الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يضم إلى ذلك بعض المتابعات للأعمش تؤكد صحة حديثه عن أبي صالح عن أبي هريرة دون الزيادة؛ عند ابن حبان في " صحيحه "(3/ 91/ 1670 - الإحسان) ، والطبراني في " الأ وسط "(4/ 63/ 3078 و 0 1/ 9 1 2/ 9482) وأبي نعيم (1/128 -129) .
ويؤكد ذلك كله حديث أبي أمامة مرفوعاً به؛ دون الزيادة.
أخرجه أحمد (5/ 260) ، والطبراني في " الكبير "(8/ 343) بسند حسن.
6807
- (إن الله يحب إغاثة اللهفان) .
ضعيف.
أخرجه ابن حبان في " الضعفاء"(2/ 313)، وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (15/ 142 - المصورة) من طريق أبي العباس محمد بن يونس السامي: حدثنا أزهر بن سعد: حدثنا ابن عون عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعاً.
قلت: وهذا إسناد موضوع، رجاله كلهم ثقات من رجال الشيخين؛ غير (محمد بن يونس) هذا، وهو المعروف ب:(الكديمي) ، وهو كذاب وضاع، فهو [آفة] الحديث وضعه عليهم، وقد أشار إلى ذلك ابن حبان؛ فإنه قال فيه:
"كان يضع الحديث وضعاً، ولعله قد وضع أكثر من ألف حديث".
ثم ساق له أحاديث هذا أحدها. وقال الذهبي في" المغني ":
"حافظ هالك. قال ابن حبان وغيره: كان يضع الحديث على الثقات ".
وقد روي الحديث من طرق أخرى في حديث " الدال على الخير كفاعله، والله يحب إغاثة اللهفان "، وكنت خرجتها في " الصحيحة " تحت رقم (1660) من أجل الشطر الأول منه؛ مبيناً صحته دون الشطر الآخر - حديث الترجمة -، ثم تنبهت لأمر اقتضى إجراء تحقيق جديد لأحدها تأكيداً لضعفها، وتنبيهاً على وهم
وقع فيه للحافظ المنذري توبع عليه من جمع من بعده ممن خرج الحديث أو علق عليه، مع أوهام أخرى وجب التنبيه عليها؛ فأقول:
ذاك الطريق؛ هو ما أخرجه البزار في " مسنده "(2/ 399/ 951 1 - كشف الأستار) ، وأبو يعلى (7/ 275/ 4296)، وابن أبي الدنيا في " قضاء الحوائج " (ص 78/ 27 - مجموعة الرسائل) من طريق السكن بن إسماعيل الأصم:
حدثنا زياد عن أنه به. وزاد البزار في السند فقال:
" زياد النميري ".
قلت: فهذه الزيادة (النميري) جعلت المنذري يقول في " الترغيب "(1/72/ 3) :
" رواه البزار من رواية (زياد بن عبد الله النميري) ، وقد وثق، وله شواهد ".
وتبعه الهيثمي في " المجمع " فقال (3/ 137) :
" رواه البزار، وفيه زياد النميري، وثقه ابن حبان وقال: يخطئ؛ وابن عدي.
وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات. ورواه أبو يعلى كذلك"!
وقلده المعلق على " مسند أبي يعلى "؛ فضعفه بـ (زياد بن عبد الله النميري)، والمعلق على" المقصد العلي " (3/ 35/ 1041) ؛ لكنه قال:
" وذكره ابن حجر في " المطالب العالية " برقم (902) وقال: فيه متروك.
وعزاه لأبي يعلى ".
قلت: فقد أشار الحافظ ابن حجر بقوله هذا إلى أن (زياداً) هذا ليس هو النميري الموثق؛ ولكن المعلق المشار إليه لم يتنبه؛ لأنه ليس من أهل هذا الفن.
ويأتي بيان من هو، وهو بيت القصيد من هذا التخريج.
