الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلو أنه ارتد إلى اليهودية أو النصرانية، وأوصى بما هو قربة عند المرتد وقربة عند الموصى لهم صحت، أو بما هو معصية عندهما لم تصح، وإن أوصى بما هو قربة عند المرتد، ومعصية عند الموصى لهم، ولم يقصد في الوصية نفع قوم بأعيانهم لم تصح الوصية عندهما.
(1)
.
وجاء في الفتاوى الهندية: «لو ارتد مسلم إلى اليهودية أو النصرانية أو المجوسية، ثم أوصى ببعض هذه الوصايا فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى يتوقف
…
وعندهما تصرفات المرتد نافذة للحال، فيصح منه ما يصح من القوم الذين انتقل إليهم، حتى لو أوصى بما هو قربة عندهم معصية عندنا، وكان ذلك لقوم غير معينين لا يصح عندهما»
(2)
.
القول الثالث:
المرتد ملكه موقوف، فإن مات أو قتل كافرًا بطلت الوصية، وإن أسلم نفذ كسائر تصرفاته، وهذا قول أبي حنيفة، والمذهب عند الشافعية، والحنابلة
(3)
.
جاء في حاشية الجمل: «والمعتمد أن وصيته موقوفة كسائر تصرفاته»
(4)
.
(1)
. تبيين الحقائق (6/ 205).
(2)
. الفتاوى الهندية (6/ 132).
(3)
. أسنى المطالب (3/ 30)، منهاج الطالبين (ص: 294)،
(4)
. حاشية الجمل (4/ 42).
(1)
.
وقال في الإنصاف: «ومن ارتد عن الإسلام لم يزل ملكه بل يكون موقوفًا، وتصرفاته موقوفة، فإن أسلم: ثبت ملكه وتصرفاته، وإلا بطلت»
(2)
.
وفي كشاف القناع: «ويكون ملكه موقوفًا، فإن أسلم ثبت ملكه، وإن قتل أو مات كان ماله فيئًا»
(3)
.
وقال أبو الخطاب الحنبلي: «ولا يزول ملك المرتد عن ماله بنفس الردة، بل يكون موقوفًا، وإن تصرف وقع تصرفه موقوفًا، فإن عاد الى الإسلام نفذ تصرفه، وإن قتل على كفره لم ينفذ تصرفه»
(4)
.
وهذا قول أبي حنيفة في المرتد فقط دون المرتدة؛ لأن الردة من المرأة لا يوجب قتلها عنده، بل تستتاب، فإن تابت خلي سبيلها، وإلا أجبرت على الإسلام بالحبس، بخلاف المرتد، فإنه إما أن يقتل أو يسلم، ولهذا تكون وصاياه موقوفة، إن أسلم نفذ كسائر تصرفاته وإلا فلا
(5)
.
(1)
. منهاج الطالبين (ص: 294).
(2)
. الإنصاف (10/ 339)، وانظر شرح منتهى الإرادات (3/ 402)، مطالب أولي النهى (6/ 301).
(3)
. كشاف القناع (6/ 182).
(4)
. الهداية على مذهب الإمام أحمد (ص: 547).
(5)
. الهداية شرح البداية (4/ 537)، فتح القدير (10/ 495)، العناية شرح الهداية (10/ 495)، البناية شرح الهداية (13/ 498)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 446)، حاشية ابن عابدين (6/ 698)، حاشيتا قليوبي وعميرة (3/ 158)، حاشية الجمل (4/ 42).
وقال في العناية عن وصية المرتد: «جائزة عندهما موقوفة عند أبي حنيفة، إن أسلم نفذ كسائر تصرفاته، وإلا فلا»
(1)
.
وقال ابن الهمام: «وفي المرتدة الأصح أنه تصح وصاياها؛ لأنها تبقى على الردة، بخلاف المرتد لأنه يقتل أو يسلم»
(2)
.
(3)
.
وقوله: (بالإجماع) أي إجماع الحنفية.
وقد تكلمت على أدلة هذه المسألة في مبحث سابق عند الكلام على شروط الموصي فأغنى ذلك عن إعادة ذكر الأدلة هنا.
وقد رجحت أن الوصية لا تبطل بالردة، وكونها صحيحة لا يعني القول بصحة نفاذها، فهي تبقى صحيحة؛ لأنه يملك، وملكه باق على ماله كسائر تصرفاته، ويقضى من ماله ديونه، وكسبه بعد ردته كسب صحيح، فإن رجع إلى الإسلام قبل قتله نفذت وصيته، وإن قتل عقوبة له على ردته، أو مات بطلت وصاياه كسائر عمله، وهل يكون ماله لأقاربه المسلمين، أو يشاركهم فيه عموم المسلمين، حيث يصرف إلى بيت المال، والذي هو ملك لجميع المسلمين، قولان في هذه المسألة، وليس هذا موضع بحثها، والله أعلم.
* * *
(1)
. العناية (10/ 495).
(2)
. فتح القدير لابن الهمام (10/ 495).
(3)
. البحر الرائق (8/ 520).