الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم صارت سُنَّة بعد في جميع الدين، ليس لأحد خيار على قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكمه {ومَن يَعْصِ اللَّهَ ورَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا} بيِّنًا
(1)
. (ز)
آثار متعلقة بالآية:
62264 -
عن طاووس: أنّه سأل ابن عباس عن ركعتين بعد العصر. فنهاه، وقال ابن عباس:«وما كانَ لِمُؤْمِنٍ ولا مُؤْمِنَةٍ إذا قَضى اللَّهُ ورَسُولُهُ أمْرًا أنْ تَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِن أمْرِهِمْ»
(2)
. (12/ 51)
{وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا
(37)}
نزول الآية:
62265 -
عن أنس بن مالك -من طريق ثابت- أن هذه الآية: {وتُخْفِي فِي نَفْسِكَ ما اللَّهُ مُبْدِيهِ} نزلت في شأن زينب بنت جحش، وزيد بن حارثة
(3)
. (12/ 51)
62266 -
عن أنس بن مالك -من طريق ثابت- قال: جاء زيد بن حارثة يشكو زينبَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«اتقِ الله، وأمسك عليك زوجك» . فنزلت: {وتُخْفِي فِي نَفْسِكَ ما اللَّهُ مُبْدِيهِ} . قال أنس: فلو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتمًا شيئًا لكتم هذه الآية، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما أوْلمَ على امرأة من نسائه ما أوْلمَ عليها؛ ذبح شاة، {فَلَمّا قَضى زَيْدٌ مِنها وطَرًا زَوَّجْناكَها} فكانت تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: زوَّجكُنَّ أهاليكُنَّ، وزوَّجني الله من فوق سبع سموات
(4)
. (12/ 52)
62267 -
عن عكرمة مولى ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى زيد بن حارثة في
(1)
تفسير يحي بن سلام 2/ 720 - 721.
(2)
أخرجه عبد الرزاق (3975)، والبيهقي في سننه 2/ 453. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم، وابن مردويه. وقرأ «تكُونَ» بالتاء نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن ذكوان عن ابن عامر وأبو جعفر ويعقوب. وقرأ الباقون {يكون} بالياء، ينظر: النشر 2/ 261.
(3)
أخرجه البخاري 6/ 117 (4787).
(4)
أخرجه البخاري 9/ 124 - 125 (7420).
الجاهلية من عكاظ على امرأته خديجة، فاتَّخذه ولدًا، فلمّا بعث اللهُ نبيَّه مكث ما شاء الله أن يمكث، ثم أراد أن يزوِّجه زينب بنت جحش، فكرهت ذلك؛ فأنزل الله:{وما كانَ لِمُؤْمِنٍ ولا مُؤْمِنَةٍ إذا قَضى اللَّهُ ورَسُولُهُ أمْرًا أنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِن أمْرِهِمْ} . فقيل لها: إن شئتِ الله ورسوله، وإن شئتِ ضلالًا مبينًا. قالت: بل الله ورسوله. فزوَّجه رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، فمكث ما شاء الله أن يمكث، ثم إنّ النبي صلى الله عليه وسلم دخل يومًا بيت زيد فرآها وهي بنت عمته، فكأنها وقعت في نفسه. قال عكرمة: فأنزل الله: {وإذْ تَقُولُ لِلَّذِي أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ واتَّقِ اللَّهَ وتُخْفِي فِي نَفْسِكَ ما اللَّهُ مُبْدِيهِ وتَخْشى النّاسَ واللَّهُ أحَقُّ أنْ تَخْشاهُ}
(1)
. (12/ 60)
62268 -
عن عامر الشعبي -من طريق أبي سلمة الهمذاني- قال: مرض زيد بن حارثة، فذهب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده، وزينب ابنةُ جحش امرأتُه جالسة عند رأس زيد، فقامت زينب لبعض شأنها، فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم طأطأ رأسه، فقال:«سبحان الله مقلب القلوب والأبصار» . فقال زيد: أُطَلِّقها لك، يا رسول الله؟ فقال:«لا» . فأنزل الله عز وجل: {وإذا تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه} إلى قوله: {وكان أمر الله مفعولا}
(2)
. (ز)
62269 -
عن قتادة بن دعامة -من طريق معمر- في قوله: {وإذْ تَقُولُ لِلَّذِي أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ} ، قال: جاء زيد بن حارثة فقال: يا نبيَّ الله، إنّ زينب قد اشتد عَلَيَّ لسانها، وأنا أريد أن أطلقها. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:«اتق الله، وأمسك عليك زوجك» . قال: والنبي صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ أن يُطَلِّقها، ويخشى قالَةَ الناس إن أمره بطلاقها؛ فأنزل الله:{وتُخْفِي فِي نَفْسِكَ ما اللَّهُ مُبْدِيهِ}
