الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال في تنقيح الفتاوى الحامدية: «والحاصل أن مناط الفرق: هو ضم التاء وفتحها في (مت) لا التعليق (بأن) أو (إذا).
ووجه الفرق:
أنه إذا ضم التاء يكون تمليكًا معلقًا على ما بعد موت المملك فيصح؛ لأنه وصية بخلاف فتحها؛ لأنه لا يمكن أن يكون وصية؛ لأن المعلق عليه موت المديون، لا الدائن المملك، وحينئذ يكون إبراء معلقًا، والإبراء لا يقبل التعليق بالخطر.
والمراد بالخطر هنا: المعدوم المترقب الوقوع، وإن كان لا بد من وقوعه، كالموت، ومجيء الغد احترازًا عما لو علق الإبراء بشرط كائن، كقوله لمديونه: إن كان لي عليك دين فقد أبرأتك عنه فإنه يصح كما ذكره العلائي في آخر كتاب الهبة، هذا ما ظهر، والله تعالى أعلم»
(1)
.
وصحح في المبسوط أن يوصي للعبد، ويعلق الوصية على عتقه، قال السرخسي:«أن يقول: إذا عتقت فثلث مالي وصية لك، فإن أدى بدل الكتابة، وعتق، ثم مات جازت الوصية؛ لأن المتعلق بالشرط عند وجود الشرط كالمنجز، وإن لم يؤد حتى مات فهذه الوصية باطلة»
(2)
.
(3)
.
(1)
. تنقيح الفتاوى الحامدية (2/ 287).
(2)
. المبسوط (8/ 50 - 51).
(3)
. الذخيرة (7/ 59).
وفي البيان للعمراني: «يجوز تعليق الوصية على شرط في حياة الموصي، بأن يقول: إن حج فلان في حياتي، أو قدم في حياتي .. فقد أوصيت له بكذا؛ لأن الوصية تصح في المجهول، فصح تعليقها على شرط، كالطلاق والعتاق.
ويصح تعليقها على شرط بعد موت الموصي، بأن يقول: إن حج فلان بعد موتي، أو تعلم القرآن وما أشبهه .. فقد أوصيت له بكذا؛ لأن ما بعد الموت في الوصية كحال الحياة، فإذا جاز تعليق الوصية، على شرط في حالة الحياة .. جاز بعد الموت»
(1)
.
جاء في تحفة المحتاج: «يصح تعليق الوصية بالشرط في الحياة أو بعد الموت كأوصيت بكذا له إن تزوج بنتي أو رجع من سفره أو إن مت من مرضي هذا أو إن شاء زيد فشاء أو إن ملكت هذا فملكه»
(2)
.
وفي أسنى المطالب: «ولو قال: أوصيت لزيد بألف إن تبرع لولدي بخمسمائة صحت، وإذا قبل لزم دفعها إليه، قيل: وهي حيلة في الوصية للوارث»
(3)
.
وأرى أن هذه من الحيل المحرمة؛ لأنه يتوصل بها إلى محرم، والله أعلم.
واختلف الشافعية في الوصية إذا علقها على الملك قبل تملكها، كما لو قال: أوصيت لك بهذه الدابة، وهي ملك لغيره، ولهم فيها وجهان:
(1)
. البيان للعمراني (8/ 171).
(2)
. تحفة المحتاج (7/ 7).
(3)
. أسنى المطالب (3/ 33)، وانظر حاشيتي قليوبي وعميرة (3/ 161)، فتاوى الرملي (3/ 80)، مغني المحتاج (3/ 43).
الأول: تصح الوصية، لأن الوصية إذا صحت بالمعدوم فهذا أولى.
جاء في مغني المحتاج: «وكذا لو علق بملكه له، كأن قال: أوصيت به لفلان إن ملكته، فيصير موصى به إذا ملكه»
(1)
.
والثاني: لا تصح؛ لأن هذه العين يملك مالكها الوصية بها، فلو صححنا الوصية لأدى إلى أن الشيء الواحد يكون محلًا لتصرف اثنين، وهو ممتنع، وضعفه النووي
(2)
.
جاء في الروضة: «إن أوصى بمال الغير، فقال: أوصيت بهذا العبد، وهو ملك غيره، أو بهذا العبد إن ملكته، فوجهان:
أحدهما: تصح؛ لأنها تصح بالمعدوم، فذا أولى.
والثاني: لا؛ لأن مالكه يملك الوصية به، والشيء الواحد لا يكون محلًا لتصرف شخصين، وبهذا قطع الغزالي.
قلت: الأول أفقه وأجرى على قواعد الباب، والله أعلم»
(3)
.
وفي الهداية على مذهب الإمام أحمد: «ويجوز تعليق الوصية بشرط في حال الحياة وبعد الموت، نحو قوله: إن مت من مرضي هذا فقد وصيت كذا، فإن مات في مرضه وإلا بطلت. ونحو قوله: إن مت بعد خمس سنين فتصدقوا بكذا، فإن مات قبل الخمس سنين بطلت الوصية نص عليه»
(4)
.
(1)
. مغني المحتاج (3/ 40).
(2)
. كفاية الأخيار (ص: 341).
(3)
. روضة الطالبين (6/ 119).
(4)
. الهداية على مذهب الإمام أحمد (ص: 354).