الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو - كما ترى - موقوف، وعزاه الحافظ إلى الحاكم مرفوعاً وباللفظ الآتي!
وأما حديث عاصم بن عدي فليس فيه إلا مكان خروج النار، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم إياه بالخروج منه في قصته: أخرجها الطبراني في " المعجم الكبير "(7 1/173/ 458) بإسناد فيه إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع وهو ضعيف - كما في " المجمع "(8/ 13) -، وليس هو في المطبوعة، لانما فيها (إسماعيل بن مجمع عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم
…
) ، ولم أعرفه؛ فالظاهر أن في الإسناد شيئاً أو سقطاً. والله أعلم.
والشاهد منه أن فيه ما لفظه:
" أخرج أهلك منها؛ فقد يوشك أن يخرج منه نار يضيء أعناق الإبل ببصرى ".
والمقصود أن هذه الشواهد كلها قاصرة؛ فلا يتقوى الحديث بها، خلافاً لما يوهمه كلام الدكتور. وأما خروج النار فهي مشهورة مستفيضة في الأحاديث الصحيحة، وإنما البحث في بعض الصفات التي في حديث الترجمة؛ فإنها لا
شاهد لها، مثل بطء سيرها، وقول بعض الناس: (غدت النار
…
) إلخ. والله أعلم.
والآن فإلى الحديث التالي:
6915
- (تبعث نار على أهل المشرق فتحشرهم إلى المغرب تبيت معهم حيث باتوا، وتقيل معهم حيث قالوا، يكون لها ما سقط منهم وتخلف، تسوقهم سوق الجمل الكسير) .
ضعيف. أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط "(8/ 99/ 8092) من
طريق الحجاج بن الحجاج عن قتادة عن عمر بن سيف عن المهلب بن أبي صفرة عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعاً.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات؛ غير (عمر بن سيف) هذا، فإنه لا يعرف إلا بهذه الرواية؛ فقال البخاري في " التاريخ " (3/ 2/ 161) :
" روى عنه قتادة، منقطع ". وقال ابن أبي حاتم (3/ 1/ 113) :
" روى عن المهلب بن أبي صفرة، روى عنه قتادة حديثاً منقطعاً. سمعت أبي يقول ذلك ".
وأما ابن حبان فذكره في " الثقات "(7/ 176) ! وهو عمدة الهيثمى في قوله في " المجمع "(8/12) :
"رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط "، ورجاله ثقات "!
قلت: فهو علة الحديث. وقول البخاري وأبي حاتم: " منقطع " الظاهر أنه يعني: أنه لم يثبت عنده لقاؤه للمهلب. وهذا أمر ملازم لمن كان مثله في الجهالة. والله أعلم.
وقد أسقطه بعضهم من الإسناد؛ فظهر بمظهر الصحة، فقال عبد الله بن رجاء الفداني (1) : ثنا همام عن قتادة عن المهلب بن أبي صفرة عن عبد الله بن عمرو قال:
…
فذكره موقوفاً عليه بنحوه.
وقد ذكرت لفظه تحت الحديث الذي قبله. وأن الحاكم صححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، ووعدت ببيان علته ههنا؛ فأقول:
(1) الأصل (العراقي) وهو تحريف.
كنت أريد أن أقول: إن الذي أسقط ذاك الجهول من هذا الاسناد انما هو قتادة؛ لأنه معروف بالتدليس، ولكن ذلك مشروط عند أهل العلم بأن يكون السند إليه صحيحاً لا علة فيه، فأرى أن الأمر ليس كذلك هنا؛ فإن تحته ابن رجاء الغداني، وهو مع كونه من شيوخ البخاري؛ فقد تكلم في حفظه، فقال الذهبي في "المغني ":
" صدوق. قال أبو حاتم: ثقة رضي. وقال أبو حفص الفلاس: كثير الغلط والتصحيف؛ ليس بحجة ". ولذلك قال الحافظ في " التقريب ":
" صدوق يهم قليلاً ".
قلت: فلذلك فإني أخشى أن يكون الإسقاط المشار إليه من أوهامه؛ لمخالفته لطريق الحجاج بن الحجاج - وهو: الباهلي - التي لا علة فيها إلى قتادة، وقد زاد فيه:(عمر بن سيف) ؛ فهي زيادة مقبولة، وهي تستلزم رفض حديثه وعدم قبوله. والله أعلم.
ومن هذا التخريج والتحقيق يتبين تساهل الحافظ في سكوته عن الحديث في " الفتح "(11/ 378) . وليس هذا فقط؛ بل إنه اختلط عليه لفظ حديث الحاكم المتقدم بلفظ الطبراني هذا، فذكره به وعزاه للحاكم! والله الموفق.
وروى طرفاً منه أبو عمرو الداني في " الفتن "(5/ 998/ 535) من طريق ليث بن أبي سليم قال:
" تحشرهم النار، وتغدو معهم وتروح، يقولون: قد راحت النار؛ فروحوا. ولها ما سقط ".
وهذا مقطوع ضعيف، ليث هذا: كان اختلط.