الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير الآية:
{هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ}
62387 -
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قلتُ لجبريل: هل يصلي ربُّك؟ قال: نعم. قلتُ: وما صلاتُه؟ قال: سُبُّوحٌ قُدُّوس، تغلب رحمتي غضبي»
(1)
[5242]. (12/ 73)
62388 -
عن عبد الله بن الزبير: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أُسري به قال له جبريل: إنّ ربك يصلي. قال: «يا جبريل، كيف يصلي؟» . قال: يقول: سُبُّوح قدوس، رب الملائكة والروح، سبقت رحمتي غضبي
(2)
. (12/ 74)
62389 -
عن سليم بن عامر، قال: جاء رجل إلى أبي أمامة، فقال: إنِّي رأيتُ في منامي أنّ الملائكة تصلي عليك كلما دخلتَ، وكلما خرجتَ، وكلما قمتَ، وكلما جلستَ! قال: وأنتم لو شئتم صلَّتْ عليكم الملائكة. ثم قرأ: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وأَصِيلًا}
(3)
. (12/ 72)
62390 -
قال عبد الله بن عباس: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ ومَلائِكَتُهُ} ، قال:
[5242] علَّقَ ابنُ عطية (7/ 127) على هذا قائلًا: «اخْتُلِفَ في تأويل هذا القول؛ فقيل: إنه كله من كلام الله، وهي صلاته على عباده. وقيل:» سبوح قدوس «هو من كلام محمد صلى الله عليه وسلم، يُقدِّمه بين يدي نُطْقِه باللفظ الذي هو صلاة الله، وهو» رحمتي سبقت غضبي «، وقَدَّم عليه الصلاة والسلام هذا من حيث فهِم من السائل أن تَوَهَّم في صلاة الله تعالى على عباده وجهًا لا يليق بالله عز وجل، فقدَّم التنزيه لله، والتعظيم بين يدي إخباره» .
_________
(1)
أخرجه الطبراني في الأوسط 1/ 42 (114)، وفي الصغير 1/ 48 (43). وأورده الديلمي في الفردوس 3/ 226 (4663).
قال الهيثمي في المجمع 10/ 213 (17612): «رواه الطبراني في الصغير، والأوسط، ورجاله وُثِّقوا» . وقال الألباني في الضعيفة 3/ 570 (1386): «موضوع بهذا التمام» .
(2)
عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.
قال ابن عراق الكناني في تنزيه الشريعة 1/ 143، والسيوطي في اللالئ المصنوعة 1/ 27:«فيه سندل: عمر بن قيس المكي» .
قال ابن حجر في التقريب (4959) عن سندل: «متروك» .
(3)
أخرجه الحاكم 2/ 418، والبيهقي في الدلائل 7/ 25.
صلاة الله: الرحمة. وصلاة الملائكة: الاستغفار
(1)
. (ز)
62391 -
عن أبي العالية الرياحي، في قوله:{هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ ومَلائِكَتُهُ} ، قال: صلاة الله: ثناؤه. وصلاة الملائكة: الدعاء
(2)
. (12/ 72)
62392 -
عن سعيد بن جبير، في قوله:{هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ ومَلائِكَتُهُ} ، قال: الله يغفر لكم، وتستغفر لكم ملائكته
(3)
. (12/ 72)
62393 -
عن عكرمة مولى ابن عباس، قال:{هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ ومَلائِكَتُهُ} صلاة الرب: الرحمة. وصلاة الملائكة: الاستغفار
(4)
. (12/ 72)
62394 -
عن الحسن البصري -من طريق معمر- في قوله: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ} ، قال: إنّ بَنِي إسرائيل سألوا موسى: هل يصلي ربُّك؟ فكأنّ ذلك كَبُر في صدر موسى، فأوحى الله إليه: أخبِرْهم أنِّي أُصَلِّي، وأنّ صلاتي: إن رحمتي سبقت غضبي
(5)
. (12/ 73)
62395 -
عن شهر بن حوشب، {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ ومَلائِكَتُهُ} ، قال: قال بنو إسرائيل: يا موسى، سل لنا ربك: هل يصلي؟ فتعاظم ذلك عليه، فقال: يا موسى، ما يسألك قومُك؟ فأخبَرَه، قال: نعم، أخبرهم أنِّي أصلي، وأن صلاتي: إن رحمتي سبقت غضبي، ولولا ذلك لهلكوا
(6)
. (12/ 73)
62396 -
عن عطاء بن أبي رباح، في قوله:{هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ ومَلائِكَتُهُ} ، قال: صلاته على عباده: سُبُّوح قدوس، تغلب رحمتي غضبي
(7)
. (12/ 73)
62397 -
قال إسماعيل السُّدِّيّ: قالت بنو إسرائيل لموسى: أيُصَلِّي ربُّنا؟ فكَبُرَ هذا الكلامُ على موسى، فأوحى الله إليه أن قل لهم: إنِّي أصلي، وإن صلاتي رحمتي، وقد وسعت رحمتي كل شيء
(8)
. (ز)
(1)
علقه يحيى بن سلّام 2/ 725.
(2)
عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم، كذلك الحافظ في فتح الباري 8/ 533.
(3)
عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.
(4)
عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.
(5)
أخرجه عبد الرزاق 2/ 119. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم. كما أخرجه يحيى بن سلّام 2/ 725 من طريق أبي الأشهب بلفظ أوسع وفي آخره: فأخبرهم عني أني أصلي، وأن صلاتي عليهم: لتسبق رحمتي غضبي، ولولا ذلك لهلكوا.
