الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا - وهو: سليمان بن داود الشاذكوني -: قال الذهبي في " المغني ":
" رماه ابن معين بالكذب. وقال البخاري: فيه نظر ".
قلت: وقد مضى له أحاديث كثيرة تدل على سوء حاله؛ فهو الآفة، وقد خالفه وهب بن بقية: حدثنا خالد عن خالد الحذاء به؛ إلا أنه قال:
عن كعب رحمه الله تعالى أنه قال لعائشة رضي الله عنها: هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في إسرافيل شيئاً؟ قالت: كيف تجدونه في التوراة؟ قال:
…
فذكره نحوه.
فهذا هو أصل الحديث؛ فسرقه هذا الكذاب وقلبه ونسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهذا مما يؤيد قول ابن عدي فيه:
" حافظ ماجن عندي، ممن يسرق الحديث ".
وقد رواه بعض الضعفاء مرفوعاً أيضاً بأتم منه، وفيه ذكر الصور، وقد خرجته قي أول كتاب (26 - البعث) من كتابي " ضعيف الترغيب والترهيب "، وهو وشيك الصدور إن شاء الله تعالى مع قسيمه " صحيح الترغيب "(*) . والله ولي التوفيق.
6896
- (النَّفَّاخَانِ فِي السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ: رَأْسُ أَحَدِهِمَا بِالْمَشْرِقِ وَرِجْلَاهُ بِالْمَغْرِبِ - أَوْ قَالَ: رَأْسُ أَحَدِهِمَا بِالْمَغْرِبِ، وَرِجْلَاهُ بِالْمَشْرِقِ يَنْتَظِرَانِ مَتَى يُؤْمَرَانِ يَنْفُخَانِ فِي الصُّورِ فَيَنْفُخَانِ) .
منكر.
أخرجه أحمد (2/ 192) عن التيمي عن أسلم عن أبي مرية عن
(*) وقد صدر بحمد الله في خمسة مجلدات. (الناشر) .
النبي صلى الله عليه وسلم أو عن عبد الله بن عمرو عن النبي به.
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ للشك الذي فيه، وتردد الراوي بين إرساله ووصله أولاً؛ ولأن (أبو مرية) مجهول الحال ثانياً - كما كنت حققته في حديث أخر له تقدم برقم (5005) -.
والحديث أورده ابن كثير في "النهاية "(1/ 244 - 245) برواية أحمد هذه، وقال:
" تفرد به أحمد. وأبو مرية هذا اسمه عبد الله بن عمرو العجلي، وليس بالمشهور، ولعل هذين الملكين أحدهما هو إسرافيل، وهو الذي ينفخ في الصور - كما سيأتي بيانه في (حديث الصور) بطوله -، والآخر هو الذي ينقر في الناقور
…
".
وأقول: في الحديث نكارة ظاهرة مخالفة في وصف الملك رأساً ورِجلاً، وأنهما ملكان، والمحفوظ في أحاديث الباب أن النافخ في الصور واحد، إلا في رواية لعطية العوفي منكرة؛ فإنها بلفظ:
" إن صاحبي الصور
…
".
وأكثر الروايات عنه بالإفراد، وعليه أكثر الأحاديث - كما كنت بينت ذلك في " الصحيحة " برقم (1079) -.
ومما تقدم تعلم تساهل المنذري في قوله في " الترغيب "(4/ 191/ 6) :
" رواه أحمد بإسناد جيد هكذا على الشك في إرساله واتصاله "!
إذ كيف تجتمع الجودة مع الشك المذكور؟!
وغفل عن هذا الجهلة الثلاثة؛ فقالوا في تعليقهم على " الترغيب "(4/ 283) :
" حسن "! ونحوه قول الهيثمي (10/ 330) :
" رواه أحمد على الشك، فإن كان عن أبي مرية؛ فهو مرسل، ورجاله ثقات، وإن كان عن عبد الله بن عمرو؛ فهو متصل مسند، ورجاله ثقات "!
قلت: قد علمت جهالة (أبو مرية) ، ولم يوثقه غير ابن حبان - كما بينت في المصدر المذكور آنفاً -. هذا إلى ما في متنه من النكارة - كما تقدم -.
والحديث عزاه السيوطي في " الدر المنثور "(5/ 338) للحاكم أيضاً، ولم أره في " مستدركه " بعد مزيد البحث عنه. والله أعلم.
(تنبيه) : أبو فرية.. هكذا وقع في إسناد " المسند "، وكذا في المصادر التي عزته إليه؛ مثل:" نهاية " ابن كثير و " ترغيب " المنذري، و " مجمع " الهيثمي.
وكذلك هو في " جامع المسانيد " لابن كثير أيضاً (16/ 9/ 3) ، و " أطراف المسند " لابن حجر العسقلاني (4/ 112/ 124) ، وحقق الشيخ أحمد شاكر رحمه الله أنه كذلك ثبت في أصول " المسند " الثلاثة، ويشكل عليه أن العلماء والحفاظ في كتب التراجم و " الأسماء والكنى " لم يترجموه الا بـ (أبو مُراية) بالضم والتخفيف وياء تحتية بعد الألف، مثل: كتاب " التاريخ " للبخاري (3/ 1/154) ، و " الجرح " لابن أبي حاتم (2/ 2/ 118) ، و " الثقات " لابن حبان (5/31) .
وعلى هذا أجمعت كتب " الأسماء والكنى " مثل: كتاب مسلم (2/ 827/3342) ، والدولابي (2/ 2 1 1) ، و " المشتبه " للذهبي - وكتابه الآخر " المقتنى " -
وشروحه مثل " التوضيح " لابن ناصر الدين الدمشقي، و " التبصير " لابن حجر العسقلاني، وكتابه الآخر " تعجيل المنفعة ".
ولم يذكر أحد منهم الكنية الأولى سوى ابن ناصر الدين؛ فإنه قال:
" قلت: وقال سليمان التيمي: (أبو مرية) بحذف الألف، وتشديد المثناة تحت.. حكاه عن التيمي ابن منده في (الكنى) ".
قلت: وفي ظني أن ابن منده يشير إلى رواية أحمد هذه؛ فإنها من رواية التيمي - كما رأيت -. وقد ذكروا أنه روى عنه قتادة، وأسلم العجلي. وهذا من رواية أسلم عنه.
وأما رواية قتادة عنه فقد سبق تخريجها في " الصحيحة "(180)، ووقع فيها على الصواب:(أبو مُراية) .
قلت: فالذي يظهر لي - والله أعلم - من مجموع ما تقدم: أن الذي في " المسند " خطأ قديم من بعض رواته عن مؤلفه، مثل أبي بكر القطيعي؛ ففيه كلام يسير - كما كنت ذكرت في كتابي " الذب الأحمد عن مسند أحمد " -،
وسواء كان الخطأ منه أو من غيره؛ فتوهيمه - بلا شك - أولى من توهيم هؤلاء الأئمة الذين أجمعوا على ضبطه بخلاف ما وقع في إسناده؛ ولذلك فما أعجبني - حقاً - إصرار الشيخ أحمد شاكر على تصويب ما فيه، وتخطئة ما في كتابي البخاري والعسقلاني أعني:" التعجيل "! وفي اعتقادي أنه لو تيسر له تتبع هذه الترجمة من بعض المصادر المتقدمة - بله كلها -؛ لم يسعه - إن شاء الله - إلا أن يتبنى ما أجمعوا عليه، وأن ينسب الوهم إلى من أشرت إليه.