الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولم يذكر الهيثمي في (سلامة الكندي) توثيقاً، وهذا منه غريب، فإن الرجل ممن وثقه ابن حبان (4/343) على قاعدته في توثيق المجهولين، وقلما يفوت الهيثمي العزو إليه.
والحديث قال السخاوي في "القول البديع"(ص 34) :
"أخرجه الطبراني وابن عاصم، وسعيد بن منصور، والطبري في "مسند طلحة" من "تهذيب الآثار" له، وأحمد بن سنان القطان في "مسنده"، وعنه يعقوب بن شيبة في "أخبار علي" وابن فارس، وابن بشكوال هكذا موقوفاً بسند
ضعيف
…
وقال ابن كثير: هذا مشهور من كلام علي
…
، إلا أن في إسناده نظراً".
6545
- (ما بال أحدكم يؤذي أخاه في الأمر، وإن كان حقا؟!)(*) .
منكر.
أخرجه ابن سعد (4/24 -25) - والسياق له -، وأبو داود في "المراسيل" (345 -346) - مختصراً - من طريق داود بن أبي هند عن العباس ابن عبد الرحمن:
أن رجلا من المهاجرين لقي العباس بن عبد المطلب فقال: يا أبا الفضل! أرأيت عبد المطلب بن هاشم والغيطلة كاهنة بني سهم جمعهما الله جميعاً في النار؟ فصفح عنه، ثم لقيه الثانية فقال له مثل ذلك فصفح عنه، ثم لقيه الثالثة فقال له مثل ذلك فرفع العباس يده فوجأ أنفه فكسره، فانطلق الرجل كما هو إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فلما رآه قال: ما هذا؟ قال:
(*) سبق للشيخ رحمه الله تخريج هذا الحديث في "المجلد التاسع" برقم (4429) ، وهو هنا بزيادة في التخريج والتحقيق. (الناشر) .
"ما هذا؟ ".
قال: العباس. فأرسل إليه فجاءه فقال:
" ما أردت إلى الرجل من المهاجرين؟ ".
فقال: يا رسول الله! والله لقد علمت أن عبد المطلب في النار ولكنه لقيني فقال: يا أبا الفضل أرأيت عبد المطلب بن هاشم و (الغيطلة) - كاهنة بني سهم - جمعهما الله جميعا في النار؟ فصفحت عنه مرارا ثم والله ما ملكت نفسي وما
إياه أراد ولكنه أرادني. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم
…
فذكره.
قلت: وهذا إسناد مرسل ضعيف، العباس بن عبد الرحمن هذا لا يعرف إلا برواية داود هذا - كما في "التهذيب" تبعاً لـ (الكتابين) -، ولذا قال الحافظ في "التقريب":
"مستور".
وحقه أن يقول: "مجهول"، لأنه من المرتبة (التاسعة) التي قال فيها:
"
…
من لم يرو عنه غير واحد، ولم يوثق، وإليه الإشارة بلفظ (مجهول) ".
فهذا الوصف يصدق عليه، فإنه مع تفرد داود عنه، لم يوثق حتى ولا من ابن حبان! ولعله سقط عنه، فإنه ذكره راوياً عن كندير الآتي ذكره قريباً.
والحديث اخرج المرفوع منه الديلمي في "مسند الفردوس"(3/54) من طريق الروياني بسنده عن داود عن العباس بن عبد الرحمن عن العباس بن عبد المطلب رفعه. كذا قال: (عن العباس بن عبد المطلب) فأسنده!
ولداود بن أبي هند حديث آخر، يرويه عن عباس بن عبد الرحمن عن كندير بن سعيد عن أبيه قال:
حججت في الجاهلية، فإذا أنا برجل يطوف البيت وهو يقول:
رب رد إلي راكبي محمدا........رده لي واصطنع عندي يدا!
قلت: من هو هذا؟ قالوا: هذا عبد المطلب بن هاشم، ذهبت إبل له فأرسل ابنه في طلبها، فاحتبس عليه، ولم يرسله قط في حاجة إلا جاء بها. قال:
فما برحت أن جاء النبي صلى الله عليه وسلم، وجاء بالإبل معه، فقال: يابني! لقد حزنت حزناً لا يفارقني أبداً.
أخرجه أبو يعلى في "مسنده الكبير"(3/136/1242 - المقصد العلي) ، والطبراني في "المعجم الكبير"(6/78/5524) ، وأبو نعيم في "المعرفة"(1/281/1 -2) ، والبيهقي في "دلائل النبوة"(2/20 -21) .
قلت: وهذا إسناد ضعيف، لجهالة العباس هذا - كما تقدم - ومثله شيخه كندير، فإنه لا يعرف إلا برواية هذا المجهول عنه. ومع ذلك ذكره ابن حبان في "الثقات"(2/342) ، وهذا من تساهله المعروف، بل ومن مخالفته لبعض
شروطه فيه - كما نبهت عليه في كتابي "تيسر الانتفاع" يسر الله نشره -.
وينبغي أن يلحق به أبوه سعيد، فإنه لا يعرف إلا من هذا الوجه، وتساهل ابن حبان أيضاً، فذكره في "الصحابة"(3/156) ، ولذلك قال الحافظ في "الإصابة" - بعد أن ذكر له هذا الحديث -.
"قلت: لم أره في شيء من طرق حديثه أنه لقي النبي صلى الله عليه وسلم بعد البعثة، فالله
أعلم، وتقدم نحو هذه القصة لحيدة القشيري".
قلت: ومما سبق يتبن لك تساهل الهيثمي أيضاً في قوله في "مجمع الزوائد"(8/224) :
"رواه أبو يعلى والطبراني، وإسناده حسن"!
وهذا من إفراطه في الاعتماد على توثيق ابن حبان، كما يفعل بعض الناشئين والمعلقين اليوم! ويقابلهم آخرون، منهم من اشتهر بتتبع الأحاديث دالصحيحة، لتضعيفها بغير علم ولا كتاب منير، فلا يعتد بتوثيقه مطلقاً، ولو كان
الموثق منه روى عن جماعة من الثقات، ووثقه بعض الحفاظ المتأخرين أو صححوا حديثه، والحق وسط بين هؤلاء وهؤلاء.
وأما حديث (حيدة القشيري) الذي أشار إليه الحافظ، فقد عزاه في ترجمته من "الإصابة" إلى رواية البارودي والبيهقي في "الدلائل" من طريق داود بن أبي هند عن بهز بن حكيم عن أبيه عن حيدة بن معاوية - وهو جده -:
أنه خرج معتمراً في الجاهلية نحوه.
فأقول: لم أره في "الدلائل" من طريق داود بن أبي هند، وهو إسناد غريب، فإنهم لم يذكروا لداود رواية عن (بهز) ، ولا لـ (حكيم بن معاوية) - والد (بهز) - رواية عن جده (حيدة بن معاوية) ، وقد ذكر الحافظ في ترجمته عن البلاذري أنه لا تثبت له صحبة. هذا من جهة.
ومن جهة أخرى: فالبيهقي إنما أخرجه (2/21) من طريق عيسى الغنجار: