الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه الثاني:
الترك.
ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة: 26].
وقال به من المفسرين: الزَّمخشري، وابن عطية، وأبو حيَّان، والقرطبي
(1)
.
تنبيه
وهذا الوجه مخالف لمنهج أهل السنة في صفات الله تعالى، فيجب إثبات ما أثبته الله تعالى لنفسه أو أثبته له رسوله عليه السلام على مايليق به سبحانه من غير تمثيل ولاتحريف ولا تعطيل، قال ابن القيم عن المنهج العام للصحابة والتابعين في الصفات:«ولم يتنازعوا في تأويل آيات الصفات وأخبارها في موضع واحد بل اتفقت كلمتهم وكلمة التابعين بعدهم على إقرارها وإمرارها مع فهم معانيها وإثبات حقائقها»
(2)
.
قال ابن عثيمين في فوائد هذه الآية: «من فوائد الآية: إثبات الحياء لله عز وجل؛ لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة: 26]. ووجه الدلالة: أن نفي الاستحياء عن الله في هذه الحال دليل على ثبوته فيما يقابلها؛ وقد جاء ذلك صريحاً في السنة، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم:"إن ربكم حييّ كريم يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صِفراً"
(3)
؛ والحياء الثابت لله ليس كحياء المخلوق؛ لأن حياء المخلوق انكسار لما يَدْهَمُ الإنسان ويعجز عن مقاومته؛ فتجده ينكسر، ولا يتكلم، أو لا يفعل الشيء الذي يُستحيا منه؛ وهو صفة ضعف ونقص إذا حصل في غير محله»
(4)
.
ويتبين مما تقدم أن هذا الوجه غير صحيح في معنى الآية، ويبقى التقسيم في مكانه ويستبدل وجه الترك بالصفة على مايليق به سبحانه، ويكون الوجه الثاني بهذا الشكل:
الوجه الثاني: صفة الحياء لله تعالى، على مايليق بجلاله وعظمته.
(1)
الكشاف 1/ 141. المحرر الوجيز 1/ 110. الجامع لأحكام القرآن 1/ 168. البحر المحيط 1/ 196.
(2)
الصواعق المرسلة 1/ 210.
(3)
أخرجه أبو داود 2/ 78 رقم 1488؛ والترمذي 5/ 556 برقم 3556؛ وابن ماجة 2/ 1271 برقم 3865، وقال الألباني في صحيح أبي داود: صحيح (1/ 409، حديث رقم 1488) من حديث سلمان الفارسي.
(4)
تفسير القرآن الكريم 1/ 98.