الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجنابة، وقال للنسوة في غسل ابنته:«ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها» ، فغسل مواضع الوضوء بعض الغسل) [زاد المعاد 2/ 211 ــ 218]
(1)
.
497 - نوع النسك الذي حج به النبي صلى الله عليه وسلم
-:
- قال ابن القيم: (ورأيت لشيخ الإسلام فصلًا حسنًا في اتفاق أحاديثهم
(2)
، نسوقه بلفظه:
قال: والصواب: أن الأحاديث في هذا الباب متفقة، ليست بمختلفة، إلا اختلافا يسيرًا، يقع مثله في غير ذلك، فإن الصحابة ثبت عنهم أنه تمتع، والتمتع عندهم يتناول القران، والذين رُوي عنهم أنه أفرد رُوي عنهم أنه تمتع.
أما الأول: ففي «الصحيحين» عن سعيد بن المسيب قال: اجتمع علي وعثمان بعسفان، وكان عثمان ينهى عن المتعة أو العمرة، فقال علي رضي الله عنه: ما تريد إلى أمر فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم تنهى عنه؟ فقال عثمان: دعنا منك، فقال: إني لا أستطيع أن أدعك، فلما رأى رضي الله عنه ذلك أهل بهما جميعا.
فهذا يبين أن من جمع بينهما كان متمتعا عندهم، وأن هذا هو الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم، ووافقه عثمان على أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، لكن كان النزاع بينهما: هل ذلك الأفضل في حقنا أم لا؟ وهل شرع فسخ الحج إلى العمرة في حقنا، كما تنازع فيه الفقهاء؟ فقد اتفق علي وعثمان على أنه تمتع،
(1)
«الفتاوى» (26/ 57 - 58).
(2)
أي أحاديث الصحابة الذين نقلوا نوع النسك الذي حج به النبي صلى الله عليه وسلم.
والمراد بالتمتع عندهم: القران.
وفي «الصحيحين» عن مطرف قال: قال عمران بن حصين: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين حج وعمرة، ثم إنه لم ينه عنه حتى مات، ولم ينزل فيه قرآن يحرّمه. وفي رواية عنه: تمتّع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتمتّعنا معه.
فهذا عمران ــ وهو من أجل السابقين الأولين ــ أخبر أنه تمتع، وأنه جمع بين الحج والعمرة، والقارن عند الصحابة متمتع، ولهذا أوجبوا عليه الهدي، ودخل في قوله تعالى:{فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196].
وذكر
(1)
حديث عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم : «أتاني آت من ربي، فقال: صل في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة» .
قال: فهؤلاء الخلفاء الراشدون ــ عمر، وعثمان، وعلي ــ وعمران بن حصين، روي عنهم بأصح الأسانيد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرن بين العمرة والحج، وكانوا يسمون ذلك تمتعا، وهذا أنس يذكر: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يلبي بالحج والعمرة جميعًا.
وما ذكره بكر بن عبد الله المزني عن ابن عمر: أنه لبّى بالحج وحده، فجوابه: أن الثقات الذين هم أثبت في ابن عمر من بكر ــ مثل سالم ابنه ونافع ــ رووا عنه أنه قال: تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج. وهؤلاء أثبت في ابن عمر من بكر، فتغليط بكر عن ابن عمر أولى من تغليط سالم ونافع عنه، وأولى من تغليطه هو على النبي صلى الله عليه وسلم .
(1)
أي شيخ الإسلام ابن تيمية.
ويشبه أن ابن عمر قال له: أفرد الحج. فظن أنه قال: لبّى بالحج. فإن إفراد الحج كانوا يطلقونه ويريدون به: إفراد أعمال الحج، وذلك رد منهم على من قال: إنه قرن قرانا طاف فيه طوافين، وسعى فيه سعيين، وعلى من يقول: إنه حل من إحرامه، فرواية من روى من الصحابة أنه أفرد الحج= تردُّ على هؤلاء.
يبين هذا ما رواه مسلم في «صحيحه» عن نافع عن ابن عمر قال: أهللنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج مفردا. وفي رواية: أهل بالحج مفردا. فهذه الرواية، إذا قيل: إن مقصودها أن النبي صلى الله عليه وسلم أهل بحج مفردًا، قيل: فقد ثبت بإسناد أصح من ذلك عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم تمتع بالعمرة إلى الحج، وأنه بدأ فأهل بالعمرة، ثم أهل بالحج. وهذا من رواية الزهري عن سالم عن ابن عمر.
