الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في بيت المقدس. وإنما سُمُّوا الجن لأنهم استخفوا مِن الإنس فلم يروهم
(1)
. (ز)
63250 -
عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- {تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ} : المنسأة: العصا
(2)
. (ز)
63251 -
عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- قال: قال سليمان لملك الموت: إذا أُمِرتَ بي فأعلِمني. فأتاه، فقال: يا سليمان، قد أُمِرتُ بك، قد بقيتْ لك سُوَيْعَةٌ. فدعا الشياطينَ، فبنوا عليه صَرْحًا مِن قوارير ليس له باب، فقام يصلي، فاتَّكأ على عصاه، فدخل عليه ملك الموت، فقبضَ روحه وهو متكئ على عصاه، ولم يصنع ذلك فرارًا مِن ملَك الموت. قال: والجِنُّ تعمل بين يديه وينظرون إليه، يحسبون أنه حي، فبعث الله دابة الأرض؛ دابةٌ تأكل العيدان يُقال لها: القادح. فدخلتْ فيها، فأكلتها، حتى إذا أكلتْ جوف العصا ضعُفتْ، وثقل عليها، فخرّ ميتًا، فلما رأت ذلك الجن انفَضُّوا وذهبوا، فذلك قوله:{ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إلّا دابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ}
(3)
. (12/ 183)
63252 -
قال يحيى بن سلّام: مكث حولًا وهو مُتَوَكِّئ على عصاه، لا يرى الجِنُّ والإنسُ إلا أنّه حيٌّ على حاله الأول؛ لتعظُم الآية، بمنزلة ما أذهب الله مِن عملهم تلك الأربعين الليلة التي غاب عنها سليمان عن مُلْكِه، حيث خلَفه ذلك الشيطانُ في ملكه، وكان موتُه فجأةً وهو مُتَوَكِّئٌ على عصاه حولًا لا يعلمون أنه مات، وذلك أن الشياطين كانت تزعم للإنس أنهم يعلمون الغيب، فكانوا يعملون له حولًا لا يعلمون أنه مات، قال عز وجل:{فَلَمّا خَرَّ} سقط لَمّا أكلتِ الأَرَضَةُ العَصا خرَّ سليمان، فقال:{فَلَمّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الجِنُّ} للإنس {أنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي العَذابِ المُهِينِ} في تلك السُّخرة؛ في تلك الأعمال في السلاسل، تبين للإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين
(4)
. (ز)
{فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ
(14)}
63253 -
عن عبد الله بن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «كان سليمانُ إذا صلّى رأى
(1)
تفسير مقاتل بن سليمان 3/ 527 - 528.
(2)
أخرجه ابن جرير 19/ 238.
(3)
أخرجه ابن جرير 19/ 243. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.
(4)
تفسير يحيى بن سلام 2/ 751 - 752.
شجرةً نابتة بين يديه، فيقول لها: ما اسمُكِ؟ فتقول: كذا وكذا. فيقول: لِمَ أنتِ؟ فتقول: لكذا وكذا. فإن كانت لغرْسٍ غُرست، وإن كانت لدواء كُتِبَت، فصلّى ذات يوم، فإذا شجرة نابتة بين يديه، فقال لها: ما اسمك؟ قالت: الخروب. قال: لأي شيء أنتِ؟ قالت: لخراب هذا البيت. فقال سليمان: اللهم، عمِّ عنِ الجن موتي، حتى يعلم الإنسُ أنّ الجن لا يعلمون الغيب. فهيّأ عصًا، فتوكأ عليها، وقبضه الله وهو متكئ، فمكث حولًا ميتًا والجن تعمل، فأكلتها الأرَضَة، فسقطت، فعلموا عند ذلك بموته، (فَتَبَيَّنَتِ الإنسُ أنَّ الجِنَّ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الغَيْبَ ما لَبِثُوا حَوْلًا فِي العَذابِ المُهِينِ) -وكان ابن عباس يقرأها كذلك-، فشكرت الجنُّ الأَرَضَة، فأينما كانت يأتونها بالماء»
(1)
. (12/ 181)
63254 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن جبير-، موقوفًا
(2)
. (12/ 182)
63255 -
عن عبد الله بن مسعود، وناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم -من طريق السُّدِّيّ، عن مرة الهمداني- =
63256 -
