الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دليل من قال: بصحة الإسقاط:
(ح-655) ما رواه مسلم من طريق ابن جريج، عن أبي الزبير،
عن جابر قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شركة لم تقسم ربعة أو حائط، لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فإن شاء أخذ، وإن شاء ترك، فإذا باع ولم يؤذنه فهو أحق به
(1)
.
وجه الاستدلال:
قوله صلى الله عليه وسلم: (فإذا باع ولم يؤذنه فهو أحق به) مفهومه أنه إن باعه وقد آذنه فلا حق له. قال الزركشي: وهذا ظاهر
(2)
.
وأجيب:
بأن الحديث محمول على الندب إلى إعلام الشريك، وكراهة بيعه قبل إعلامه كراهة تنزيه، وليس فيه تعرض لإسقاط الشفعة بعد العرض
(3)
.
وقد فهم ابن حزم من الحديث وجوب إعلام الشريك مع القدرة عليه
(4)
.
وقال ابن القيم في بدائع الفوائد: «حرم النبي صلى الله عليه وسلم على الشريك البيع قبل استئذان شريكه»
(5)
.
وذهب جمهور العلماء على أن في الحديث قرينة على أن المراد بقوله: (لا
(1)
مسلم (1608).
(2)
شرح الزركشي (2/ 172).
(3)
شرح النووي على صحيح مسلم (11/ 46).
(4)
المحلى (8/ 19 - 20).
(5)
بدائع الفوائد (3/ 612)، وانظر إيقاظ همم أولي الأبصار (ص:169).
يحل له أن يبيع) ليس معناه التحريم، إذ لو كان محرمًا لم يقل في آخر الحديث: فإن باع ولم يؤذنه فهو أحق به، ويكون معنى لا يحل له: أي يكره له، ويصدق على المكروه أنه ليس بحلال، ويكون الحلال: بمعنى: المباح: وهو مستوي الطرفين، والمكروه ليس بمستوي الطرفين، بل هو راجح الترك
(1)
.
واعترض الشوكاني على هذا التأويل بأن المكروه من أقسام الحلال كما تقرر في الأصول
(2)
.
قلت: ما تقرر في اصطلاح الأصول لا يلزم أن يكون مسلمًا في لغة الشرع، فالمكروه عند الأصوليين ليس هو المكروه عند السلف.
وقال القرطبي في شرح مسلم: «هو محمول على الإرشاد إلى الأولى بدليل قوله: (فإذا باع ولم يؤذنه فهو أحق به) ولو كان ذلك على التحريم لذم البائع، ولفسخ البيع، لكنه أجازه وصححه، ولم يذم الفاعل، فدل على ما قلناه، وقد قال بعض شيوخنا: إن ذلك يجب عليه»
(3)
.
ويمكن أن يقال: إن التحريم والصحة غير متلازمين لكن القرينة عندي في صرف النهي عن التحريم: كون النهي عن البيع قبل إعلام الشريك ليس لحق الله، وإنما هو لحق الشريك، وحق الشريك محفوظ سواء أخبره قبل البيع أو لم يخبره حتى باع، وما دام أن حقه قد حفظ لم يبلغ النهي التحريم، كما في النهي عن تلقي الجلب، وإذا تلقاه كان صاحبه بالخيار، والنهي عن تلقي الجلب للكراهة، وليس للتحريم، والله أعلم.
(1)
انظر الفتاوى الهندية (5/ 364)، المفهم في شرح مسلم (4/ 527)، شرح النووي على صحيح مسلم (11/ 46)، مرقاة المفاتيح (6/ 145).
(2)
نيل الأوطار (6/ 83).
(3)
المفهم في شرح مسلم (4/ 527)، وانظر مواهب الجليل (5/ 325).