هديًا فلْيَنْحَرْ» . فكُنّا نَنْحَرُ الجَزُور عن سبعة. قال عطاء: قال ابن عباس: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم يومئذٍ في أصحابه غَنَمًا، فأصاب سعدَ بن أبي وقاص تيسٌ، فذبحه عن نفسه
(2)
. (2/ 369)
6492 -
عن ابن عمر، قال: لَأَنْ أعتمر قبل الحج وأُهْدِي أحبُّ إلَيَّ مِن أنْ أعتمر بعد الحج في ذي الحجة
(3)
[707]. (2/ 370)
واستدلَّ ابنُ كثير (1/ 538) على شرعية التمتع من السنة، وأقوال الصحابة، بما رُوِي عن أبي هريرة: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذبح بقرةً عن نسائه، وكُنَّ متمتعاتٍ، وبما جاء في الصحيحين عن عمران بن حصين: نزلت آيةُ المتعة في كتاب الله".
_________
(1)
أخرجه البخاري (1567، 1688)، ومسلم (1242).
(2)
أخرجه ابن خزيمة 4/ 506، 507 (2926، 2927)، والحاكم 1/ 647 (1742).
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح، على شرط مسلم، ولم يخرجاه» .
(3)
أخرجه مالك 1/ 344.