وعبد الله بن عباس -من طريق السُّدِّيّ، عن أبي مالك وأبي صالح- قالوا: كان سليمان يَتَجَرَّدُ في بيت المقدس السنة والسنتين، والشهر والشهرين، وأقل من ذلك وأكثر، يُدخل طعامه وشرابه، فدخله في المرة التي مات فيها، فكان بدء ذلك أنه لم يكن يوم يصبح فيه إلا تنبت في بيت المقدس شجرة، فيأتيها، فيسألها: ما اسمكِ؟ فتقول الشجرة: اسمي كذا وكذا. فيقول لها: لأيِّ شيء نبتِّ
(3)
؟ فتقول: نبتُّ لكذا وكذا. فيأمر بها فتُقطع، فإن كانت نبتتْ لغرسٍ غرسها، وإن كانت نبتت لدواء، قالت: نبتُ دواء لكذا وكذا. فيجعلها كذلك، حتى نبتت شجرة يقال لها الخروبة، فسألها: ما اسمكِ؟ فقالت له: أنا الخروبة. فقال: لأي شيء نبتِّ؟ قالت: لخراب هذا المسجد. قال سليمان: ما كان الله لِيُخَرِّبه وأنا حي، أنتِ التي
(1)
أخرجه الحاكم 4/ 219 (7428)، 4/ 446 (8222)، وابن جرير 19/ 240.
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه» . وقال ابن كثير في تفسيره 6/ 502: «حديث مرفوع غريب، وفي صحّته نظر
…
وفي رفعه غرابة ونكارة، والأقرب أن يكون موقوفًا، وعطاء بن أبي مسلم الخراساني له غرابات، وفي بعض حديثه نكارة». وقال الألباني في الضعيفة 14/ 1167 (6573):«ضعيف» .
(2)
أخرجه البزار (2356 - كشف)، والحاكم 4/ 197 - 198.
(3)
هكذا في المصادر.
على وجهكِ هلاكي وخراب بيت المقدس. فنزعها، وغرسها في حائط له، ثم دخل المحراب، فقام يصلي مُتَّكئًا على عصاه، فمات ولا تعلم به الشياطين في ذلك، وهم يعملون له يخافون أن يخرج فيعاقبهم، وكانت الشياطين تجتمع حول المحراب، وكان المحراب له كُوًى بين يديه وخلفه، وكان الشيطان الذي يريد أن يَخْلَعَ
(1)
يقول: ألستُ جليدًا
(2)
إن دخلتُ فخرجتُ من الجانب الآخر. فيدخل حتى يخرج من الجانب الآخر، فدخل شيطان من أولئك فمرَّ، ولم يكن شيطان ينظر إلى سليمان في المحراب إلا احترق، فمرَّ ولم يسمع صوت سليمان عليه السلام، ثم رجع فلم يسمع، ثم رجع فوقع في البيت فلم يحترق، ونظر إلى سليمان قد سقط، فخرج فأخبر الناس أن سليمان قد مات، ففتحوا عنه، فأخرجوه، ووجدوا منسأته -وهي العصا بلسان الحبشة- قد أكلتها الأرَضَة، ولم يعلموا منذ كم مات، فوضعوا الأرَضَة على العصا، فأكلت منها يوما وليلة، ثم حسبوا على ذلك النحو، فوجدوه قد مات منذ سنة، وهي في قراءة ابن مسعود:(فَمَكَثُوا يَدْأَبُونَ لَهُ مِن بَعْدِ مَوْتِهِ حَوْلًا كامِلًا). فأيقن الناس عند ذلك أن الجن كانوا يكذِبونهم، ولو أنهم علموا الغيب لعلموا بموت سليمان، ولم يلبثوا في العذاب سنةً يعملون له، وذلك قول الله:{ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إلّا دابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الجِنُّ أنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي العَذابِ المُهِينِ} يقول: تبيّن أمرهم للناس أنهم كانوا يكذِبونهم، ثم إن الشياطين قالوا للأرضة: لو كنتِ تأكلين الطعام أتيناكِ بأطيب الطعام، ولو كنتِ تشربين الشراب سقيناكِ أطيب الشراب، ولكنا سننقل إليك الماء والطين. فالذي يكون في جوف الخشب فهو ما تأتيها به الشياطينُ شكرًا لها
(3)
[5305]. (12/ 179)
63257 -
عن عبد الله بن شداد -من طريق خالد بن حصين- قال: قيل لسليمان -صلى الله عليه-: إنّ آية موتك أن ينبت في بيت المقدس شجرةٌ يُقال لها: الخروبة، فإذا نبتَ فهو آيةُ موتِك، فبينا هو كذلك إذ خرجت شجرة، فقال لها: ما اسمكِ؟
[5305] علّق ابنُ كثير (116/ 269) على هذا الأثر فقال: «وهذا الأثر -والله أعلم-إنّما هو مما تلقي من علماء أهل الكتاب، وهي وقف، لا يصدق منها إلا ما وافق الحق، ولا يكذب منها إلا ما خالف الحق، والباقي لا يصدق ولا يكذب» .
