الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثامن
في إضافة الوصية
الإضافة من خصائص الوصية التي لا تنفك عنها.
[م-1631] ذهب عامة الفقهاء إلى صحة إضافة الوصية إلى المستقبل، ذلك أن طبيعة عقد الوصية لا يفيد الملك في الحال، لأنها تبرع مضاف إلى ما بعد الموت، فالإضافة من خصائص الوصية التي لا تنفك عنها
(1)
.
ومعنى كون العقد مضافًا إلى المستقبل: أي أن آثار العقد لا يسري مفعولها إلا في المستقبل المضاف إليه.
فالوصية تنعقد بإيجاب من الموصي، إلا أن آثارها المترتبة عليها، وهي انتقال الملك إلى الموصى له لا يقع إلا بعد وفاة الموصي، وقبول الموصى له، وهذا معنى إضافتها إلى المستقبل.
قال ابن عابدين: وما تصح إضافته إلى الزمان المستقبل: الإجارة .... والإيصاء والوصية
…
»
(2)
.
(3)
.
(1)
. تبيين الحقائق (5/ 148)، حاشية ابن عابدين (5/ 255 - 256)، البحر الرائق (8/ 45)، بدائع الصنائع (7/ 393).
(2)
. حاشية ابن عابدين (5/ 255 - 256)
(3)
. تبيين الحقائق (5/ 148).
وقال عبد العزيز البخاري الحنفي: «قوله أنت حر بعد موتي إضافة، وليس بتعليق صورة، ولكن فيه معنى التعليق باعتبار تأخر الحكم عن زمان الإيجاب»
(1)
.
وفي تكملة رد المحتار: «إذا أوصى بعتق عبده بعد موته، أو قال: هو حر بعد موتي بيوم أو شهر فإنه كسائر الوصايا»
(2)
.
(3)
.
وفي المنتقى شرح الموطأ: «قال ابن القاسم في المجموعة: إن قال إن مت فعبدي حر، أو قال بعد موتي بشهر إن مت فأعتقوه فذلك سواء، قال الشيخ أبو محمد: يريد وهي وصية»
(4)
.
فقوله: (بعد موتي بشهر) من إضافة الوصية إلى المستبقل.
وقال السبكي: «والوصية يصح تعليقها، فلا يمتنع إضافتها إلى المستقبل»
(5)
.
(1)
. شرح أصول البزدوي (4/ 322).
(2)
. قرة عين الأخيار لتكملة رد المحتار (7/ 263).
(3)
. المدونة (6/ 12).
(4)
. المنتقى للباجي (6/ 149).
(5)
. فتاوى السبكي (1/ 489).
وقال السبكي أيضًا في الأشباه والنظائر: «إذا قال: إن مت فأنت حر بعد موتي بشهر
…
يتوقف العتق على انقضاء الشهر، وكذا إذا قال: إن مت فأنت حر إن شئت، الصحيح يوقف العتق على مشيئة العبد بعد موت مولاه»
(1)
.
(2)
.
وفي مسائل الإمام أحمد وإسحاق رواية الكوسج: «سئل سفيان عن رجل قال: فلان حر بعد موتي بشهر؟ قال: هو من الثلث. قال أحمد: جيد. قال إسحاق: كما قال»
(3)
.
وفي الموسوعة الكويتية: «لا خلاف بين الفقهاء في جواز تعليق الوصية على شرط وإضافتها للمستقبل»
(4)
.
وفي الإجماع نظر، ففي مذهب الحنابلة روايتان في بعض صور إضافة الوصية إلى المستقبل.
(1)
. الأشباه والنظائر (2/ 37).
(2)
. الفتاوى الفقهية الكبرى (4/ 41).
(3)
. مسائل الإمام أحمد وإسحاق رواية الكوسج (8/ 4439).
(4)
. الموسوعة الكويتية (34/ 232).
جاء في الإنصاف: «ومنها لو قال: عبدي فلان حر بعد موتي بسنة، فهل يصح ويعتق بعد موته بسنة، أم يبطل على روايتين»
(1)
.
إحداهما: لا يعتق؛ لأنه علق عتقه على صفة توجد بعد زوال ملكه فلم يعتق، كما لو قال: إن دخلت الدار بعد بيعي إياك فأنت حر.
والثانية: أنه يعتق لأنه إعتاق بعد الموت، فإذا مات، ومضت المدة فقد تحقق عتقه.
قال ابن قدامة: «وإن قال: إن دخلت الدار بعد موتي، فأنت حر. فذكر أبو الخطاب فيها روايتين:
إحداهما: لا يعتق، وهو قياس المنصوص عنه في قوله: أنت حر بعد موتي بيوم، أو شهر، فإنه قال: لا يعتق؛ لأنه علق العتق بصفة توجد في ملك غيره، فلم يعتق، كما لو قال: إن دخلت الدار بعد بيعي إياك، فأنت حر. ولأنه إعتاق له بعد قرار ملك غيره عليه فلم يعتق كالمنجز.
والثانية: يعتق، وهو الذي ذكره القاضي .... لأنه صرح بذلك، فحمل عليه كما لو وصى بإعتاقه، وكما لو وصى ببيع سلعة ويتصدق بثمنها، ويفارق التصرف بعد البيع؛ فإن الله تعالى جعل للإنسان التصرف بعد موته في ثلثه، بخلاف ما بعد البيع.
والأول أصح، إن شاء الله تعالى. ويفارق الوصية بالعتق وبيع السلعة؛ لأن الملك لا يستقر للورثة فيه، ولا يملكون التصرف فيه، بخلاف مسألتنا»
(2)
.
(1)
. الإنصاف (7/ 436).
(2)
. المغني (10/ 344).