الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالحكم في هذه الحالة: بأن يؤجل الشفيع لإحضار الثمن ثلاثة أيام، فإن أحضره، وإلا سقطت شفعته؛ لأن كلًا من المضارع، واسم الفاعل محتمل للوعد، وليس صريحًا في الأخذ.
الحال الثانية:
أن يقول الشفيع: أخذت بالشفعة بصيغة الماضي، فإن لم يكن عالمًا بالثمن فلا يلزمه الأخذ إذا عرفه، فله الرجوع عن الأخذ إذا عرف الثمن، وإن قال: أخذت بالشفعة، وهو عالم بالثمن فهنا المشتري له ثلاثة أحوال: إما أن يسلم له، أو يسكت، أو يمتنع.
فإن قال المشتري: قد سلمت لك الشقص بعد أن قال الشفيع: أخذت بالشفعة فهنا قد انعقد البيع بينهما، فلا رجوع لأحدهما إلا برضاهما، فإن عجز عن الثمن بيع الشقص من مال الشفيع، إلا أن يشترط عليه إن أتاه بالثمن وإلا فلا شفعة، فيعمل بشرطه.
وإن سكت المشتري بعد أن قال الشفيع أخذت بالشفعة فإنه يؤجله الحاكم باجتهاد ليأتي بالثمن فإن ذهب الأجل ولم يأت بالثمن خير المشتري في بيع الشقص، وفي إسقاط الشفعة.
وإن قال المشتري: أخذت بالشفعة، وأبى المشتري فإن عجل له الشفيع الثمن أجبر على دفعه للشفيع، وإن لم يعجل له ذلك فإن الحاكم يبطل شفعته حيث أراد المشتري ذلك. هذا ملخص مذهب المالكية
(1)
.
وتفريق المالكية بين صيغة المضارع وبين صيغة الماضي تفريق جيد باعتبار أن
(1)
شرح الخرشي (6/ 175)، منح الجليل (7/ 223)، البيان والتحصيل (12/ 85).
المضارع وعد بالأخذ بخلاف صيغة الماضي إلا أن يكون هناك عرف من كون المضارع يعني الجزم بالأخذ فلا يصح التفريق.
وأما تفريق المالكية بين أن يقول المشتري قد سلمت، أو يسكت أو يمتنع فلا أرى وجهًا لهذا التفريق؛ لأن الشفعة قائمة على الإيجاب فقط دون القبول، فلا يراعى قبول المشتري في حكم الشفعة؛ لأنها انتزاع لا يقوم على الرضا أصلًا، فإذا قال الشفيع: قد أخذت بالشفعة لزمته الشفعة إلا أن المبيع يحبس عند المشتري إلى حين أن يدفع الثمن، فإن لم يسلم الثمن فسخت الشفعة كما لو عجز عن دفع ثمن المبيع، ولا يقال: يباع المبيع من مال الشفيع هذا ما ترجح لي، والله أعلم.
* * *