الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُوحِي إلَيَّ رَبِّي إنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ}، أي: فأنتم الضالون، وأنا على الهدى، وهو نحو قوله:{وإنّا أوْ إيّاكُمْ لَعَلى هُدًى أوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [سبأ: 24]
(1)
. (ز)
{وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ
(51)}
نزول الآية:
63677 -
عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- {ولَوْ تَرى إذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ} ، قال: هؤلاء قتلى المشركين من أهل بدر، نزلت فيهم هذه الآية. قال: وهم الذين بدَّلوا نعمة الله كفرًا، وأحلَّوا قومهم دار البوار جهنم، أهل بدر من المشركين
(2)
. (12/ 231)
تفسير الآية:
63678 -
عن حذيفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يُبعَثُ ناسٌ إلى المدينة، حتى إذا كانوا ببيداء بَعَثَ اللهُ عليهم جبريل، فضربهم برجله ضربة، فيخسف الله بهم، فذلك قوله: {ولَوْ تَرى إذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وأُخِذُوا مِن مَكانٍ قَرِيبٍ}»
(3)
. (12/ 233)
63679 -
عن حذيفة بن اليمان، قال: ذَكَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فتنةً تكون بين أهل المشرق والمغرب، قال: «فبينما هم كذلك إذ خرج عليهم السفيانِيُّ مِن الوادي اليابس، في فورة
(4)
ذلك، حتى ينزل دمشق، فيبعث جيشين؛ جيشًا إلى المشرق، وجيشًا إلى المدينة، حتى ينزلوا بأرض بابل في المدينة الملعونة والبقعة الخبيثة، فيقتلون أكثر من ثلاثة آلاف، ويبقُرون بها أكثر مِن مائة امرأة، ويقتلون بها ثلاثمائة كبش
(5)
من بني العباس، ثم ينحدرون إلى الكوفة فيُخرّبون ما حولها، ثم يخرجون متوجهين إلى الشام، فتخرج رايةُ هدًى مِن الكوفة، فتلحق ذلك الجيش منها على ليلتين فيقتلونهم، لا يُفلت منهم مخبر، ويستنقذون ما في أيديهم مِن السبي والغنائم،
(1)
تفسير يحيى بن سلام 2/ 770.
(2)
أخرجه ابن جرير 19/ 309. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.
(3)
عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.
(4)
فَوْرَةُ كلِّ شيء: أوّلهُ. أي: يخرج عليهم في أول خروجه. وفَوْر الشيء: وِجْهَتُهُ، أي: يأتيهم من وجهته. والفَوْرَة: الغليان والاضطراب، أي: يخرج أثناء قتالهم والتحامهم. اللسان (فور).
(5)
كبش القوم: سيدهم ورئيسهم. اللسان (كبش).
ويُخَلِّي جيشه الثاني بالمدينة، فينتهبونها ثلاثة أيام ولياليها، ثم يخرجون متوجهين إلى مكة، حتى إذا كانوا بالبيداء بعث الله جبريلَ، فيقول: يا جبريل، اذهب فأَبِدهم. فيضربها برجله ضربةً يخسف الله بهم، فذلك قوله عز وجل في سورة سبأ:{ولَوْ تَرى إذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ} الآية. فلا ينفلت منهم إلا رجلان؛ أحدهما بشير، والأخر نذير، وهما من جهينة». فلذلك جاء القول: وعند جهينة الخبر اليقين
(1)
. (12/ 239)
63680 -
عن علي -من طريق أبي رومان- قال: إذا نزل جيشٌ في طَلَب الذين خرجوا إلى مكة، فنزلوا البيداء؛ خُسِف بهم، ويُباد بهم، وهو قوله عز وجل:{ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأُخذوا من مكانٍ قريب} من تحت أقدامهم، ويخرج رجل من الجيش في طلب ناقةٍ له، ثم يرجع إلى الناس، فلا يجد منهم أحدًا، ولا يحس بهم، وهو الذي يُحَدِّثُ الناسَ بخبرهم
(2)
. (ز)
63681 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق علي- في قوله: {فَلا فَوْتَ} ، قال: فلا نجاة
(3)
. (12/ 233)
63682 -
عن عبد الله بن عباس، أنّه سُئِل عن قوله:{ولَوْ تَرى إذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وأُخِذُوا مِن مَكانٍ قَرِيبٍ} . قال: هو جيش السفياني. قيل: مِن أين أُخِذُوا؟ قال: من تحت أقدامهم
(4)
. (12/ 233)
63683 -
عن ابن مَعْقل -من طريق عطاء بن السائب- {ولَوْ تَرى إذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ} ، قال: أفزعهم فلم يفوتوه
(5)
. (12/ 234)
(1)
أخرجه ابن جرير 19/ 310 - 311، والثعلبي 8/ 95.
