الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستدل المالكية:
بأن حق الشفعة ثبت للشفيع بالسنة الصحيحة، والحقوق الثابتة بالأدلة الصحيحة لا تسقط لمجرد غيبة صاحبها، فيبقى الغائب على شفعته حتى يحضر، فيأخذ أو يدع، والله أعلم.
القول الثاني:
القائلون بأن الشفعة على الفور اختلفوا فيما يجب على الشفيع الغائب إذا علم بالشفعة.
فقال الحنفية إن لم يشهد ولم يوكل مع قدرته وسكت ساعة بطلت شفعته
(1)
.
(2)
.
وذهب الشافعية إلى أن الغائب إذا علم بالشفعة وجب عليه المبادرة بالتوجه إلى صوب المشتري، أو يبعث وكيلًا إلا أن يكون الطريق مخوفًا فيجوز التأخير إلى أن يجد رفقة أو يزول الخطر.
وهل يكتفى بالبدار أو يجب معه الإشهاد قولان نقلهما العراقيون.
أحدهما: أنه يتعين معه الإشهاد، وتركه يبطل الحق.
الثاني: لا يتعين، ويكفي البدار في نحو الطلب.
(1)
المبسوط للسرخسي (14/ 91، 119)، البحر الرائق (8/ 147، 148)، بدائع الصنائع (5/ 18).
(2)
الجوهرة النيرة (ص:276).
فإذا لم يستمكن من الخروج بنفسه، فله أن يوكل، فإن لم يوكل مع القدرة عليه ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها ـ وهو قول القاضي أبي حامد ـ أنه تسقط شفعته؛ لأنه ترك الطلب مع القدرة، فأشبه إذا قدر على الطلب بنفسه فترك.
والثاني ـ وهو قول أبي علي الطبري ـ أنه لا تسقط؛ لأن التوكيل إن كان بعوض لزمه غرم، وفيه ضرر. وإن كان بغير عوض احتاج إلى التزام منه، وفي تحملها مشقة، وذلك عذر فلم تسقط به الشفعة.
ومن أصحابنا من قال: إن وجد من يتطوع بالوكالة سقطت شفعته؛ لأنه ترك الطلب من غير ضرر، فإن لم يجد من يتطوع لم تسقط؛ لأنه ترك للضرر.
فإن عجز عن المبادرة، وعجز عن التوكيل، فليشهد على الطلب، فإن لم يشهد فقولان أو وجهان:
أظهرهما: أنه يبطل حقه؛ لأن السكوت مع التمكن من الإشهاد مشعر بالرضا.
والثاني: لا يبطل، وإنما الإشهاد لإثبات الطلب عند الحاجة
(1)
.
وذهب الحنابلة إلى أن الغائب يلزمه الإشهاد إذا علم بالبيع، ولا يضره تأخير المبادرة بعد الإشهاد. وإذا علم بالبيع، وبادر بالسير إلى المشتري ولم يشهد سقطت شفعته؛ لأن السير يكون لطلب الشفعة ولغيره، وقد قدر أن يبين كون السير لطلب الشفعة بالإشهاد عليه فإذا ترك سقطت شفعته. ولا يلزمه التوكيل
(1)
فتح العزيز بشرح الوجيز (11/ 493)، نهاية المطلب للجويني (7/ 323)، المهذب (1/ 380)، الوسيط (4/ 98، 99)، روضة الطالبين (5/ 108).