وقد يشير إلى ما أشار إليه الحافظ شيخه الهيثمي إذ تنبه له! فإنه قال في " الكشف " عقب الحديث:
" قلت: قد قال البزار قبل هذا: إن زياداً لم يرو عن أنس إلا الحديث الذي قبل هذا. فقد روى عنه هذا أيضاً ".
قلت: يشير الهيثمي إلى حديث البزار (1950) بسنده عن زياد بن أبي حسان عن أنس بن مالك مرفوعاً بلفظ:
(من أغاث ملهوفاً
…
" الحديث، ومضى تخريجه برقم (621) برواية ثمانية من الحفاظ غير البزار؛ كلهم عن (زياد بن أبي حسان) - فليراجعه من شاء.
فإذا تنبهت لكلام الهيثمي هذا؛ عرفت أن الحديثين عند البزار هما من رواية (زياد بن أبي حسان) ، وليس من رواية (زياد النميري) .
بان مما يؤيد هذا أمور:
الأول: أن الحافظ ابن عبد البر أخرجه في " جامع بيان العلم "(1/ 76/60 - ابن الجوزي) من طريق أخرى عن زياد بن ميمون الثقفي عن أنس به؛ لكنه
لم يسق الشطر الآخر منه.
الثاني: أنهم لم يذكروا في شيوخ (السكن بن إسماعيل) هذا إلا (زياد بن ميمون الثقفي) هذا. انظر " تهذيب الكمال " للمزي (11/ 207 - 208) .
الثالث: أن الحافظ الذهبي والعسقلاني قد ذكرا (زياداً الثقفي) هذا في " الميزان " و " اللسان "، وقالا:
" ويقال له: (زياد أبو عمار البصري) و (زياد بن أبي عمار) و (زياد بن أبي حسان) ؛ يدلسونه لئلا يعرف في الحال "!
قلت: ولهذه الأسباب فإني أقطع بأن زيادة (النميري) في سند البزار وهم؛ إما من البزار -؛ فإن له أوهاماً في بعض ما يرويه كما ذكروا، وقد تبينت ذلك في تحقيقي لـ " كشف الأستار "، وتقسيمه إلى " صحيح " و" ضعيف " -، وإما من الهيثمي - الناقل له من أصله " مسند البزار " المسمى بـ " البحر الزخار " -، والجزم بأحد الاحتمالين يتطلب مراجعة مسند أنس من " البحر "، وهذا مما لم يطبع بعد، أو طبع ولم أطلع عليه.
إذا عرفت ما تقدم من هذا التحقيق؛ يظهر لك جلياً وهم المنذري ومن قلده في
جزمهم بأن زياداً في الحديث هو: (ابن عبد الله النميري) .. وأن الصواب أنه:
(زياد بن ميمون الثقفي)، وأنه هو الذي أشار إليه بقوله المتقدم:
" فيه متروك ".
وهذا ما كنت قلته فيه في الموضع الذي سبقت الإشارة إليه من " الصحيحة "،
وزدت فقلت:
"وكذبه يزيد بن هارون". ولذلك قال الذهبي في " المغني ":
" اعترف بالكذب وتاب
…
ثم نكث وكذب ".
هذا؛ وقد كنت ذكرت لحديث الترجمة طريقين آخرين؛ أحدهما: عن ابن عباس.. وفيه متروك. والآخر: عن ابن عمر.. وفيه ضعيف كان يتلقن، وآخر ضعيف؛ فراجع، إن شئت هناك.
ثم وجدت لحديث ابن عمر طريقاً أخرى؛ فوجب النظر فيها؛ ولكن قبل ذلك هنا ملاحظات على بعض ما مر بي أثناء هذا التحقيق، يحسن بيانها، ثم تتبع ذلك بتخريج الطريق الأخرى؛ فأقول:
أولاً: قول المنذري المتقدم في حديث أنس:
"وله شواهد"!
وعلى ذلك صدره بما يشعر ثبوته عنده؛ وهو قوله: " وعن أنس
…
"!
ومن هذا التحقيق والتخريج يظهرأنه ليس فيما ذكرنا من الطرق ما ينهضم للشهادة؛ لوهائها وشدة ضعفها. فتنبه!