قال ابن كثير في تفسيره 6/ 528: «ثم أورد -أي: ابن جرير- في ذلك حديثًا موضوعًا بالكلية، ثم لم ينبّه على ذلك، وهذا أمر عجيب غريب منه» . وقال الألباني في الضعيفة 14/ 125 - 126 (6552): «موضوع» .
(2)
أخرجه نعيم بن حماد في كتاب الفتن 1/ 329.
(3)
أخرجه ابن جرير 19/ 313، وابن أبي حاتم -كما في الإتقان 2/ 38 - . وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(4)
عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.
(5)
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (ت: محمد عوامة) 18/ 510 (35312)، 19/ 283 (36048)، وابن جرير 19/ 313 بهذا اللفظ. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد بلفظ: أُخذوا فلم يفوتوا. وأطلق صاحب الأثر: أبا معقل! وهو عبد الله بن معقل بن مقرن المزني، والمشهور أن كنيته أبو الوليد، توفي عام 88 هـ.
63684 -
عن سعيد بن المسيب -من طريق جعفر- في قوله: {ولَوْ تَرى إذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ} ، قال: هم الجيش الذي يُخسَف بهم بالبيداء، يبقى منهم رجل يُخْبِرُ الناسَ بما لقي أصحابُه
(1)
. (ز)
63685 -
عن مجاهد بن جبر، في قوله:{ولَوْ تَرى إذْ فَزِعُوا} قال: يوم القيامة، {فَلا فَوْتَ} فلم يفوتوا ربك
(2)
. (12/ 232)
63686 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن جريج- {وأُخِذُوا مِن مَكانٍ قَرِيبٍ} ، قال: من تحت أقدامهم
(3)
[5349]. (ز)
63687 -
عن الضحاك بن مزاحم، {ولَوْ تَرى إذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ} ، قال: هو يوم بدر
(4)
. (12/ 233)
63688 -
عن زيد بن أسلم، مثله
(5)
. (12/ 233)
63689 -
عن الضحاك بن مُزاحِم -من طريق جُوَيْبِر- في قوله: {ولَوْ تَرى إذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ} ، قال: لا هَرَبَ
(6)
. (ز)
63690 -
عن الضحاك بن مُزاحِم -من طريق عبيد- في قوله: {وأُخِذُوا مِن مَكانٍ قَرِيبٍ} ، قال: هذا عذاب الدُّنيا
(7)
. (ز)
63691 -
عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى -من طريق جعفر بن أبي المغيرة- {ولَوْ تَرى إذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ} ، قال: خُسِف بالبيداء
(8)
. (ز)
[5349] ذكر ابنُ عطية (7/ 196) أنّ قوله تعالى: {وأُخِذُوا مِن مَكانٍ قَرِيبٍ} «معناه: أنهم للقدرة قريب حيث كانوا» . ثم ذكر قول مجاهد من طريق ابن جريج، ووجَّهه بقوله:«وهذا يتوجَّه على بعض الأقوال» . ثم علَّق بقوله: «والذي يعُمُّ جميعها أن يقال: إن الأخذ يجيئهم مِن قرب في طمأنينتهم، بينا الكافر يؤمِّل ويَظُنُّ ويترجّى إذ غشيه الأخذ، ومن غشيه أُخذ من قريب، فلا حيلة له ولا رويَّة» .
_________
(1)
أخرجه ابن جرير 19/ 310.
(2)
أخرج شطره الأول عبد الله بن وهب -من طريق القاسم بن نافع- في الجامع -تفسير القرآن 1/ 11 (19). وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.
(3)
أخرجه ابن أبي الدنيا في الأهوال 6/ 198 (148).
(4)
عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(5)
عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(6)
أخرجه ابن جرير 19/ 314.
(7)
أخرجه ابن جرير 19/ 309.
(8)
أخرجه الثعلبي 8/ 94.
63692 -
عن الحسن البصري -من طريق قتادة- في قوله: {ولَوْ تَرى إذْ فَزِعُوا} ، قال: فزعوا يوم القيامة حين خرجوا مِن قبورهم
(1)
. (12/ 232)
63693 -
عن الحسن البصري -من طريق عمرو-: {ولَوْ تَرى إذْ فَزِعُوا} ، يعني: النفخة الأولى التي يُهلِك اللهُ بها كفارَ آخرِ هذه الأمة
(2)
. (ز)
63694 -
قال الحسن البصري، في قوله:{وأُخِذُوا مِن مَكانٍ قَرِيبٍ} : وأيُّ شيءٍ أقربُ مِن أن كانوا في بطن الأرض فإذا هم على ظهرها!
(3)
. (ز)
63695 -
عن عطية بن سعد العوفي، في قوله:{ولَوْ تَرى إذْ فَزِعُوا} ، قال: قوم خُسِف بهم؛ أُخذوا من تحت أقدامهم
(4)
. (12/ 233)
63696 -
عن بلال بن سعد -من طريق الأوزاعي- في قوله تعالى: {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت} ، قال: فزعوا، فَجالُوا جَوْلة، فلا فوت
(5)
. (ز)
63697 -
عن الأوزاعي، قال: سمعتُ بلال بن سعد يقول في قوله تعالى: {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت} ، قال: ذلك قوله تعالى: {يقول الإنسان يومئذ أين المفر} [القيامة: 10]
(6)
. (ز)
63698 -
عن قتادة بن دعامة، {ولَوْ تَرى إذْ فَزِعُوا} ، قال: في الدنيا، عند الموت، حين عاينوا الملائكة، ورأوا بأسَ الله
(7)
. (12/ 232)
63699 -
عن إسماعيل السُّدِّيّ، في قوله:{ولَوْ تَرى إذْ فَزِعُوا} ، قال: هذا يوم بدر حين ضُرِبَت أعناقُهم، فعاينوا العذابَ، فلم يستطيعوا فِرارًا من العذاب، ولا رجوعًا إلى التوبة
(8)
. (12/ 232)
63700 -
قال مقاتل بن سليمان: {ولَوْ تَرى إذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ} ، يقول: إذا فزعوا
(1)
أخرجه ابن جرير 19/ 312. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم بلفظ: في القبور من الصيحة.
(2)
أخرجه يحيى بن سلام 2/ 770.
(3)
علقه يحيى بن سلام 2/ 770.
(4)
عزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(5)
أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء 5/ 227.
(6)
أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء 5/ 227.
(7)
أخرجه عبد الرزاق 2/ 133 من طريق معمر. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم. وأخرجه ابن أبي الدنيا في الأهوال 6/ 197 (147) من طريق سعيد بلفظ: حين عاينوا عذاب الله.
(8)
عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.
