الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولم يكن السعاة وهم يأخذون الزكاة يسألون عن مالك المال، هل هو كبير مكلف، أو صغير أو يتيم؟ بل كانوا يأخذون الزكاة من الأموال الظاهرة، من الأنعام والثمار بصرف النظر عن مالكها، ولو كان ذلك مؤثرًا في وجوب الزكاة لوجب عليهم السؤال حتى لا يأخذوها ممن لا تجب عليه.
الدليل الثاني:
(ح-1049) ما رواه الدارقطني من طريق حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب،
عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: ابتغوا بأموال اليتامى لا تأكلها الصدقة
(1)
.
[روي موقوفًا ومرفوعًا، والموقوف أصح، ورفعه منكر، وسماع سعيد بن المسيب عن عمر فيه خلاف، والأصح أنه في حكم المتصل]
(2)
.
(1)
. سنن الدارقطني (2/ 110).
(2)
. روي عن عمر مرفوعًا، وروي موقوفًا، وهو أصح،
وقد رواه جماعة عن عمر من قوله، منهم مجاهد، ومكحول، وعبيد بن عمير، وعبد الرحمن بن السائب، وعمرو بن دينار، والشعبي، والزهري، وكلهم لم يدركوا عمر، وفيما عدا طريق مجاهد والشعبي والزهري هو من الاختلاف في الأسانيد، وليس من كثرة الطرق التي يقوي بعضها بعضًا.
ورواه سعيد بن المسيب، عن عمر، وهو أصح إسناد روي فيه هذا الأثر، وفيه من النظر ما قيل في سماع سعيد من عمر، وعدم سماعه:
قال عبدالله بن وهب: سمعت مالكاً، وسئل عن سعيد بن المسيب، قيل: أدرك عمر؟ قال: لا، ولكنه ولد في زمان عمر، فلما كبر أكب على المسألة عن شأنه، وأمره حتى كأنه رآه. قال مالك: بلغني أن عبد الله بن عمر كان يرسل إلى ابن المسيب يسأله عن بعض شأن عمر وأمره. تهذيب الكمال (11/ 74).
وقال عباس الدوري: سمعت يحيى بن معين يقول: سعيد بن المسيب قد رأى عمر، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وكان صغيراً. قلت ليحيى: يقول: ولدت لسنتين مضتا من خلافة عمر؟ قال يحيى: ابن ثمان سنين يحفظ شيئاً. المرجع السابق.
وقال إسحاق بن منصور: قلت ليحيى بن معين: يصح لسعيد بن المسيب سماع من عمر؟ قال: لا. المراسيل ـ ابن أبي حاتم (ص: 71).
وقال أبو حاتم الرزاي: سعيد بن المسيب عن عمر مرسل، يدخل في المسند على المجاز.
وقال أيضاً: لا يصح سماع لسعيد بن المسيب عن عمر إلا رؤيته على المنبر ينعي النعمان ابن مقرن. المرجع السابق.
وقال أبو طالب: قلت لأحمد:
…
سعيد عن عمر حجة؟ قال: هو عندنا حجة، قد رأى عمر، وسمع منه، وإذا لم يقبل سعيد عن عمر، فمن يقبل؟!. الجرح والتعديل (4/ 60) ونقله ابن حجر في تهذيب التهذيب (4/ 76).
وقال أحمد أيضاً: مرسلات سعيد صحاح، لا نرى أصح من مرسلاته. المرجع السابق.
وقال الليث عن يحيى بن سعيد، كان ابن المسيب يسمى راوية عمر، كان أحفظ الناس لأحكامه وأقضيته. المرجع السابق. إذا وقفت على ذلك نأتي إلى تخريج الأثر:
الأثر رواه عمرو بن شعيب، واختلف عليه فيه:
فرواه الدارقطني كما في إسناد الباب، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (4/ 107) من طريق حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب، عن عمر.
قال البيهقي: هذا إسناد صحيح، وله شواهد عن عمر رضي الله عنه. اهـ
وقال أيضًا (6/ 2): والصحيح رواية حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:
…
وذكر الأثر.
قلت: هذا أحسن إسناد روي فيه هذا الأثر عن عمر، وقد نقل الإمام الدارقطني في العلل (2/ 156) أن حسين المعلم قد رواه عن مكحول، عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب، عن عمر قوله. مما يظهر أن حسين المعلم قد اختلف عليه فيه، ولم أقف عليه، وقد يكون خطأ من الناسخ، فقد روى القاسم بن سلام، في الأموال (1301) قال: وحدثنا يحيى بن سعيد، وابن أبي عدي، كلاهما عن حسين المعلم، عن مكحول، وعن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب، قال: قال عمر بن الخطاب: «ابتغوا بأموال اليتامى، لا تذهبها الزكاة. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وهذا لا يدل على أن حسين رواه عن مكحول، عن عمرو بن شعيب، وإنما رواه حسين المعلم بإسنادين: أحدهما: عن مكحول، عن عمر.
والأخر عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب، عن عمر. ولا يوجد رواية لحسين المعلم، عن محكول، عن عمرو بن شعيب، والله أعلم، وسوف أنقل كلام الدارقطني في العلل بتمامه في آخر البحث إن شاء الله تعالى.
ورواه الطبراني في الأوسط (998) والدارقطني (2/ 110) من طريق مندل بن علي، عن سليمان ـ يعني أبا إسحاق الشيباني ـ عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعاً. ومندل متروك الحديث.
ورواه الترمذي (641)، والأموال للقاسم بن سلام (1299)، والأموال لابن زنجويه (1806) وسنن الدارقطني (2/ 109)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 107) من طريق المثنى بن الصباح.
والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 2) والجرجاني في تاريخ جرجان (487) وابن عدي في الكامل (7/ 145) من طريق عبد الله بن علي أبي أيوب الإفريقي.