_________
(1)
أي يخرجُ عن الطّاعة. النهاية (خلع).
(2)
الجليد: القوي الصُلب. اللسان (جلد).
(3)
أخرجه ابن جرير 19/ 241 - 242. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم موقوفًا على السُّدِّيّ من قوله.
قالت: أنا الخروبة. فدخل المحراب، فقام على عصاه، فقُبض وهو على عصاه، فخرجت دابة من الأرض، فأكلت عصاه، فخَرَّ، فـ {تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين}
(1)
[5306]. (ز)
63258 -
عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق أيوب- قال: لَمّا ردّ الله الخاتم إليه لم يُصَلِّ صلاة الصبح يومًا إلا نظر وراءَه، فإذا هو بشجرة خضراء تهتز، فيقول: يا شجرة، أما يأكلك جِنٌّ ولا إنس ولا طير ولا هوام ولا بهائم؟ فتقول: إنِّي لم أُجعل رزقًا لشيء، ولكن دواء مِن كذا، ودواء من كذا. فقام الجن والإنس يقطعونها، ويجعلونها في الدواء، فصلى الصبح ذات يوم والتفت، فإذا بشجرة وراءه، قال: مَن أنتِ، يا شجرة؟ قالت: أنا الخرنوبة. قال: واللهِ، ما الخرنوبة إلا خراب بيت المقدس، واللهِ ما يُخرّب ما كنت حيًّا، ولكني أموت. فدعا بحنوط، فتحنّط وتكفَّن، ثم جلس على كرسيه، ثم جمع كفيه على طرف عصاه، ثم جعلها تحت ذقنه، ومات، فمكث الجن يعملون سنة يحسبون أنه حي، وكانت لا ترفع أبصارها إليه، وبعث الله الأرَضَة، فأكلت طرف العصا، فخَرَّ مُنكَبًّا على وجهه، فعلمتُ الجنُّ أن قد مات، فذلك قوله:{تَبَيَّنَتِ الجِنُّ} ولقد كانت الجن تعلم أنها لا تعلم الغيب، ولكن في القراءة الأولى:(تَبَيَّنَتِ الإنسُ أن لَّوْ كانَ الجِنُّ يَعْلَمُونَ الغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي العَذابِ المُهِينِ)
(2)
[5307]. (12/ 184)
[5306] نقل ابنُ عطية (7/ 171) إضافة إلى ما ورد في آثار السلف في قصة موت سليمان عليه السلام قولًا آخر، فقال:«وقال بعض الناس: إن سليمان عليه السلام لم يمت إلا في سفر مضطجعًا، ولكنه كان في بيت مبني عليه، وأكلت الأرَضَة عتبة الباب حتى خرَّ البيت؛ فعُلم موته» . وانتقده بقوله: «وهذا ضعيف» . ثمَّ قال ابن عطية عقب هذا: «وأكثرَ المفسرون في قصص هذه الآية بما لا صحة له، ولا تقتضيه ألفاظ القرآن، وفي معانيه بُعْدٌ، فاختصرته لذلك» .
[5307]
_________
(1)
أخرجه محمد بن نصر في تعظيم قدر الصلاة 1/ 225.
(2)
أخرجه عبد الرزاق 2/ 128. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.