ثانياً: تقلد قول المنذري هذا المعلقون الثلاثة عليه؛ فقالوا:
"حسن بشواهده "!
ومن غرائبهم وتناقضهم قولهم عقبه:
" رواه البزار في " كشف الأستار " (1951) ، وفيه زياد بن أبي حسان، وهو:
متروك "!
فقد عرفت أن الذي في " الكشف " إنما هو (زياد النميري) الموثق؛ فالظاهر أنهم [رأوا] في بعض التحقيقات أن في سند الحديث (زياد بن أبي حسان) هذا المتروك؛ فتقلدوه أيضاً، ولعيهم وجهلهم بهذا العلم لم يستطيعوا التوفيق بين هذا التحقيق وبين ما في " الكشف "!!
ثالثاً: قالوا في تمام كلامهم:
" ويشهد له ما رواه الترمذي بغير هذا الإسناد (2672) "!
فإذا رجع القارئ إلى الرقم المذكور من الترمذي؛ لم يجد إلا الجملة الأولى:
"الدال على الخير كفاعله"! وهذا صحيح حقاً بشواهده؛ كما تقدم ذكره في أول هذا البحث، وإسناده حسن - وإن استغربه المنذري -، وفي الباب عن أبي مسعود البدري، وهو أصح منه؛ كما هو مبين في " الصحيحة "، وانظر " صحيح الجامع الصغير "(رقم 3393 - الطبعة الشرعية) .
رابعاً: قول المعلق على " مسند أبي يعلى "(7/ 276) :
"والجزء الثاني من الحديث له شواهد كثيرة (!) ؛ منها: حديث أبي موسى الأشعري
…
"، ثم سود سطرين في تخريجه، ولم يسق لفظه لينظر القارئ هل هو شاهد حقاً أم مجرد دعوى - كما سترى -؟! ثم ختم كلامه بقوله:
" وانظر الحديث المتقدم برقم (4266) ".
فنظرنا، فلم نجد في كل من الحديثين - فلم نجد فيهما - إلا لفظة:(الملهوف) ؛ أما الحديث الأول ففيه: " فيعين ذا الحاجة الملهوف " - وهو مخرج في " الصحيحة "(573) -.
وأما الحديث الآخر - الذي رقم له - فهو المتقدم من رواية زياد بن أبي حسان المكذب بلفظ:
" من أغاث ملهوفاً
…
"!
فليتأمل القراء الفرق بين الشاهد والمشهود؛ يتبين له أنه ليس كل من مارس علم التخريج - بل والتصحيح والتضعيف، ولا سيما إذا كان - حديث عهد به - يكون فقيهاً؛ فهما شاهدان قاصران، والثاني منهما واه جداً لا يجوز الاستشهاد بمثله ألبتة عند أهل العلم، وبخاصة أن الراوي له هو عين الراوي للمشهود له؛ فهل من معتبر؟ وقد أشار إلى هذا الشيخ الأعظمي - كما يأتي -.
خامساً: سبق في الصفحة (696) تعقب الهيثمي على البزار قوله عقب حديث " من أغاث ملهوفاً
…
": أن زياد بن أبي حسان لم يرو عن أنس غيره.
فتعقبه بأنه روى عنه حديث: " الدال على الخير
…
" أيضاً. فتعقبه الشيخ الأعظمي في تعليقه على " الكشف " بقوله:
" هذا الحديث عين سابقه؛ إلا أن في هذا زيادة: " الدال على الخير كفاعله "؛ فصح أن زياداً لم يرو عن أنس إلا حديثاً واحداً "!
كذا قال! وما دام أن في حديثه الثاني الزيادة المذكورة، فما صح قول الشيخ الأعظمي، وكأن هذا قال ما ذكر دون أن يرجع إلى ترجمة (زياد) في " الميزان " على الأقل، ليرى هل روى غير الحديثين أم لا؛ فقد ذكر له ثلاثة أحاديث أخرى، أحدها:
"إن الله ليس بتارك أحداً يوم الجمعة من المسلمين إلا غفرله ".