الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث: دراسة وجوه كلمة الإصر:
باب الإصر:
قال ابن الجوزي:
قال أبو الحسن ابن فارس اللغوي: الإصر الثقل. والإصر: العهد. والآصرة: القرابة. وكل عقد وقرابة وعهد: إصر. والعرب. تقول: ماتأُصرني على فلان آصرة. أي: ماتعطفني عليه قرابة ولا منة. قال الحطيئة:
عَطَفُوا عَلَيَّ بِغَيْرِ آ
…
صِرَةٍ فقد عَظُمَ الأواصِرْ
(1)
أي: عطفوا علي بغير عهد ولا قرابة. والمأصر: الموضع الذي يقيم فيه صاحب الرصد فيأصر فيه العير. أي يحبسها لطلب الضريبة وأصرته: حبسته
(2)
.
وذكر بعض المفسرين أن الإصر في القرآن على وجهين:
-
أحدهما: الثقل
. ومنه قوله تعالى في البقرة {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا} [البقرة: 286]
والثاني: العهد
. ومنه قوله تعالى في آل عمران {وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي} آل عمران: 81]. وفي الأعراف:
{وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ} [الأعراف: 157].
قال مجاهد: عهود كانت عليهم. وقد ذهب قوم إلى أن المراد بالإصر المذكور في البقرة: العهد. منهم ابن عباس ومجاهد والضحاك والسدي. فبطل على قولهم التقسيم
(3)
.
دراسة الوجوه التي ذكرها ابن الجوزي:
الوجه الأول: الثقل:
ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا} [البقرة: 286]
(1)
ديوان الحطيئة ص 55، وهو: جرول بن أوس بن مالك العبسي، أبو مُلكية: شاعر مخضرم، أدرك الجاهلية والإسلام. كان هجاءً عنيفاً، لم يكد يسلم من لسانه أحد (طبقات فحول الشعراء 1/ 104. والشعر والشعراء 1/ 322).
(2)
وللاستزادة من اللغة ينظر: العين 28. ومقاييس اللغة 63. والقاموس المحيط (أصر).
(3)
نزهة الأعين النواظر ص 92.
وقال به من السلف سعيد بن جبير
(1)
، الربيع
(2)
، وعثمان بن عطاء
(3)
.
ومن المفسرين الزَّجَّاج، والزَّمخشري، وابن عطية، وابن كثير
(4)
.
وفي الآية قولان آخران عن السلف وهما:
_ أن الإصر هنا بمعنى العهد وقال به: ابن عباس، وقتادة، ومجاهد، والربيع، والسُّدي، والضحاك، وابن جريج، والحسن، ومقاتل ابن حيان، وهو الذي رجحه ابن جرير، وقال به الفرَّاء
(5)
.
_ أن الإصر هنا بمعنى الذنب وهو مروي عن ابن زيد، وعطاء.
(6)
وأورد جميع الأقوال النَّحاس، والبغوي، وأبو حيان، والقرطبي.
(7)
واختلاف السلف هنا في تفسير الآية من قبيل اختلاف التنوع لاختلاف التضاد وبيان ذلك ما يلي:
_ أن الثقل لازم للعهد والذنب مثال من أمثلة الثقل، والعهد والذنب ثقيلان.
_ أن من فسر الإصر هنا بالثقل فقد نظر إليه باعتبار المعنى المشهور للإصر في لغة العرب، ومن فسر الإصر هنا بالعهد فهو نظر إلى السياق القرآني، ومن فسره بالذنب فقد نظر إليه باعتبار معنىً من معاني الثقل.
(1)
ذكره عنه القرطبي في الجامع لأحكام القرآن 3/ 432.
(2)
جامع البيان 3/ 203. والربيع بن أنس: الكندي أو الحنفي البصري، روى عن أنس والحسن، وأرسل عن أم سلمة وعنه سليمان التيمي وسليمان الأعمش وابن المبارك قيل توفي سنة 139 وقيل 140 (تقريب التهذيب 205. خلاصة تذهيب تهذيب الكمال 114)
(3)
الكشف والبيان 2/ 308. وعثمان بن عطاء بن أبي مسلم الخراساني أبو مسعود المقدسي عن أبيه وعنه ابن المبارك وابن وهب ضعفه ابن معين مات سنة 151 (تقريب التهذيب 385. خلاصة تذهيب تهذيب الكمال 261).
(4)
الكشاف 1/ 357. المحرر الوجيز 1/ 394. تفسير القرآن العظيم 1/ 675.
(5)
الجامع لأحكام القرآن 3/ 203. تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم 2/ 579. جامع البيان 3/ 203. معاني القرآن للفراء 1/ 189.
(6)
جامع البيان 3/ 203.
(7)
معاني القرآن للفراء 1/ 334. معالم التنزيل ص 185. الجامع لأحكام القرآن 3/ 278. البحر المحيط 2/ 765.