الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والعامل فسخها قبل تمام العمل
…
ثم إن اتفق الفسخ قبل الشروع في العمل، فلا شيء للعامل، وإن كان بعده، فإن فسخ العامل فلا شيء له؛ لأنه امتنع باختياره، ولم يحصل غرض المالك، وإن فسخ المالك، فوجهان:
أحدهما: لا شيء للعامل، كما لو فسخه بنفسه.
والصحيح أنه يستحق أجرة المثل لما عمل، وبهذا قطع الجمهور، وعبروا عنه بأنه ليس له الفسخ حتى يضمن للعامل أجرة مثل ما عمل»
(1)
.
القول الثاني:
العقد لازم في حق الجاعل، جائز في حق العامل، وهذا هو المشهور من مذهب المالكية
(2)
.
وجه القول باللزوم:
ذهب المالكية إلى القول باللزوم بعد شروع العامل في العمل حتى لا يبطل الجاعل على العامل عمله بعد أن شرع فيه؛ ولأن فسخ الجعالة بعد تلبس العامل بالعمل فيه إضرار بالعامل، والعقد الجائز إذا تضمن فسخه ضررًا على أحد العاقدين أصبح لازمًا.
قال الصاوي: «وظاهره اللزوم للجاعل بالشروع، ولو فيما لا بال له»
(3)
.
الراجح:
أن العقد جائز مطلقًا، فإن فسخ الجاعل كان للعامل حصته من المسمى إن
(1)
روضة الطالبين (5/ 273).
(2)
الشرح الكبير (4/ 65)، الشرح الصغير (4/ 82)، الخرشي (7/ 65)، التاج والإكليل (5/ 455)، حاشية الدسوقي (4/ 65)، منح الجليل (8/ 69).
(3)
حاشية الصاوي على الشرح الصغير (4/ 82).
كان الجاعل يستفيد مما أنجزه العامل من العمل، كما لو كان الجعل على عمل فأنجز بعضه، وهذا ما اختاره شيخ شيخنا عبد الرحمن السعدي رحمه الله
(1)
.
وإن كان الجاعل لا يستفيد كما لو كانت الجعالة بحثًا عن ضال أو مفقود كان له أجرة المثل، وبهذا يحفظ حق العامل إذا كان الفسخ من قبل الجاعل، ولا يتعين الضرر في الفسخ أن يكون على العامل، بل يكون في فسخ العامل ضرر على الجاعل أيضًا؛ فإن الإعلان للجمهور عن عقد الجعالة يتطلب اليوم نفقات باهظة، فإذا أخذ عامل معين العقد ربما انصرف بقية الناس عن الجاعل لاكتفائه، فإذا فسخ العامل تطلب ذلك نفقات أخرى لإعلان جديد، والله أعلم.
* * *
(1)
المختارات الجلية (ص: 95).