وابن زنجوية في الأموال (1807) من طريق عبد الله بن لهيعة.
والدارقطني (2/ 110) من طريق رواد بن الجراح، عن محمد بن عبيد الله العرزمي، كلهم رووه عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعًا.
وكل من المثنى، وأبي أيوب، وابن لهيعة ورواد ضعفاء، والعرزمي متروك.
جاء في تنقيح التحقيق (3/ 34) قال مهنا: سألت أحمد عن حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اتجروا بأموال اليتامى، لا تأكلها الزكاة؟ فقال: ليس بصحيح، هذا يرويه المثنى بن الصباح عن عمرو. اهـ
وقال الدارقطني بعد روايته لإسناد المثنى: المثنى ضعيف، وقال عقب رواية مندل: مندل ليس بقوي. وقال عقب رواية العرزمي: رواد ضعيف، وشيخه هو العرزمي ضعيف. اهـ
ورواه عمرو بن دينار، واختلف عليه فيه:
فقيل: عن عمرو بن دينار، عن مكحول، عن عمر. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقيل: عن عمرو بن دينار، عن عمر.
وقيل: عن عمرو بن دينار، عن عبيد بن عمير، أن عمر بن الخطاب.
وقيل: عن عمرو بن دينار، عن عبد الرحمن بن السائب، أن عمر بن الخطاب.
ورواية عمرو بن دينار مضطربة، والله أعلم، وإليك بيان هذه الطرق:
فقد رواه ابن أبي شيبة في المصنف (عوامة)(10215) من طريق أيوب، عن عمرو بن دينار، عن مكحول، قال: قال عمر
…
فذكره.
ومكحول لم يدرك عمر.
ورواه الشافعي في مسنده (ص: 204) ومن طريقه البيهقي (6/ 2) عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، أن عمر بن الخطاب قال
…
وذكر الأثر.
ورواه الدارقطني (2/ 111) من طريق أبي الربيع السمان، عن عمرو بن دينار، عن عبيد بن عمير، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: ابتغوا بأموال اليتامى، لا تستهلكها الزكاة.
وعبيد بن عمير لم يدرك عمر.
ورواه البيهقي في السنن الكبرى (6/ 2) من طريق محمد بن مسلم ـ يعني الطائفي ـ عن عمرو ـ قال البيهقي: وهو ابن دينار ـ عن عبد الرحمن بن السائب، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال، وذكر الأثر.
والطائفي وثقه ابن معين وقال أحمد بن حنبل: ما أضعف حديثه. ولعل من وثقه نظر إلى أن كتبه صحاح. قال أحمد: إذا حدث محمد بن مسلم من غير كتاب ـ يعني أخطأ ـ قلت: الطائفي؟ قال: نعم. وقال ابن حجر: صدوق، وذكره الذهبي فيمن تكلم فيه، وهو موثق.
وعبد الرحمن بن السائب لم يرو عنه أحد إلا عمرو بن دينار، ولم يوثقه أحد إلا ابن حبان، وفي التقريب: مقبول، يعني حيث يتابع، وقد توبع على هذا الحديث، لكن لم أقف على أن له رواية عن عن عمر بن الخطاب، فليبحث.
رواه عبد الرزاق في المصنف (6990) عن الثوري، عن ثور، عن أبي عون، أن عمر بن الخطاب قال:
…
وذكر الأثر، وسفيان روى عن اثنين كلاهما يسمى أبا عون، عبد الله بن أبي عبد الله الأنصاري، وعبد الله بن عون بن أرطبان المزني وكلاهما لم يدرك عمر رضي الله عنه. =
(ث-242) وروى ابن زنجويه من طريق أبي نعيم، أخبرنا القاسم بن الفضل، حدثني معاوية بن قرة، حدثني الحكم بن أبي العاص الثقفي، قال:
إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لي: «هل قبلكم متجر؟ فإن في يدي مالًا ليتيم قد كادت الصدقة أن تأتي عليه
(1)
.
[إسناده صحيح]
(2)
.
= كما رواه عبد الرزاق أيضًا (6989) من طريق عبد العزيز بن رفيع، عن مجاهد، قال: قال عمر بن الخطاب
…
ومجاهد لم يدرك عمر رضي الله عنه.
ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (10213) من طريق ابن إسحاق، عن الزهري، قال عمر: ابتغوا لليتامى في أموالهم، لا تستغرقها الزكاة.
ورواه القاسم بن سلام في الأموال (1302) من طريق الشعبي، أن عمر بن الخطاب ولي مال يتيم، فقال: إن تركنا هذا أتت عليه الزكاة، يعني: إن لم يعطه في التجارة. والشعبي لم يدرك عمر رضي الله عنه.
وفي علل الدارقطني (2/ 156): «وسئل عن حديث سعيد بن المسيب، عن عمر قوله ابتغوا في أموال اليتامى لا تستهلكها الصدقة.
فقال: يرويه عمرو بن شعيب واختلف عنه؛
فرواه الحسين المعلم عن مكحول عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب، عن عمر قوله.
وخالفه عمرو بن دينار واختلف عنه:
فقال ابن عيينة عن عمرو بن شعيب، عن عمر لم يذكر ابن المسيب.
وخالفه حماد بن زيد فرواه عن عمرو بن دينار، عن مكحول، عن عمر.
ولم يذكر فيه عمرو بن شعيب، ولا ابن المسيب.
ورواه المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده.
وكذلك رواه مندل بن علي عن الشيباني، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده.
وحديث عمر أصح». اهـ
(1)
. الأموال لابن زنجويه (1808).
(2)
. وقد رواه أحمد كما في مسائل عبد الله (595) عن وكيع، قال أخبرنا القاسم بن الفضل به.