الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرط الثاني والثالث
في اشتراط الطهارة والقدرة على التسليم
[م-989] نص المالكية والشافعية والحنابلة على أنه يشترط في العوض طهارة عينه، والقدرة على تسليمه
(1)
.
وقد اقتصر خليل على اشتراط كون العوض معلومًا، ولم يذكر بقية الشروط، فقال الدسوقي في حاشيته:«وإنما نص على علم العوض دون غيره من بقية الشروط، مثل كونه طاهرًا، منتفعًا به، مقدورًا على تسليمه؛ لدفع توهم عدم اشتراط علمه، وحصول الصحة بالعوض المجهول»
(2)
.
وقال الخرشي في شرحه: «لا يخفى أن الجعل كما يشترط فيه العلم، يشترط أن يكون طاهرًا منتفعًا به .... مقدورًا على تسليمه»
(3)
.
وجاء في مغني المحتاج: «فلو كان مجهولًا ـ يعني العوض ـ كأن قال: من رده أي عبدي فله كذا .... فسد العقد لجهالة الجعل، أو نجاسة عينه، أو عدم القدرة على تسليمه»
(4)
.
وقال ابن قدامة: «والجعالة تساوي الإجارة في اعتبار العلم بالعوض، وما كان عوضًا في الإجارة جاز أن يكون عوضًا في الجعالة، وما لا فلا»
(5)
.
فأحال على شروط الأجرة في عقد الإجارة.
(1)
أسنى المطالب (2/ 441)، حاشيتا قليوبي وعميرة (3/ 132).
(2)
حاشية الدسوقي (4/ 60).
(3)
شرح الخرشي (7/ 60).
(4)
مغني المحتاج (2/ 431)، وانظر نهاية المحتاج (5/ 472).
(5)
المغني (6/ 22).
واشتراط الطهارة عند الحنابلة في الثمن أو في المبيع غير مطرد، فهم يمنعون بيع أشياء، ويعللون ذلك بالنجاسة، ويجيزون بيع أشياء مع حكمهم لها بالنجاسة.
فالحنابلة يجوزون بيع الحمار والبغل وسباع البهائم والطير التي تقبل التعليم والقرد مع الحكم بنجاستها، وما جاز بيعه صح أن يكون ثمنًا في المبيع، وثمنًا في الأجرة. وما كان ثمنًا في الأجرة صح أن يكون عوضًا في الجعالة.
ويمنعون بيع السرجين النجس قال في المغني: «ولا يجوز بيع السرجين النجس، وبهذا قال مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة يجوز .... ولنا أنه مجمع على نجاسته فلم يجز بيعه كالميتة»
(1)
.
ويعبر الحنابلة أحيانًا عن هذا باشتراط إباحة الانتفاع، ويقصدون به إخراج شيئين:
الأول: ما يحرم الانتفاع به لنجاسته، كالخمر والكلب والميتة والخنزير فلا يجوز أن يكون عندهم ثمنًا ولا أجرة ولا مبيعًا ولا عوضًا في الجعالة.
الثاني: ما يحرم الانتفاع به لحرمته، وإن كان طاهرًا كآلات اللهو، والأصنام.
وأما اشتراط القدرة على التسليم فهو شرط عندهم في الجعالة قياسًا على اشتراطه في الأجرة
(2)
. والله أعلم.
وقد حررنا الخلاف في طهارة المبيع والثمن في عقد البيع، وما كان الراجح
(1)
المرجع السابق (4/ 174).
(2)
انظر المغني (4/ 142)، المبدع (4/ 23)، كشاف القناع (3/ 162).
هناك فهو الراجح هنا، فالمشترط في العوض أن يكون مالًا، وقد توصلت إلى أن المالية ليس من شرطها الطهارة، وإنما يشترط للمالية شرطان:
الأول: ألا ينهى الشرع عن الانتفاع به، فما نهى الشرع عن الانتفاع به فقد ماليته، كما ثبت النهي عن بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام والكلب.
الثانية: أن يجري تموله والانتفاع به بين الناس، وعلى هذا فالعطور التي بين أيدي الناس هي مال حتى على القول بنجاستها؛ لأن الشارع لم ينه عن الانتفاع بها، وقد جرى تمولها والانتفاع بها، فدخلت في حقيقة المال، والله أعلم.
* * *