الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني
في وصية المسلم للكافر الحربي
[م-1672] علمنا في المبحث السابق في صحة وصية الذمي للمسلم وللذمي، وصحة وصية المسلم للذمي، وحكي ذلك إجماعًا.
واختلف الفقهاء في صحة وصية المسلم للكافر الحربي، ومحل الخلاف فيه إذا أوصى له بغير سلاح:
القول الأول:
أن الوصية لا تصح للحربي، وهذا مذهب الحنفية، وقول أصبغ من المالكية، وهو المعتمد، واختاره بعض الشافعية، وهو قول في مذهب الحنابلة، وبه قال سفيان الثوري
(1)
.
(1)
. المبسوط (28/ 94)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 184)، بدائع الصنائع (7/ 341)، وجاء في حاشية ابن عابدين (6/ 655):«ونص محمد في الأصل على عدم جواز الوصية للحربي صريحًا وكذا في الجامع الصغير، وذكر شراحه أن في السير الكبير ما يدل على الجواز» .
واختلف الحنفية في تأويل ما ورد في السير الكبير:
فبعضهم: أنكر وجود هذا الخلاف، جاء في حاشية ابن عابدين:(6/ 655): ورده العلامة قاضي زاده بأن لفظ السير الكبير: لو أوصى مسلم لحربي والحربي في دار الحرب لا يجوز.
وذكر في العناية شرح الهداية (10/ 426): وجه التوفيق بين الروايتين أنه لا ينبغي أن يفعل، وإن فعل ثبت الملك لهم؛ لأنهم من أهل التمليك.
والصواب ما ذكره ابن عابدين: أن مرادهم بما يدل على الجواز ما ذكره في شرح السير الكبير للسرخسي بقوله: لا بأس أن يصل الرجل المسلم المشرك قريبا كان أو بعيدا محاربا كان أو ذميًا
…
فالخلاف في جواز صلة الحربي وعدمه، لا في جواز الوصية وعدمه اهـ ملخصا وتمامه في الشرنبلالي. والحاصل: أن التعليل بأن الحربي كالميت اقتضى عدم جواز الوصية له والتعليل بالنهي اقتضى عدم جواز كل من الوصية والصلة، وما في السير دل على جواز الصلة دون الوصية خلافا لما فهمه شراح الجامع، فصار الخلاف في جواز الصلة فقط.
قال ابن عابدين: وقد رأيت نصي الإمام محمد على جواز الهدية حيث قال في موطئه .... ولا بأس أيضًا بالهدية إلى المشرك المحارب ما لم يهد إليه سلاح أو درع، وهو قول أبي حنيفة والعامة من فقهائنا اهـ».
وانظر قول أصبغ في منح الجليل (9/ 511)، التاج والإكليل (6/ 368)، الخرشي (8/ 170)، حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني (2/ 225)، الشرح الكبير ومعه حاشية الدسوقي (4/ 426)، المهذب (1/ 451)، نهاية المطلب (11/ 287)، البيان للعمراني (8/ 161)، الإنصاف (7/ 222).
(ث-230) روى ابن أبي شيبة في المصنف: قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، قال: قال سفيان: لا تجوز وصية لأهل الحرب
(1)
.
وجاء في حاشية تبيين الحقائق: «إذا أوصى المسلم للحربي لم تصح الوصية
…
»
(2)
.
وفي منح الجليل: قال «أصبغ: تجوز لذمي، ولا تجوز لحربي ـ يعني الوصية ـ لأنها تقوية له، وترجع ميراثًا لا صدقة»
(3)
.
وفي حاشية الصاوي: «وخرج بالذمي الحربي، فلا تصح له الوصية على ما قاله أصبغ، وهو المعتمد، خلافًا لما يقتضيه كلام عبد الوهاب من صحتها له»
(4)
.
(1)
. المصنف (عوامة)(31676)، وسنده صحيح، ورواه عبد الرزاق في المصنف (9915) عن الثوري.
(2)
. حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 184).
(3)
. منح الجليل (9/ 511).
(4)
. حاشية الصاوي على الشرح الصغير (4/ 583).