الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكروا لك محمدًا سمعت، وإذا ذكروا لك مسيلمة قلت: إني أصم! اضربوا عنقه. قال: فضربوا عنقه، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:«أمّا هذا فقد مضى على يقين، وأما الآخر فأخذ بالرخصة»
(1)
. (ز)
{يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ
(111)}
42186 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة- في هذه الآية، قال: ما تزال الخصومة بين الناس يوم القيامة حتى تخاصم الروحُ الجسدَ، فتقول الروح: يا رب، لم يكن لي يد أبطش بها، ولا رجل أمشي بها، ولا عين أبصر بها. ويقول الجسد: خلقتني كالخشب ليست لي يد أبطش بها، ولا رجل أمشي بها، ولا عين أبصر بها، فجاء هذا كشعاع النور، فبه نطق لساني، وأبصرت عيني، ومشت رجلي. فيضرب الله لهما مثلًا أعمى ومقعد، دخلا حائطًا فيه ثمار، فالأعمى لا يبصر الثمر، والمقعد لا يناله، فحمل الأعمى المقعد، فأصابا من الثمر؛ فعليهما العذاب
(2)
. (ز)
42187 -
عن كعب الأحبار -من طريق شريح بن عبيد الحضرمي، وغيره- قال: كنت عند عمر بن الخطاب، فقال: خوِّفنا، يا كعب. فقلت: يا أمير المؤمنين، أوَليس فيكم كتاب الله وحكمة رسوله؟ قال: بلى، ولكن خوِّفنا. قلت: يا أمير المؤمنين، لو وافيت القيامة بعمل سبعين نبيًّا لازْدَرَيْت عملك مما ترى. قال: زِدنا. قلت: يا أمير المؤمنين، لو فُتِح من جهنم قدْر مَنخِرِ ثورٍ بالمشرق، ورجلٌ بالمغرب؛ لَغَلى دماغه حتى يسيل مِن حرِّها. قال: زدنا. قلت: يا أمير المؤمنين، إنّ جهنم لتزفر زفرة يوم القيامة، لا يبقى ملك مقرب ولا نبيٌّ مرسل إلا خرَّ جاثيًا على ركبيته، حتى إن إبراهيم خليله ليَخِرُّ جاثيًا على ركبتيه، فيقول: ربِّ، نفسي نفسي، لا أسألك اليوم إلا نفسي. فأطرق عمر مليًّا، قلت: يا أمير المؤمنين، أوَليس تجدون هذا في كتاب الله؟ قال: كيف؟ قلت: قول الله في هذه الآية: {يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتُوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون}
(3)
. (9/ 126 - 127)
(1)
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 2/ 362.
(2)
تفسير الثعلبي 6/ 48، وتفسير البغوي 5/ 48.
(3)
أخرجه ابن المبارك في الزهد (225)، وابن أبي شيبة 13/ 155، 166 من طريق عبد الرحمن بن حاطب، ومن طريق عمرو بن قيس بلاغًا، وأحمد في الزهد ص 121، 122 من طريق مطرف. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
42188 -
قال الحسن البصري: قوله: {يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها} إنّ كل نفس تُوقَف بين يدي الله للحساب، ليس يسألها عن عملها إلا الله. قال:{وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون} أما الكافر فليس له مِن حسناته في الآخرة شيء، قد استوفاها في الدنيا، وأمّا سيئاته فيُوَفّاها في الآخرة، يُجازى بها النار. وأمّا المؤمن فهو الذي يوفّى الحسنات في الآخرة، وأما سيئاته فإن منهم مَن لم يخرج من الدنيا حتى ذهبت سيئاته بالبلايا والعقوبة، كقوله:{وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} [الشورى: 30]، ومنهم من تبقى عليه من سيئاته فيفعل الله فيه ما يشاء. قال يحيى
(1)
: وبلغني: أن منهم مَن تبقى عليه مِن سيئاته فيشدد عليه عند الموت، ومنهم من تبقى عليه منها فيشدد عليه في القبر، ومنهم من تبقى عليه منها فيشدد عليه في الموقف، ومنهم من يبقى عليه منها فيشدد عليه عند الصراط، ومنهم من يبقى عليه منها فيدخل النار فينتقم منه، ثم يخرجه الله منها إلى الجنة
(2)
. (ز)
42189 -
قال مقاتل بن سليمان: {يوم تأتي كل نفس تجادل} يعني: تخاصم {عن نفسها وتوفى} يعني: وتوفر
(3)
{كل نفس} بر وفاجر {ما عملت} في الدنيا من خير أو شر، {وهم لا يظلمون} في أعمالهم. ولا تسأل الرجعة كل نفس في القرآن إلا كافرة
(4)
[3754]. (ز)
[3754] قال ابنُ عطية (5/ 417): «وظاهر الآية أن كل نفس تُجادِلُ؛ مؤمنة كانت أو كافرة، فإذا جادل الكفار بكذبهم وجحدهم للكفر شهدت عليهم الجوارح والرسل وغير ذلك بحسب الطوائف، فحينئذ لا ينطقون، ولا يؤذن لهم فيعتذرون، فتجتمع آيات القرآن باختلاف المواطن» . ثم ذكر قولًا آخر، وانتقده مستندًا إلى الدلالة العقلية، فقال:«وقالت فرقة: الجدال: قول كل أحد من الأنبياء وغيرهم: نفسي نفسي، وهذا ليس بجدال ولا احتجاج إنما هو مجرد رغبة» .
_________
(1)
ذكرت محققته أنه سقط من بعض النسخ، وفي تفسير ابن زمنين 2/ 420 ما يدل على عدم وجوده.
(2)
علَّقه يحيى بن سلام 1/ 94.
(3)
عُلِّق في حاشية المصدر على هذا الموضع: في أ: وتوفر وتنبأ، ل: وتوفى.
(4)
تفسير مقاتل بن سليمان 2/ 489.