(3)
. (12/ 56)
62270 -
عن محمد بن يحيى بن حبان، قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت زيد بن حارثة يطلبه، وكان زيد إنما يقال له: زيد بن محمد، فربما فقده رسول الله صلى الله عليه وسلم الساعة، فيقول:«أين زيد؟» . فجاء منزله يطلبه، فلم يجده، وتقوم إليه زينب بنت جحش فُضُلًا
(4)
، فأعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، فقالت: ليس هو هاهنا، يا
(1)
عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وقد تقدم قريبًا.
(2)
أخرجه ابن إسحاق في سيرته ص 244.
(3)
أخرجه عبد الرزاق 2/ 117 - 118، وابن جرير 19/ 115 - 119 بنحوه من طريق سعيد، والطبراني 24/ 41 - 42 (113، 114، 115). وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن أبي حاتم.
(4)
فضلًا: متبذلة في ثياب مهنتها. النهاية (فضل).
رسول الله، فادخل. فأبى أن يدخل، فأعجبتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فولّى وهو يُهَمْهِم بشيء لا يكاد يُفهم منه إلا ربما أعلن:«سبحان الله العظيم، سبحان مصرِّف القلوب» . فجاء زيد إلى منزله، فأخبرته امرأته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى منزله، فقال زيد: ألا قلتِ له أن يدخل! قالت: قد عرضتُ ذلك عليه، فأبى. قال: فسمعتِ شيئًا؟ قالت: سمعتُه حين ولّى تكلَّم بكلام ولا أفهمه، وسمعتُه يقول:«سبحان الله العظيم، سبحان مصرِّف القلوب» . فجاء زيد حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، بلغني أنك جئت منزلي، فهلّا دخلتَ يا رسول الله! لعل زينب أعجبتكَ، فأفارقها؟ فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:{أمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} . فما استطاع زيد إليها سبيلًا بعد ذلك اليوم، فيأتي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فيخبره، فيقول:{أمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} . ففارقها زيد واعتزلها، وانقضت عدتها، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس يتحدث مع عائشة إذ أخذته غَشْيَة، فسُرِّي عنه، وهو يبتسم، ويقول:«مَن يذهب إلى زينب يبشرها أنّ الله زوَّجَنِيها مِن السماء؟» . وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وإذْ تَقُولُ لِلَّذِي أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} القصة كلها. قالت عائشة: فأخذني ما قَرُب وما بَعُد لِما يبلغنا مِن جمالها، وأخرى هي أعظم الأمور وأشرفها؛ زوّجها الله من السماء. وقلتُ: هي تفخر علينا بهذا
(1)
. (12/ 53)
62271 -
عن إسماعيل السُّدِّيّ، في قوله:{وإذْ تَقُولُ لِلَّذِي أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} الآية، قال: بلغنا: أن هذه الآية أُنزلت في زينب بنت جحش، وكانت أمها أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأراد أن يزوِّجها زيد بن حارثة، فكرهتْ ذلك، ثم إنها رضيتْ بما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فزوَّجها إياه، ثم أعلم الله نبيه بعد أنها مِن أزواجه، فكان يستحي أن يأمر زيد بن حارثة بطلاقها، وكان لا يزال يكون بين زيد وزينب بعض ما يكون بين الناس، فيأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمسك عليه زوجه، وأن يتقي الله، وكان يخشى الناس أن يعيبوا عليه؛ أن يقولوا: تزوج امرأة ابنه. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تبنّى زيدًا
(2)
. (12/ 60)
62272 -
قال محمد بن السائب الكلبي: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى زينب زائرًا، فأبصرها قائمةً، فأعجبته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«سبحان الله مقلب القلوب» . فرأى
(1)
أخرجه ابن سعد 8/ 101 - 102، والحاكم 4/ 23 - 24.
