الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن فوقه من رجال الإسناد المترجمين في " التهذيب " بالثقة والضبط حاشا الاثنين المذكورين، فإنهما مذكوران فيه بالضعف؛ فهما العلة - كما تقدم -. والله ولي التوفيق.
هذا؛ وانما خرجت الحديث في هذه " السلسلة "، من أجل الفقرة الثانية منه؛ فإني لم أجد لها شاهداً، وكأنه لذلك أشار المنذري في " الترغيب "(2/ 20/ 6) إلى تضعيفه، بخلاف الفقرة الأولى منه؛ فلها شاهد عن غير ما واحد من الصحابة، منهم أبو هريرة في " صحيح مسلم " وغيره، وهو مخرج في " الارواء "(7/ 259/2200) ، و " الصحيحة "(2328) .
وكذلك الفقرة الثالثة لها شواهد من حديث عبد الله بن عباس، وعبد الرحمن ابن عوف وغيرهما، يقوي بعضها بعضاً، وهي في كتابي " صحيح الترغيب " (8 - الصدقات/ 4 - الترهيب من المسألة
…
) . ومن حديث أبي هريرة، وهو مخرج في " الصحيحة "(2543) .
ونحوه حديث ابن مسعود، وهو مخرج في " الصحيحة "(2787) ، و " صحيح أبي داود "(1452) .
6740
- (تدرون ما الصعلوك؟ قال: قلنا: الرجل الذي لا مال له. قال: إن الصعلوك كل الصعلوك الرجل له المال لم يقدم منه شيئاً) .
منكر.
أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان "(3/210/3341) من طريق عبد الملك بن محمد: نا وهب بن جرير: نا شعبة عن يزيد بن خصيفة عن المغيرة بن عبد الله الجعفي قال:
جلسنا إلى رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له: خصفة - أو: ابن خصفة -، فجعل ينظر إلى رجل سمين، فقلت له: ما تنظر إليه؛ فقال: ذكرت حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ سمعته يقول:
" هل تدرون ما الشديد؟ ". قلت: الرجل يصرع الرجل. قال:
"إن الشديد كل الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب. تدرون ما الرقوب؟ !.
قلنا: الرجل لا يولد له. قال:
" إن الرقوب الرجل له الولد، لم يقدم منهم شيئاً ". قال:
…
فذكر الحديث.
قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ فيه علل:
الأولى: خَصفة أو ابن خَصَفة: كذا وقع في هذه الرواية، وفي رواية أحمد التي سأذكرها:(ابن حصبة)، أو:(أبي حصبة) ، وهنا وجه ثالث من الخلاف تراه في " الإصابة "، وقد قال في ضبط (خصفة) :
" بفتح المعجمة، ثم المهملة ".
فلا غرابة مع هذا أن لا يكون من المعروفين بالصحبة، ولما ذكروه في تراجم الصحابة؛ قالوا فيه:
"مجهول ".
كما قال ابن الأثير في " أسد الغابة "(2/ 614/ 1459) ؛ تبعاً لأبي نعيم - كما سيأتي -، وتبعهما الذهبي في " التجريد "(1/ 165/ 1659) والحسيني - كما في " التعجيل "(476/ 1257) -، فلعله لذلك لم يورده ابن حبان في الصحابة
من كتابه " الثقات "، وكذا ابن عبد البر في " الاستيعاب في أسماء الأصحاب ".
على أن رواية أحمد المشار إليها، تشير إلى أنه تابعي - كما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى -.
الثانية: المغيرة بن عبد الله الجعفي: لم أجد له ترجمة فيما عندي من المصادر، وقد سمي في غير هذه الرواية بـ:(عروة بن عبد الله الحنفي) - كما يأتي -، وهي أصح.
الثالثة: عبد الملك بن محمد - وهو: الرقاشي -: قال الذهبي في " المغني ":
" قال الدارقطني: كثير الوهم، لا يحتج به ".
ومن طريقه أخرج منه أبو نعيم في " معرفة الصحابة " حديث الترجمة فقط، في ترجمة (خصيفة)، وقال فيه:
" مجهول " - كما تقدمت الإشارة إلى ذلك -.
وقد خولف الرقاشي في إسناده: فقال أحمد (5/ 367) : ثنا محمد بن جعفر: ثنا شعبة قال: سمعت عروة بن عبد الله الحنفي يحدث عن ابن حصبة - أو: أبي حصبة - عن رجل شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال:
" أتدرون ما الرقوب؟
…
" الحديث نحوه؛ بتقديم وتأخير.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات، رجال الشيخين؛ غير عروة بن عبد الله الحنفي، وهو ثقة مترجم في " التهذيب "، وغير (أبي حصبة) - أو: ابن حصبة -،
وهو مجهول - كما قال الحسيني -؛ فهو علة الحديث، وهذا يرجح أنه ليس بصحابي؛ لأن السند إليه صحيح، وقد رواه هو عن صحابي شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، بخلاف رواية الرقاشي؛ فقد جعله صحابياً، وخالف في اسمه - كما تقدم -. والله سبحانه وتعالى أعلم.
ثم إن جملة الشديد والرقوب لها شاهد من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عند مسلم وغيره، وهو مخرج في " الصحيحة " برقم (3406) ، كما يشهد لها حديث أبي هريرة في " الصحيحين ".
والحديث قال المنذري في " الترغيب "(2/ 29/ 46) :
"رواه البيهقي، وينظر في سنده".
فأقول: قد نظرت في سنده، وكشفت لك عن علته التي دندن حولها الحافظ الناجي في " عجالته "(ق 127/ 1 - 2) ولم يشفِ؛ لأنه لا يخرج القارئ من كلامه - مع توسعه فيه - بخلاصة واضحة. ولعل ذلك من أسباب تحسين المعلقين الثلاثة للحديث! مع أنهم نقلو! (1/ 677) قول الحسيني في أبي حصنة (!) أو
ابن حصنة (كذا في الموضعين!) : " مجهول "!
حسنوه هنا، وفي آخره حديث الترجمة المنكر، وفي مكان آخر ذكره المنذري برواية أحمد مقتصراً على جملة (الشديد) بلفظ آخر، وبألفاظ زائدة على رواية البيهقي التي حسنوها، بل وعلى الشاهد الصحيح المشار إليه آنفاً، ومع ذلك قالوا (3/ 441) :
" حسن بشاهده المتقدم"! ولو عكس؛ لكان أقرب إلى الصواب، وليس بصواب.