الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثامن
في اختلاف الوصي والموصى عليه
المبحث الأول
في الاختلاف في مقدار النفقة
[م-1741] إذا اختلف الوصي والموصى عليه في أصل النفقة، كأن يقول الوصي: أنفقت عليك، ويقول الموصى عليه: لم تنفق علي. أو اختلفا في قدرها، كأن يقول الوصي: أنفقت عليك في كل سنة مائة دينار، فيقول الموصى عليه: بل خمسين، فالقول قول الوصي في الجملة عند عامة الفقهاء؛ لأنه أمين، ولأن الإشهاد على النفقة فيه مشقة، إلا أن الفقهاء يختلفون في وضع بعض الشروط لقبول قول الوصي، وإليك بيان هذه الشروط في كل مذهب:
القول الأول: مذهب الحنفية:
ذهب الحنفية إلى أن كل شيء كان الوصي مسلطًا عليه فإنه يقبل قوله، ولا يطالب ببينة، ومن ذلك ما يدعيه من الإنفاق إذا كان ذلك في نفقة مثله، وهي عندهم ما يكون بين الإسراف والتقتير، فإن ادعى أكثر من نفقة المثل لم يقبل إلا أن يفسر دعواه بتفسير محتمل، كأن يدعي أنه اشترى لهم نفقة، فسرقت، ثم اشترى أخرى فهلكت، فإذا فسر ذلك قبل بيمينه، لأنه أمين، ولو كلف البينة على النفقة لشق عليه، إلا في مسائل سنذكرها إن شاء الله تعالى.
وهل يقبل قوله مع يمينه، أو لا يطالب باليمين، قولان في مذهب الحنفية
(1)
.
جاء في الفتاوى الهندية: «قال محمد رحمه الله تعالى: إذا قال الوصي لليتيم: أنفقت مالك عليك في كذا وكذا سنة، فإنه يصدق في نفقة مثله في تلك المدة، ولا يصدق في الفضل على نفقة مثله، ثم نفقة المثل: ما يكون بين الإسراف والتقتير، كذا في المحيط»
(2)
.
وقال ابن عابدين: «إذا ادعى الزائد على نفقة المثل إنما لا يصدق إذا لم يفسر دعواه بتفسير محتمل كقوله: اشتريت طعامًا فسرق، ثم اشتريت ثانيًا وثالثًا، فيصدق بيمينه لأنه أمين»
(3)
.
(1)
. اختلف الحنفية في لزوم اليمين للوصي في مقدار النفقة:
جاء في تنقيح الفتاوى الحامدية (2/ 289): «إن قال: أنفقت عليك مالك في صغرك، والنفقة نفقة مثله في المدة، وأنكر الصغير، صدق الوصي بيمينه» .
وجاء في غمز عيون البصائر للحموي (2/ 327)«فهو مصدق في ذلك كله مع اليمين. قال برهان الدين صاحب المحيط: إلا أن مشايخنا كانوا يقولون: لا يستحسن أن يحلف الوصي إذا لم يظهر منه خيانة» .
وجاء في تنقيح الفتاوى الحامدية نقلًا عن الحاوي الزاهدي من كتاب أدب القاضي (1/ 201): «أن الوصي بالنفقة على اليتيم، أو القيم على الوقف، ومال الصبي، والوقف في يده أو نحو ذلك من الأمناء، بمثل ما يكون في ذلك الباب قبل قوله بلا يمين إذا كان ثقة؛ لأن في اليمين تنفير الناس عن الوصاية، فإن اتهم قيل يستحلف بالله ما كنت خنت في شيء مما أخذت به إلخ» .
وقال الحموي في غمز عيون البصائر (3/ 262)«واعلم أن مسألة قبول قول الوصي بلا بينة في دعوى الإنفاق هي إحدى المسائل العشر التي يقبل فيها القول بلا يمين، وتقدمت في القضاء» .
(2)
. الفتاوى الهندية (6/ 155).
(3)
. تنقيح الفتاوى الحامدية (2/ 290).
قال أيضًا نقلًا من الأصل: «إذا ادعى نفقة المثل، أو أزيد بيسير وإلا فلا يصدق ويضمن، ما لم يفسر دعواه بتفسير محتمل، كقوله: اشتريت لهم طعامًا فسرق، ثم اشتريت ثانيًا، وثالثًا، فهلك، فيصدق بيمينه؛ لأنه أمين»
(1)
.
(2)
.
وجاء في مجمع الضمانات: «والحاصل: أن الوصي يقبل قوله فيما يدعيه إلا في مسائل:
الأولى: ادعى قضاء دين الميت.
الثانية: ادعى أن اليتيم استهلك مالًا لآخر فدفع ضمانه.
الثالثة: ادعى أنه أدى جعل عبده الآبق من غير إجارة.
الرابعة: ادعى أنه أدى خراج أرضه في وقت لا تصلح للزراعة.
الخامسة: ادعى الإنفاق على محرم اليتيم.
(1)
. حاشية ابن عابدين (6/ 719).
(2)
. تنقيح الفتاوى الحامدية (2/ 289).