الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني
في موت الموصى له قبل القبول
[م-1616] إذا صدر الإيجاب من الموصي، ثم مات ولم يصدر عنه ما ينسخ هذا الإيجاب ثبت للموصى له حق التملك، وكان له الحق إن شاء قبل، وإن شاء رد، فإن مات الموصى له قبل القبول، فهل ينتقل هذا الحق إلى ورثته باعتبار أن هذا الحق حق مالي، فينتقل إلى ورثته كسائر حقوقه، ويكون لهم الحق في القبول أو الرد؟
أو أن الاختيار بين القبول و الرد ليس حقًا ماليًا، وإنما يتعلق بالشخص، فإذا مات فقد فات، فتبطل الوصية؟
في ذلك خلاف بين العلماء:
القول الأول:
أن الموصى له إذا مات قبل القبول ملك الوصية بموته دون حاجة إلى قبول، وتنتقل إلى ملك الورثة استحساناً. وهذا مذهب الحنفية، وقول للمالكية خلاف المشهور، وقول في مذهب الحنابلة
(1)
.
قال أحمد الحموي: «يدخل الموصى به في ملك الموصى له إذا مات الموصى له استحسانًا، والقياس أن تبطل الوصية؛ لأن أحدا لا يقدر على إثبات
(1)
. الهداية شرح البداية (4/ 542)، الفتاوى الهندية (6/ 90)، تبيين الحقائق (6/ 210)، فتح القدير (10/ 507)، البيان والتحصيل (13/ 299، 410)، المقدمات الممهدات (3/ 120)، الذخيرة للقرافي (7/ 152)، القواعد لابن رجب (ص: 459)، الإنصاف (7/ 203).
الملك لأحد بدون اختياره، فصار كموت المشتري قبل القبول بعد إيجاب البائع.
وجه الاستحسان: أن الوصية عن جانب الموصي قد تمت بموته تمامًا، لا يلحقه الفسخ من جهته وإنما يتوقف لحق الموصى له، فإذا مات دخل في ملكه، كما في البيع المشروط فيه الخيار للمشتري أو البائع، ثم مات من له الخيار قبل الإجازة»
(1)
.
وعلل بعض الحنفية بتعليل آخر، معناه:
«أن القبول عندهم: هو عبارة عن عدم الرد، فمتى وقع اليأس عن رد الموصى له اعتبر قابلًا حكمًا»
(2)
.
وقال ابن رشد: «إذا أوصى له .. فقيل أيضا: إنها لا تجب له حتى يقبل بعد موت الموصي، وهو المشهور.
وقيل: إنها تجب له بموت الموصي قبل القبول.
فعلى هذا: إن مات الموصى له بعد موت الموصي قبل أن يقبل أو يرد يجب لورثته، ولا يكون لهم أن يردوها لورثة الموصي إلا على سبيل الهبة إن قبلوها.
وعلى القول الأول ينزل ورثة الموصى له منزلته في القبول إن مات قبل أن يقبل.
وقد قيل: إنها تبطل إن مات قبل أن يقبل حكى ذلك عبد الوهاب عن أبي بكر الأبهري، وبالله التوفيق»
(3)
.
(1)
. غمز عيون البصائر (3/ 463).
(2)
. بدائع الصنائع (7/ 332).
(3)
. البيان والتحصيل (13/ 299).