الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول الأول:
له ثلث المال يوم موت الموصي، لا يوم الوصية. وهذا مذهب الحنفية، والمشهور من مذهب الشافعية والحنابلة
(1)
.
إلا أن الحنفية خالفوا في النماء، كالولد والكسب، فالنماء عندهم يختلف حكمه قبل قسمة التركة وبعدها:
فإن حدث النماء بعد القبول وبعد قسمة التركة كان النماء للموصى له؛ لأنه نماء ملكه.
وأما إن حدث النماء قبل القسمة، ولو كان بعد القبول فالمال كله على ملك الميت، بدليل أن ينفذ وصاياه من المال، وتقضى منه ديونه، وهذا دليل على بقاء ملك الميت للمال.
ولأن المال إذا هلك قبل القسمة لا يهلك من مال الموصى له وحده، بل يهلك على الجميع، فدل على أن الموصى به لا يختص بالمال إلا بعد القسمة.
وقال القدوري: جميع النماء للموصى له كما لو حدث بعد القسمة
(2)
.
جاء في بدائع الصنائع: «إذا أوصى بثلث ماله، أو ربعه، وقد ذكر قدرًا من ماله مشاعًا، أو معينًا أن قدر ما يستحقه الموصى له من مال هو: ماله الذي عند
(1)
. بدائع الصنائع (7/ 333)، البحر الرائق (8/ 477)، حاشية ابن عابدين (6/ 673 - 674)، تحفة الفقهاء (3/ 209)، حاشية الجمل (4/ 50)، البيان للعمراني (8/ 159 - 160)، الحاوي الكبير (8/ 196)، المهذب (1/ 451)، الكافي في فقه الإمام أحمد (2/ 477)،
(2)
. تبيين الحقائق (6/ 195)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 438)، المبسوط (29/ 13)، البحر الرائق (8/ 462، 486)، الجامع الصغير (ص:524).
الموت، لا ما كان عند الوصية، حتى لو أوصى بثلث ماله، وماله يوم أوصى ثلاثة آلاف، ويوم مات ثلثمائة لا يستحق الموصى له إلا مائة، ولو لم يكن له مال يوم أوصى، ثم اكتسب مالًا، ثم مات، فله ثلث المال يوم مات، ولو كان له مال يوم أوصى فمات، وليس له مال بطلت، وصيته»
(1)
.
وجاء في الفتاوى الهندية: «الزيادة الحادثة من الموصى به، كالولد، والغلة، والكسب، والأرش بعد موت الموصي، قبل قبول الموصى له الوصية، تصير موصى بها، حتى تعتبر من الثلث، أما إذا أحدثت الزيادة بعد قبول الموصى له، قبل القسمة، هل تصير موصى بها؟
لم يذكره محمد رحمه الله تعالى، وذكر القدوري أنه لا تصير موصى بها، حتى كانت للموصى له من جميع المال، كما لو حدثت بعد القسمة.
وقال مشايخنا: تصير موصى بها حتى يعتبر خروجها من الثلث، كذا في محيط السرخسي»
(2)
.
(1)
. بدائع الصنائع (7/ 333).
(2)
. الفتاوى الهندية (6/ 107)، وانظر تكملة رد المحتار (7/ 261)، والبناية شرح الهداية (13/ 440)، حاشية ابن عابدين (6/ 678).
وجاء في الجامع الصغير (ص: 524): «رجل له ستمائة درهم، وأمة تساوي ثلاثمائة، فأوصى بالجارية لرجل، ثم مات فولدت ولدًا يساوي ثلاثمائة قبل القسمة، فللموصى له: الأم وثلث الولد.
وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله: له ثلثا كل واحد منهما، وإن ولدت بعد القسمة فهو للموصى له والله أعلم».
فالنماء: هو الولد، وقد كان قبل القسمة فكان من مال الموصي، فأصبح المال كله يساوي 1200 درهم، ستمائة درهم أصل المال، مضاف إليه ستمائة أخرى قيمة الأمة والولد، ومقدار الوصية ثلث المال: 400 درهم:
فعند أبي حنيفة: الوصية: الأمة 300 درهم، وثلث الولد: 100 درهم، ليكون المجموع 400 درهم.
وجه قول أبي حنيفة: أن الوصية قد صحت بالأم، فلو جعل الولد شريكًا لها انتقض بعض الوصية في الأم، فلا يجوز نقض الأصل بالتبع، فالتبع لا يزاحم الأصل.
وعندهما: الوصية ثلثا الأمة: 200 درهم، وثلثا الولد 200 درهم، ليكون المجموع: 400 درهم.
وجه قولهما: أنها لما حبلت الأمة صار الولد موصى به تبعًا للأم، فيدخل الولد تحت الوصية، كما يدخل تحت العتق والبيع، فبقي كل واحد منهما موصى به، وهما أكثر من الثلث، فيعطى له ثلثا كل منهما.
والمهم من كل هذا: أن الولد اعتبر نماء للأمة، فلما كان قبل القسمة دخل في مال الميت، ولم يستحقه الموصى له، وهذا هو الشاهد من إيراد هذا النص.
وفي مذهب الشافعية، جاء في حاشية الجمل:«ويعتبر المال الموصى بثلثه مثلًا وقت الموت، لا وقت الوصية؛ لأن الوصية تمليك بعد الموت، فلو أوصى برقيق، ولا رقيق له، ثم ملك عند الموت رقيقًا تعلقت الوصية به ولو زاد ماله تعلقت الوصية به»
(1)
.
وقال الشيرازي في المهذب: «الاعتبار بقدر المال عند الموت، وهو المذهب؛ لأنه وقت لزوم الوصية واستحقاقها»
(2)
.
(3)
.
(1)
. حاشية الجمل (4/ 50).
(2)
. المهذب (1/ 451).
(3)
. كشاف القناع (4/ 348).