(6)
عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(7)
عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.
(8)
تفسير الثعلبي 8/ 51، وتفسير البغوي 6/ 360.
62398 -
قال إسماعيل السُّدِّيّ: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ} يعني الله تبارك وتعالى: هو الذي يغفر لكم إذا أطعتموه. قال: {ومَلائِكَتُهُ} يعني: هو الذي يصلي عليكم؛ يغفر لكم، ويستغفر لكم الملائكة
(1)
[5243]. (ز)
62399 -
قال مقاتل بن سليمان: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ ومَلائِكَتُهُ} نزلت في الأنصار، هو الذي يغفر لكم ويأمر الملائكة بالاستغفار لكم
(2)
[5244]. (ز)
[5243] قال ابن كثير (11/ 183): «أما الصلاة من الملائكة فبمعنى: الدعاء للناس، والاستغفار» .
وبنحوه ابنُ جرير (19/ 123)، وابنُ عطية (7/ 126).
[5244]
المشهور في تأويل قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ} قولان: أولهما: أنّ معنى صلاة الله على عبده: ثناؤه عليه. والثاني: أنّ معنى صلاة الله على عبده: رحمته إياه.
وقد ذكرهما ابنُ كثير (11/ 183)، فقال:«والصلاة من الله: ثناؤه على العبد عند الملائكة. حكاه البخاري عن أبي العالية، ورواه أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عنه. وقال غيره: الصلاة من الله: الرحمة. وقد يقال: لا منافاة بين القولين» .
وجمع بينهما ابنُ عطية (7/ 126)، فقال:«صلاة الله تبارك وتعالى على العبيد هي رحمته لهم، وبركته لديهم، ونشره إلينا الجميل» .
وذَهَبَ ابنُ جرير (19/ 123) إلى القول الأول مستندًا إلى أقوال السلف.
ورجَّحَه ابنُ القيم (2/ 332 - 335 بتصرف) بعد أن ذكر قولًا ثالثًا، مفاده: أنّ معنى صلاة الله على عبده: مغفرته له. وضَعَّفَ القولين الثاني، والثالث، فقال:«هما ضعيفان لوجوه: أحدها: أن الله سبحانه فرّق بين صلاته على عباده، ورحمته، فقال: {وبَشِّرِ الصّابِرِينَ الَّذِينَ إذا أصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إنّا لِلَّهِ وإنّا إلَيْهِ راجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِن رَبِّهِمْ ورَحْمَةٌ وأُولَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ} [البقرة: 155 - 157]، فعطف الرحمة على الصلاة، فاقتضى ذلك تغايرهما، هذا أصل العطف. الوجه الثاني: أن صلاة الله سبحانه خاصة بأنبيائه ورسله وعباده المؤمنين، وأما رحمته فوسعت كل شيء، فليست الصلاة مرادفة للرحمة، لكن الرحمة من لوزام الصلاة وموجباتها وثمراتها، فمن فسرها بالرحمة فقد فسرها ببعض ثمرتها ومقصودها، وهذا كثيرًا ما يأتي في تفسير ألفاظ القرآن. الوجه الثالث: أنه لا خلاف في جواز الرحمة على المؤمنين، واختلف السلف في جواز الصلاة على غير الأنبياء؛ فَعُلِم أنهما ليسا بمترادفين. الوجه الرابع: أنه لو كانت الصلاة بمعنى الرحمة لقامت مقامها في امتثال الأمر، وأسقطت الوجوب عند من أوجبها إذا قال:» اللهم ارحم محمدًا وآل محمد «، وليس الأمر كذلك. الوجه الخامس: أنه لا يقال لمن رحم غيره ورقَّ عليه أنه صلّى عليه، ويقال: إنه قد رحمه. الوجه السادس: أن الإنسان قد يرحم من يُبغضه ويُعاديه، فيجد في قلبه له رحمة، ولا يصلي عليه. الوجه السابع: أن الصلاة لا بد فيها من كلام، فهي ثناء من المصلي على من يصلي عليه، وتنويه به، وإشادة لمحاسنه ومافيه وذكره. الوجه الثامن: أن الله سبحانه فرّق بين صلاته وصلاة ملائكته، وجمعهما في فعل واحد، فقال: {إنَّ اللَّهَ ومَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلى النبي}، وهذه الصلاة لا يجوز أن تكون هي الرحمة، وإنما هي ثناؤه سبحانه، وثناء ملائكته عليه. ولا يقال: الصلاة لفظ مشترك، ويجوز أن يستعمل في معنييه معًا؛ لأن في ذلك محاذير متعددة: أحدها: أن الاشتراك خلاف الأصل. الثاني: أن الأكثرين لا يُجَوِّزون استعمال اللفظ المشترك في معنييه لا بطريق الحقيقة ولا بطريق المجاز. فإذا كان معنى الصلاة: هو الثناء على الرسول والعناية به، وإظهار شرفه وفضله وحرمته، كما هو المعروف من هذه اللفظة، لم يكن لفظ الصلاة في الآية مشتركًا محمولًا على معنييه، بل يكون مستعملًا في معنى واحد، وهذا هو الأصل في الألفاظ» .
_________
(1)
علقه يحيى بن سلّام 2/ 725.
(2)
تفسير مقاتل بن سليمان 3/ 499.