الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآية، ومأخذه المعنى المشهور للفظ في اللغة؛ قال ابن فارس:«والساق للإنسان وغيره، والجمع سُوق، إنّما سمّيت بذلك لأنَّ الماشي ينْساق عليها»
(1)
.
الوجه الثاني: الشدة
.
ومثل له ابن الجوزي بآيتين:
الآية الأولى: قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42].
وقال به من السلف: ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وقتادة، وعكرمة والضحاك
(2)
.
ومن المفسرين: الفرَّاء، والزَّجَّاج، والبغوي، والزَّمخشري، وابن عطية، والقرطبي، وأبو حيان
(3)
.
وفي الآية قول آخر: وهو أن الساق صفة لله تعالى.
ويشهد له الحديث الصحيح؛ عن أبي سعيد الخدري: قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
(4)
.
وقال به من السلف: ابن مسعود، وأبو سعيد الخدري، والربيع بن أنس
(5)
.
ومن المعلوم أن مأخذ السلف للقول الأول هو المعنى المشهور للفظ في لغة العرب، وعلى رأيهم هذا فهم لايرون أن الآية دالة على الصفة، وإن كانوا يثبتون الصفة من السنة، وهذا الموضع هو الأوحد الذي اختلف فيه السلف في صفة من الصفات.
(1)
مقاييس اللغة 476.
(2)
جامع البيان 29/ 46.
(3)
معاني القرآن للفراء 3/ 177. معاني القرآن وإعرابه 5/ 20. معالم التنزيل ص 1339. الكشاف 4/ 598. المحرر الوجيز 5/ 352. الجامع لأحكام القرآن 18/ 162. البحر المحيط 10/ 247.
(4)
أخرجه البخاري (كتاب التفسير، سورة القلم باب 2 4/ 1871 برقم 4635).
(5)
جامع البيان 29/ 46. وأبو سعيد: سعد بن مالك بن سنان بن عبد بن ثعلبة بن عبيد بن خُدرة الخدري، أبو سعيد، بايع تحت الشجرة وشهد ما بعد أحد، وكان من علماء الصحابة له ألف ومائة حديث، مات سنة 74 هـ
(الاستيعاب 2/ 602. الإصابة 3/ 78).
(1)
.
وحيث إن لفظ (الساق) في الآية غير مضاف، فالدليل الآخر بين أيدينا وهو في الصحيحين، وخير ما فُسِّر به القرآن بعد القرآنِ السنةُ الثابتة عن رسول الله عليه السلام.
ويذكر ابن القيم نحو ما ذكره ابن تيمية ويرجح أن المراد بالآية الصفة، ويحرر هذا المعنى من حيث اللغة تحريراً بديعاً فيقول: «والذين أثبتوا أن ذلك صفة كاليدين والإصبع لم يأخذوا ذلك من ظاهر
(1)
الفتاوى 6/ 394. وابن تيمية: أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن القاسم بن تيمية، الحرانى الدمشقى الحنبلى تقى الدين أبو العباس شيخ الإسلام إمام الأئمة المجتهد المطلق ولد سنة 661 هـ قال الحافظ المزى: ما رأيت مثله ولا رأى هو مثل نفسه، له مؤلفات ورسائل كثيرة منها (الجواب الصحيح) مات سنة 728 هـ (الدرر الكامنة 1/ 168. البدر الطالع 1/ 63).
القرآن، وإنما أثبتوه بحديث أبي سعيد الخدري المتفق على صحته، .. ومن حمل الآية على ذلك قال في قوله تعالى:
{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] مطابق لقوله: فيكشف عن ساقه فيخرون له سجدا، وتنكيره للتعظيم والتفخيم، كأنه قال يكشف عن ساق عظيمة جلت عظمتها وتعالى شأنها أن يكون لها نظير أو مثيل أو شبيه، قالوا وحمل الآية على الشدة لا يصح بوجه فإن لغة القوم في مثل ذلك أن يقال كشفت الشدة عن القوم لا كشف عنها .. »
(1)
.
وقال الشوكاني في تقرير القول بالصفة وأنه ليس مع تفسيره عليه السلام تفسير: «وإذا جرى نهر الله بطل نهر معقل
…
وقد أغنانا الله سبحانه في تفسير هذه الآية بما صح عن رسول الله .. وذلك لايستلزم تجسيماً ولا تشبيهاً، فليس كمثله شيء.
دعوا كل قولٍ عند قول محمدٍ
…
فَمَا آمِنٌ في دينه كمُخَاطر»
(2)
هذا وقد قال به من المفسرين: الزَّجَّاج، والبغوي، وابن كثير
(3)
.
وبهذا يتبين أن هذه الآية غير داخلة في هذا الوجه؛ بل يفرد بها وجه ثالث خاص بصفة الله تعالى.
الآية الثانية: قوله تعالى: {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ} [القيامة: 29].
وقال به من السلف: ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، والربيع، وابن زيد
(4)
.
ومن المفسرين: الفرَّاء، وابن جرير، والزَّجَّاج، والنَّحاس، والبغوي، والزَّمخشري، وابن عطية،
(1)
الصواعق المرسلة 1/ 252. وابن القيم: محمد بن أبى بكر بن أيوب بن سعد بن جرير الزرعي الدمشقي شمس الدين ابن قيم الجوزية الحنبلى لعلامة الكبير المجتهد المطلق المصنف المشهور ولد سنة 691 هـ وسمع من ابن تيمية، ودرس بالصدرية وأمَّ بالجوزية وبرع في جميع العلوم وله من التصانيف كثير ومنها (بدائع الفوائد) و (الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة) مات سنة 751 هـ (الدرر الكامنة 5/ 137. البدر الطالع 2/ 143).
(2)
فتح القدير ص 1782 بتصرف. والشوكاني: محمد بن على بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن محمد بن صلاح بن إبراهيم بن محمد العفيف بن محمد بن رزق ينتهي إلى خَيْشَنة بن زبَّاد ابن قاسم بن مرهبة، ولد سنة 1173 هـ وله مصنفات منها (فتح القدير) مات سنة 1250 هـ وله 77 سنة (البدر الطالع 2/ 143. الإمام الشوكاني مفسرا؛ للغماري).
(3)
معاني القرآن وإعرابه 5/ 20. معالم التنزيل ص 1339. تفسير القرآن العظيم 6/ 285.
(4)
جامع البيان 29/ 238 - 242.