وما عارض هذا عن ابن عمر: إما أن يكون غلطا عليه، وإما أن يكون مقصوده موافقا له، وإما أن يكون ابن عمر لما علم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحل= ظن أنه أفرد، كما وهم في قوله: إنه اعتمر في رجب، وكان ذلك نسيانا منه، والنبي صلى الله عليه وسلم لما لم يحل من إحرامه، وكان هذا حال المفرد ظن أنه أفرد.
ثم ساق
(1)
حديث الزهري عن سالم عن أبيه تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
الحديث، وقول الزهري: وحدثني عروة عن عائشة بمثل حديث سالم عن أبيه، قال
(2)
: فهذا من أصح حديث على وجه الأرض، وهو من حديث الزهري ــ أعلم أهل زمانه بالسنة ــ عن سالم عن أبيه، وهو من أصح حديث
(1)
أي شيخ الإسلام ابن تيمية.
(2)
أي شيخ الإسلام ابن تيمية.
ابن عمر وعائشة.
وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها في «الصحيحين» أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر، الرابعة مع حجته، ولم يعتمر بعد الحج باتفاق العلماء، فيتعين أن يكون متمتعا تمتع قران، أو التمتع الخاص.
وقد صح عن ابن عمر أنه قرن بين الحج والعمرة، وقال: هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه البخاري في «الصحيح» .
قال
(1)
: وأما الذين نقل عنهم إفراد الحج، فهم ثلاثة: عائشة، وابن عمر، وجابر، والثلاثة نقل عنهم التمتع، وحديث عائشة وابن عمر: أنه تمتع بالعمرة إلى الحج= أصح من حديثيهما، وما صح في ذلك عنهما فمعناه: إفراد أعمال الحج، أو أن يكون وقع منه غلط كنظائره، فإن أحاديث التمتع متواترة، رواها أكابر الصحابة: كعمر، وعثمان، وعلي، وعمران بن حصين، ورواها أيضًا عائشة، وابن عمر، وجابر، بل رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم بضعة عشر من الصحابة) [زاد المعاد 2/ 117 ــ 120]
(2)
.
- وقال أيضًا: (وحمل هؤلاء
(3)
رواية من روى: أن المتعة كانت له خاصة= على أن طائفة منهم خصوا بالتحليل من الإحرام مع سوق الهدي، دون من ساق الهدي من الصحابة، وأنكر ذلك عليهم آخرون ــ منهم شيخنا أبو العباس ــ وقالوا: من تأمل الأحاديث المستفيضة الصحيحة، تبين له: أن النبي
(1)
أي شيخ الإسلام ابن تيمية.
(2)
«الفتاوى» (26/ 66 - 75) مع بعض الاختلاف.
(3)
أي من قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في حجته عمرة حل منها.
- صلى الله عليه وسلم لم يحل، لا هو، ولا أحد ممن ساق الهدي) [زاد المعاد 2/ 127]
(1)
.
- وقال أيضا: (قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومما يبين أنه صلى الله عليه وسلم لم يطف طوافين، ولا سعى سعيين:
قول عائشة رضي الله عنها: وأما الذين جمعوا الحج والعمرة، فإنما طافوا طوافًا واحدا. متفق عليه، وقول جابر: لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا، طوافه الأول. رواه مسلم، وقوله لعائشة:«يجزئ عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك» رواه مسلم، وقوله لها في رواية أبي داود:«طوافك بالبيت، وبين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك جميعا» ، وقوله لها ــ في الحديث المتفق عليه لما طافت بالكعبة، وبين الصفا والمروة ــ:«قد حللت من حجك وعمرتك جميعًا» .
قال
(2)
: والصحابة الذين نقلوا حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلهم نقلوا أنهم لما طافوا بالبيت، وبين الصفا والمروة، أمرهم بالتحليل، إلا من ساق الهدي، فإنه لا يحل إلا يوم النحر، ولم ينقل أحد منهم: أن أحدا منهم طاف وسعى، ثم طاف وسعى، ومن المعلوم: أن مثل هذا، مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله، فلما لم ينقله أحد من الصحابة علم أنه لم يكن
(3)
…
والذي تقدم هو بسط قول شيخنا وشرحه، والله أعلم) [زاد المعاد 2/ 148 ــ 150]
(4)
.
(1)
«الفتاوى» (26/ 61 - 62، 75).
(2)
أي شيخ الإسلام ابن تيمية.
(3)
ذكر ابن القيم هنا مسألة: هل على المتمتع والقارن سعيان أم سعي واحد؟ وستأتي في باب صفة الحج والعمرة، برقم:(530).
(4)
«الفتاوى» (26/ 75 - 77) باختصار.