الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
" الطبراني في " الصغير " عن جابر ".
فهذا يعني أنه رواه من طريق الطبراني، فصدق ظني والحمد لله.
ولقد ذكرني عزوه لـ " صغير الطبراني " أن أنبه وأن عزو شيخه الهيثمي إياه لـ " أوسط الطبراني " - كما تقدم - إنما هو من أوهامه؛ فإن شيخ الطبراني المتقدم ليس له في " المعجم الأوسط " إلا حديث واحد غير هذا - كما سبقت الإشارة إليه -.
والحديث عزاه ابن القيم في " حادي الأرواح "(1/ 252) من رواية أبي نعيم من حديث الأعمش
…
إلخ. فما أعجبني طيه من إسناده آفته، وكان الأولى به أن يقول: من حديث عمرو بن عبد الغفار الفقيمي: ثنا الأعمش
…
إلخ؛ لأنه إذا ساق المحدث الحديث الضعيف بإسناده فقد تبرأت ذمته، ولا مسؤولية عليه.
ولهذا لم يعجبني أيضاً صنيع الحافظ ابن رجب في " لطائف المعارف "(ص 58) فإنه أورده أيضاً بمعناه، ودون عزو، وبلفظ:
"وفي الحديث أيضاً: أن الجنة تفتح
…
"، وسكت عنه!
ثم إن (عمرو بن عبد الغفار) هذا قد خفي أمره على ابن حبان؛ فأورده في كتابه " الثقات "(8/ 478) !
6758
- (الدرهم يصيبه الرجل من الربا؛ أعظم عند الله من ثلاثة وثلاثين زنية يزنيها في الإسلام) .
منكر بهذا التمام.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير "(13/ 171/411) : حدثنا المقدام بن داود قال: حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار قال:
حدثنا ابن لهيعة عن أبي عيسى الخراساني سليمان بن كيسان عن عطاء الخراصاني عن عبد الله بن سلام مرفوعاً.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، أعله المنذري بالانقطاع فقط! فقال في " الترغيب " (12/50/3) :
" رواه الطبراني في " الكبير " من طريق عطاء الخراساني عن عبد الله، ولم يسمع منه ".
وكذا قال الهيثمي (4/ 117) :
قلت: وهو في نفسه صدوق، ولكنه يهم كثيراً، ويرسل ويدلس - كما قال الحافظ -.
وابن لهيعة: ضعيف في غير رواية العبادلة عنه، وهذه منها.
والمقدام بن داود: قال النسائي:
"ليس بثقة".
وسائر رجال الإسناد ثقات، وقول الحافظ في أبي عيسى الخراساني:
" مقبول " تقصير غير مقبول؛ فالرجل ثقة - كما قال ابن حبان والذهبي -، وروى عنه جمع من الثقات - كما بينت في " تيسير انتفاع الخلان بثقات ابن حبان " -.
ثم قال المنذري عقب قوله المتقدم:
" ورواه ابن أبي الدنيا والبغوي وغيرهما موقوفاً على عبد الله وهو الصحيح،!
ولفظ الموقوف في أحد طرقه:
قال عبد الله: الربا اثنان وسبعون حُوباً، أصغرها حُوباً كمن أتى أمه في الإسلام، ودرهم من الربا أشد من بضع وثلاثين زنية ". قال:
" ويأذن الله بالقيام للبر والفاجر يوم القيامة إلا آكل الربا؛ فإنه {لا يقوم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس} ".
ولي على هذا التخريج والتصحيح ملاحظات:
الأولى: أن إطلاقه العزو للبغوي يوهم أنه رواه بإسناده، وليس كذلك؛ فإنه إنما ذكره في " شرح السنة " معلقاً؛ فقال (8/ 54) :
" وقال عبد الله بن سلام
…
" إلخ.
ولم يسنده في" تفسيره " للآية من آخر سورة البقرة، واكتفى المعلق على " الشرح " في تخريجه على نقل كلام المنذري - على ما فيه مما أنا في صدد بيانه -.
الثانية: لم يتيسر لي الوقوف على رواية ابن أبي الدنيا في شيء من رسائله وكتبه التي عندي من مخطوط، أو مطبوع لننظر في سنده، وقد صححه المؤلف، وهو ما أستبعده؛ لأنني قد رأيته. في " مصنف عبد الرزاق " (10/ 461/
19706) ، ومن طريقه البيهقي في " شعب الإيمان " (4/ 392/ 4 551) عن معمر عن عطاء الخراساني أن عبد الله بن سلام قال:
…
فذكره.
فرجع الإسناد إلى عطاء الخراساني، وقد عرفت حاله، مع الانقطاع الذي صرح به المنذري، فكيف يكون صحيحاً؟! وما إخالُ رواية ابن أبي الدنيا إلا من
هذا الوجه.
