الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(قتادة) هذا؛ فإنه مجهول ليس له ذكرفي شيء من كتب الرجال، ولا في " ثقات ابن حبان "! وإنما ذكره الحافظ الذهبي في " الميزان " لحديث آخر له موضوع، تقدم تخريجه برقم (1658)، وقال فيه:
" هذا وإن كان معناه حقاً؛ فهو موضوع
…
".
فمثل هذا المجهول لا ينبغي الاستشهاد به؛ فضلاً عن أن يصحح إسناده الذي ركبه على هذا الحديث الضعيف؛ ليروجه به.
ومن هنا يظهر خطأ الشيخ شعيب أيضاً الذي بعد أن ضعف إسناد حديث الترجمة وخرجه، أنهاه بقوله:
" وله شاهد يتقوى به من حديث ابن عمر عند الرامهرمزي
…
". ثم ساقه؛ ولكنه صرح بجهالة (قتادة) وقال:
" ومع ذلك فقد أورده السيوطي في " الجامع الكبير" (2/ 745) عن
الرامهرمزي وصحح إسناده "!!
6638
- (يَبْعَثُ اللَّهُ الْحَجَرَ الأَسْوَدَ، وَالرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَهُمَا عَيْنَانِ وَلِسَانٌ وَشَفَتَانِ يَشْهَدَانِ لِمَنِ اسْتَلَمَهُما بِالْوَفَاءِ) .
منكر بذكر: (الركن اليماني) .
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير"
(11/ 82 1/ 11432) قال: حدثنا إبراهيم بن أحمد الوكيعي: ثنا بكر بن محمد القرشي: ثنا الحارث بن غسان عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات؛ غير بكر بن محمد القرشي، وشيخه الحارث بن غسان؛ فقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (3/ 242) بعدما عزاه للطبراني:
"وكلاهما لم أعرفه ".
قلت: هذا الشيخ يحتمل أن يكون (الحارث بن غسان المزني) ؛ ذكره ابن حبان في (أتباع التابعين) من كتابه "الثقات "(6/ 175) برواية أخرى عنه، فإن يكن هو، فقد نص أبو حاتم أنه " مجهول ".
ثم ترجح عندي أنه هو؛ فقد رأيت العقيلي قد أورده في "الضعفاء"(2/218 - 219) ، وذكر له حديثين أحدهما بالرواية الأخرى المشار إليها، والآخر بروايته هذه عن ابن جريج.. بحديث آخر، وقال:
"لا يتابع عليهما، وقد حدث بمناكير ".
وأقره الذهبي والعسقلاني، وذكر هذا توثيق ابن حبان إياه، وقول الأزدي:
" ليس بذاك".
وإن مما يؤكد ضعف الحديث ونكارته: أنه صح من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعاً دون ذكر الركن. حسنه الترمذي، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، والضياء المقدسي في " المختارة "(60/ 235/ 1) ، فانظر التعليق على " المشكاة "(2578) ، و" صحيح ابن خزيمة "(2735 و 2736) .
(تنبيه) : من أحاديث (الحارث بن غسان) هذا: الحديث الأول من الحديثين المشار إليهما - آنفاً - عند العقيلي، وهو بلفظ:
" يجاء (وفي رواية: يؤتى) يوم القيامة بصحف مختمة
…
" الحديث.
أخرجه من طريق عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي عن الحارث بن غسان المزني (الأصل: المري) قال: ثنا أبو عمران الجوني عن أنس بن مالك مرفوعاً.
ومن هذا الوجه أخرجه الدارقطني في " سننه "(1/ 51/ 2) ، والأصبهاني في " ترغيبه "(1/ 82 - 83)، والطبراني في " المعجم الأوسط " (3/ 287/2624) ؛ ولكن وقع عنده (الحارث بن عبيد أبو قدامة) ! ويغلب على ظني أنه تحريف من بعض النساخ للأسباب الآتية:
أولاً: خالفته لرواية العقيلي والدارقطني، وهي من طريقين عن (الحجبي) عن (الحارث بن غسان) .
ثانياً: مخالفته لصنيع العقيلي؛ فإنه أورده في ترجمة (الحارث بن غسان) ، وصرح بأنه لا يتابع عليه؛ كما تقدم.
ثالثاً: أن البزار أخرجه في " مسنده "(3435 - كشف الأ ستار) ، والطبراني أيضاً في " الأوسط "(7/ 82/ 6129) ؛ كلاهما من طريق عمر بن يحيى الرملي، والبيهقي في " شعب الإيمان "(5/ 335/ 6836) من طريق إبراهيم ابن عرعرة، وأبو الشيخ في " التوبيخ" (192/ 160) عنهما قالا: ثنا الحارث بن غسان: نا أبو عمران الجوني به. وقال البيهقي:
"كذلك رواه جماعة عن (الحارث بن غسان) ".
رابعاً: تصريح غير ما واحد من الحفاظ بتفرد ابن غسان هذا به.
أولهم العقيلي - كما تقدم -.
ثانيهم: البزار؛ فإنه قال عقبه:
" لا نعلم يُروى عن أنس إلا من هذا الوجه ".
ثالثهم: الطبراني نفسه؛ فإنه قال:
" لم يروه عن أبي عمران الجوني إلا (الحارث بن غسان) ".
قلت: فهذا كله يؤكد أن ذكر (الحارث بن عبيد) مكان (الحارث بن غسان) في رواية الطبراني الأولى غير محفوظ.
وقد خفي هذا التحقيق على الحافظ المنذري؛ فقال في " الترغيب "(1/ 37/30) :
" رواه البزار، والطبراني بإسنادين، رواة أحدهما رواة (الصحيح) ، والبيهقي ".
وأقره المعلق على "سنن الدارقطني "! وتبعه الهيثمي؛ فقال في "مجمع الزوائد "(10/350) :
"رواه الطبراني في " الأوسط " بإسنادين، ورجال أحدهما رجال (الصحيح) ، ورواه البزار "!
وقلدهما المعلقون الثلاثة على طبعتهم الجديدة لكتاب " الترغيب " (1/ 89/
55) فأقروهما! ولا يسعهم إلا ذلك؛ لجهلهم بهذا العلم؛ بل وزادوا - ضغثاً على إبالة - فقالوا:
"حسن "!
أما لِمَ وكيف هو (حسنٌ) ، وليس بصحيح أو ضعيف؟ فهذا مما لا يتعرضون
لبيانه البتة، ولا يعرف القراء هل هو تقليد منهم لغيرهم، أو من كيسهم - كما ظهر لي -! ولا يعتمدون في ذلك على هذا العلم! وإنما مجرد الدعوى التي لا يعجز عنها أجهل الناس، فهم يصححون ويحسنون، ويضعفون (على كيفهم) - كما يقولون في سوريا، وهم سوريون فيما أظن -!
والحقيقة: أنني ما رأيت في العصر الحاضر فيمن حشروا أنفسهم في زمرة المعلقين والمحققين في هذا العلم - على كثرتهم - أجرأ منهم على إصدار الأحكام المشار إليها ارتجالاً بالرأي والهوى؛ فما أكثر الأ حاديث التي حسنوها - بل وصححوها - وهي ضعيفة، وعلى العكس أيضاً! وأنا على علم بما أقول، إن لم أقل: أعلم الناس بذلك! ويطول الكلام جداً؛ لو أردت أن أبين سبب ذلك والإكثار من الأمثلة، فحسبي الآن - بالإضافة إلى ما تقدم - مثالان؛ فإني في هذه الأيام معني بتصحيح تجارب المجلد الثاني من كتابي " صحيح الترغيب والترهيب " وإعادة النظر فيه؛ لبعد العهد به، وقد كنت علقت على أصله:
" التعليق الرغيب " بعض الملاحظات والانتقادات على تعليقات الثلاثة المشار إليهم، فأنقل خلاصة المهم منها إلى التجارب، ولذلك؛ فقد وجدت في تعليقاتهم العجب العجاب، وهاك المثالين:
الأول: حديث ابن عمر الطويل في فضل من يؤم البيت، وركعتي الطواف وغير ذلك؛ قال المنذري - وقد صدَّره بلفظ (عن) -:
" رواه الطبراني في " الكبير "، والبزار واللفظ له، وقال: وقد روي هذا الحديث من وجوه، ولا نعلم له أحسن من هذا الطريق ". فقالوا في التعليق عليه (2/ 118) :
"ضعيف؛ رواه ابن حبان (887 1) ، والبزار (1082) ، وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد" (3/ 274) : رواه الطبراني في " الكبير" بنحوه.
ورجال البزار موثقون. قلنا: بل فيهم عبد الوهاب بن مجاهد ضعيف ".
قلت: وهذا كذب! فليس في رواية ابن حبان والبزار عبد الوهاب هذا، وإن من جرأتهم في الكذب عزوهم إليهما بالأرقام، موهمين القراء أنهم رجعوا إليهما!
ولو فعلوا؛ لم يجدوا عندهما الضعيف المذكور، وإنما أخذوا الأرقام من الفهارس أو غيرها!
المثال الثاني: جاءوا إلى الحديث الصحيح:
"الطواف بالبيت صلاة
…
" الحديث؛ فضعفوه بقولهم (2/ 43 1/ 1712) :
"ضعيف، رواه الترمذي (960) ، وا بن حبان (3825) ".
قلت: وهم - كعادتهم - أطلقوا التضعيف، ولم يبينوا السبب؛ تغطية لجهلهم!
ولذلك؛ فلا نستطيع الجزم بتعيين سبب تضعيفهم إلا الظن بأنهم رأوا إشارة المنذري إلى إعلاله بـ (عطاء بن السائب) ، ولعلهم يعلمون أنه كان قد اختلط، فإن كان كذلك؛ فقد فاتهم أنه رواه عنه سفيان الثوري، وقد سمع منه قبل الاختلاط؛ كما ذكرت في " صحيح الترغيب "(2/ 27) الذي هو تحت الطبع (*) .
(تنبيه آخر) : حول الحداثة أيضاً:
ا - نقل المعلق (م) على كتاب " التوبيخ " كلام الهيثمي المتقدم في قوله:
(*) وقد طبع. والحمد لله (الناشر) .
" ورجال أحدهما رجال (الصحيح) "، فقال رداً عليه:
"قلت: وهذا ليس بصحيح؛ لما بينا من حال الحارث بن غسان (م) ".
قلت: وهذا يشبه - إلى حد كبير - ما صنعه المعلقون الثلاثة في المثال الثاني، من حيث إنَّ هذا الراد لم يقف على إسناد الطبراني الآخر، فحمله على إسناد الآخرين!!
2 -
أورد الدكتور (قلعجي) حديث الصحف هذا في، فهرس الأحاديث الصحيحة، الذي ألحقه بآخر " الضعفاء " للعقيلي (4/ 525)، مع الإشارة إلى موضعه من " الضعفاء " جزءاً وصفحة. ولا أجد لهذا الخطأ الفاحش [مبرراً] إلا الجهل الفاضح بهذا العلم! ولعله رأى قول الهيثمي المتقدم:
" ورجال أحدهما رجال (الصحيح) "، فظن أنه يعني أنه صحيح! وليس كذلك - كما هو معلوم -، ونبهت على ذلك أكثر من مرة، وهذا؛ لو سلم من الخطأ الذي سبق بيانه. فليتأمل القراء ضرر الحداثة في هذا العلم، فهذا يصحح الحديث الضعيف لجهله، وسوء فهمه لعبارة الهيثمي، وذاك يخطئه لعدم وقوفه على إسناده الآخر، وإن كان خطأ هذا أقل من الأول - كما هو ظاهر -.
وللدكتور في هذا الفهرس أحاديث أخرى ضعيفة صححها! كما أنه على العكس من ذلك: أورد أحاديث صحيحة في " فهرس الأحاديث الضعيفة"!
ولا أستبعد أن يكون هذا الجهل المزدوج من صبيانه الذين يستأجرهم بدريهمات معدودات - كما يقول البعض -، وهذا؛ إذا أحسن الظن بعلم الدكتور (!) . والله أعلم.