قال الزيلعي في تخريج الكشاف (3/ 111): «غريب بهذا اللفظ» .
(2)
عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.
زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد هويها، فقال: يا رسول الله، ائذن لي في طلاقها، فإن فيها كِبرًا، وإنها تؤذيني بلسانها. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«اتَّق الله، وأمسك عليك زوجك» . فأمسكها زيد ما شاء الله، ثم طلَّقها، فلما انقضت عدتها أنزل الله نكاحَها رسول الله صلى الله عليه وسلم من السماء، فقال:{وإذْ تَقُولُ لِلَّذِي أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} إلى قوله: {فَلَمّا قَضى زَيْدٌ مِنها وطَرًا زَوَّجْناكَها} ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك زيدًا، فقال: ائتِ زينب، فأخبرها أنّ الله قد زوَّجنيها. فانطلق زيد، فاستفتح الباب، فقيل: مَن هذا؟ قال: زيد. قالت: وما حاجة زيد إلَيَّ وقد طلَّقني؟! فقال: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلني. فقالت: مرحبًا برسول رسول الله صلى الله عليه وسلم -ز. ففتح له الباب، فدخل عليها وهي تبكي، فقال زيد: لا يُبكِ الله عينك، قد كنتِ نعمت المرأة -أو قال: الزوجة-، إن كنتِ لتبرِّين قسمي، وتطيعين أمري، وتتبعين مسرتي، فقد أبدلكِ الله خيرًا مني. قالت: مَن، لا أبا لك؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم. فخرَّت ساجدة
(1)
. (ز)
62273 -
قال مقاتل بن سليمان: ثم إنّ النبي صلى الله عليه وسلم أتى زيدًا، فأبصر زينب قائمة، وكانت حسناء بيضاء مِن أتم نساء قريش، فهويها النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:«سبحان الله مقلب القلوب» . ففطِن زيد، فقال: يا رسول الله، ائذن لي في طلاقها؛ فإن فيها كِبرًا، تعظَّم
(2)
عليَّ، وتؤذيني بلسانها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:{أمسك عليك زوجك، واتق الله} . ثم إن زيدًا طلَّقها بعد ذلك؛ فأنزل الله عز وجل: {وإذْ تَقُولُ لِلَّذِي أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ}
(3)
. (ز)
62274 -
قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب-: كان النبي صلى الله عليه وسلم قد زوَّج زيد بن حارثة زينبَ بنت جحش ابنة عمته، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا يريده، وعلى الباب سِتر من شعر، فرفعت الريح السِّتر، فانكشف، وهي في حُجرتها حاسرة، فوقع إعجابها في قلب النبي صلى الله عليه وسلم؛ فلمّا وقع ذلك كُرِّهتْ إلى الآخر، فجاء، فقال: يا رسول الله، إني أريد أن أفارق صاحبتي. قال:«مالكَ، أرابكَ منها شيء؟» . قال: لا، واللهِ، ما رابني منها شيء، يا رسول الله، ولا رأيتُ إلا خيرًا. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:{أمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ واتَّقِ اللَّهَ} . فذلك قول الله تعالى: {وإذْ تَقُولُ لِلَّذِي أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ واتَّقِ اللَّهَ وتُخْفِي فِي نَفْسِكَ ما
(1)
علقه يحيى بن سلّام 2/ 721 - 722.
(2)
تعظَّم: تكبَّر. القاموس (عظم).
(3)
تفسير مقاتل بن سليمان 3/ 493 - 494.