عند معاينة العذاب، نزلت في السفيانيِّ، وذلك أنّ السُّفْيانِيَّ يَبْعَثُ ثلاثين ألف رجل مِن الشام مقاتلة إلى الحجاز، عليهم رجل اسمه: بحير بن بجيلة، فإذا انتهوا إلى البيداء خُسِف بهم، فلا ينجو منهم أحدٌ غير رجل مِن جهينة اسمه: ناجية، يفلت وحده، مقلوب وجهُه وراءَ ظهره، يرجع القهقرى، فيخبر الناس بما لقي أصحابُه، {وأُخِذُوا مِن مَكانٍ قَرِيبٍ} مِن تحت أرجلهم
(1)
. (ز)
63701 -
عن سفيان بن عيينة -من طريق بن أبي عمر- في قوله: {أخذوا من مكان قريب} ، قال: خُسِف بهم مِن تحت أرجلهم
(2)
. (ز)
63702 -
قال يحيى بن سلّام: {فَلا فَوْتَ} لا يفوت أحدٌ منهم دون أن يهلك بالعذاب، {وأُخِذُوا مِن مَكانٍ قَرِيبٍ} النفخة الآخرة. وبعضهم يقول:{وأُخِذُوا مِن مَكانٍ قَرِيبٍ} من تحت أرجلهم
(3)
[5350]. (ز)
[5350] اختُلِف في المعنيِّين بقوله تعالى: {ولَوْ تَرى إذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ} على ثلاثة أقوال: الأول: عُنِيَ بها المشركون عند نزول نقمة الله بهم في الدنيا. الثاني: عُنِيَ بذلك المشركون إذا فزعوا عند خروجهم من قبورهم. الثالث: عُنِيَ بذلك جيشٌ يُخْسَف به بِبَيْداء من الأرض.
ورجَّح ابنُ جرير (19/ 313) مستندًا إلى دلالة السياق القولَ الأول والثاني، فقال:«والذي هو أولى بالصواب في تأويل ذلك، وأشْبَهُ بما دلَّ عليه ظاهر التنزيل: قولُ مَن قال: ذلك وعيد الله المشركين الذين كذَّبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من قومه؛ لأنّ الآيات قبل هذه الآية بالإخبار عنهم وعن إساءتهم، وبوعيد الله إياهم مَضَتْ، وهذه الآية في سياق تلك الآيات، فَلأَن يكون ذلك خبرًا عن حالهم أشْبَه منه بأن يكون خبرًا عمّا لم يَجْرِ له ذِكْرٌ، وإذ كان ذلك كذلك فتأويل الكلام: ولو ترى -يا محمد- هؤلاء المشركين من قومك، فتُعاينُهُم حين فزِعوا من معايَنَتِهم عذاب الله {فَلا فَوْتَ}» .
ورجَّح ابنُ عطية (7/ 196) القول الثاني، وهو قول الحسن، بقوله:«وهذا أرجح الأقوال عندي» . ولم يذكر مستندًا، وانتقد القول الثالث قائلًا:«وهذا قول بعيد، وروي في هذا المعنى حديث مطوَّل عن حذيفة، وروى الطبري أنه ضعيف السند مكذوب فيه على ابن روّاد بن الجراح» .
وبنحوه ابنُ كثير (11/ 299 بتصرف)، فقال:«أورد ابن جرير في ذلك حديثًا موضوعًا بالكلية، ثم لم ينبِّه على ذلك، وهذا أمرٌ عجيبٌ غريبٌ منه» ، وذكر ابنُ كثير القول الأول والثاني وكذا القول بأنهم أخذوا من تحت أقدامهم، ثم رجَّح قائلًا:«والصحيح أن المراد بذلك يوم القيامة، وهو الطامة العظمى، وإن كان ما ذُكِر متصلًا بذلك» . ولم يذكر مستندًا.
_________
(1)
تفسير مقاتل بن سليمان 3/ 538 - 539.
(2)
أخرجه إسحاق البستي ص 158.
(3)
تفسير يحيى بن سلام 2/ 770 - 771.