نعم؛ قد وصله البيهقي (5515) من طريق زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن سلام أنه قال:
" الربا اثنان وسبعون حوباً، وأدناها فجرة مثل أن يقع الرجل على أمه، أو مثل أن يضطجع الرجل مع أمه، وأكثر من ذلك - أظن - استطالة المرء في عرض أخيه المسلم بغير حق ".
وإسناده جيد، ورجاله كلهم ثقات، ووقع في الأصل بعض الأخطاء المطبعية، فصححتها من " الدر المنثور " (1/ 364) . فهذا مما يؤكد ضعف قوله: " ويأذن الله بالقيام
…
" إلخ.
نعم؛ قد جاء مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم أن من أكل الربا؛ بعث يوم القيامة مجنوناً يتخبط، ثم قرأ: {الذين يأكلون الربا
…
} الآية. وهو مخرج في " الصحيحة "(3313) .
وكذلك ثبت حديث الترجمة دون قوله: " في الإسلام " عق حنظلة بن راهب عن كعب
…
فذكره موقوفاً عليه.
أخرجه أحمد في " المسند "(5/ 225) تحت مسند (عبد الله بن حنظلة ابن الراهب - غسيل الملائكة) ولذلك لم يعزه إليه المعلقون الثلاثة؛ فقالوا (2/618) :
" رواه أحمد في لا الزهد ".
وهذا تخرص منهم مقيت، صاروا إليه؛ لما رأوا المنذري عزاه لأحمد وتبعه على
ذلك الهيثمي (4/ 117)، وقد وصف هذا كعباً بقوله:
" وعن كعب الأحبار "!
ولما لم يجدوا لكعب هذا ذكراً في " فهرس المسند "؛ ادعوا هذه الدعوى الكاذبة، تصحيحاً لعزوهما إلى (أحمد) !!! والعزو صحيح؛ ولكنهم قوم لا يفقهون هذا العلم ولا يهتدون؛ ولذلك ضعفوه!
ووصف (كعب) بالأحبار لا أصل له عند أحمد، ولا عند غيره، وذلك من أوهام الهيثمي التي سبقت إلى ذهنه؛ فقال عقب متنه:
" رواه أحمد عن حنظلة الراهب عن كعب الأحبار، وذكر الحسيني: أن (حنظلة) هذا غسيل الملائكة، فإن كان كذلك؛ فقد قتل بأحد، فكيف يروي عن كعب؟! وإن كان غيره؛ فلم أعرفه، والظاهر أنه ابنه (عبد الله بن حنظلة) ، وسقط من الأصل (عبد الله) ، والله أعلم، ورجاله رجال الصحيح إلى حنظلة ".
قلت: وما استظهره أخيراً هو الصواب الذي لا شك فيه لأسباب أهمها؛ أن الدارقطني في " سننه "(3/ 6 1/ 49)، والبيهقي في" الشعب " (4/ 393/5516) روياه على الصواب من طريقين عن سفيان - وهو: الثوري - وهي التي في " المسند " عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن الراهب قال: قال كعب:
…
فذكره. فأثبت فيه (عبد الله) الساقط من" المسند "؛ غير أنه نسبه لجده، وبذلك يظهر أن الإسناد صحيح، وقد قال المنذري في " الترغيب " (13/50/3) :
"وروى أحمد بإسناد جيد عن كعب الأحبار
…
" فذكره.
وأما المعلقون الثلإثة فجزموا بجهلهم البالغ، وارتجالهم المعهود بأنه ضعيف؛ دون أن يذكروا السبب - كما هي عادتهم -. هداهم الله، وعرفهم بأنفسهم!
وإن مما يؤكد للقراء جهلهم وغرورهم، وأنهم يخبطون خبط عشواء في الليلة الظلماء؛ أنهم في الوقت الذي ضعفوا هذا الموقوف حسنوا الحديث الآتي مرفوعاً عن عبد الله بن حنظلة، والأول أصح؛ كما يأتي عن الدارقطني؛ فقد أخرجه برقم (48)، وأحمد أيضاً من طريق جرير بن حازم عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" درهم رباً يأكله الرجل - وهو يعلم -؛ أشد من ست وثلاثين زنية ".
وقال المنذري:
" رواه أحمد والطبراني في " الكبير "، ورجال أحمد رجال الصحيح ".
وكذا قال الهيثمي؛ إلا أنه زاد في التخريج: " والأوسط ".
قلت: وإسناده عندي صحيح؛ وان أعله الدارقطني بالموقوف المتقدم، فقال:
" هذا أصح من المرفوع ".
إلا أن هذا لا ينفي الصحة عن المرفوع؛ وإن كان دون الموقوف، وأظن أن ملحظ الدارقطني فيما قال، ما في (جرير بن حازم) من المقال، ولكنه قد جاوز القنطرة برواية الشيخين عنه، ولا سيما وقد توبع من ليث بن أبي سليم عن ابن أبي مليكة به.
أخرجه الطبراني في " الأوسط"(3/ 330/ 2703)، والدارقطني (50) عن عبيد الله بن عمرو عنه. وقال الطبراني: