الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال في كشاف القناع: «(ووصية كوقف في ذلك) المذكور مما تقدم، فتصح فيما يصح الوقف عليه، وتبطل فيما لا يصح عليه»
(1)
.
وجاء في بدائع الصنائع: «وإن كان شيئًا هو قربة عندهم لا عندنا، بأن أوصى بأرض له تبنى بيعة أو كنيسة، أو بيت نار أو بعمارة البيعة، أو الكنيسة، أو بيت النار، أو بالذبح لعيدهم
…
فهو على الاختلاف الذي ذكرنا: إن عند أبي حنيفة رحمه الله يجوز، وعندهما لا يجوز.
وجه قولهما: أن الوصية بهذه الأشياء وصية بما هو معصية، والوصية بالمعاصي لا تصح»
(2)
.
وتعقب هذا:
القول بأن هذه الوصية معصية فلا تصح: هل المقصود بأنه معصية باعتقادهم أو معصية باعتقادنا؟
فإن كان المقصود باعتقادهم فالكنائس قربة عندهم، وإن كان المقصود معصية باعتقادنا فهذا ليس بشيء؛ لأن هذا لو كان مانعًا لما جاز قبول الجزية منهم؛ لأنه تقرير لكفرهم، وبقائهم عليه
(3)
.
ولأن الكافر ليس من أهل الثواب حتى نشترط القربة، وهو لم يوص لمن يعتقد حرمته، وإنما أوصى به لأهل الذمة، فيجب تنفيذ وصاياهم بحسب اعتقادهم، ولذلك نصحح التصرف فيما بينهم من بيع الخمر والخنزير بناء على
(1)
. كشاف القناع (4/ 247).
(2)
. بدائع الصنائع (7/ 341).
(3)
. انظر الاختيار لتعليل المختار (5/ 84).
اعتقادهم، وليس بناء على حكمنا
(1)
.
نعم لو طلبوا حكمنا حكمنا بينهم بما أنزل الله، وليس بمقتضى اعتقادهم.
قال إمام الحرمين: «ولو أوصى بما يكون قربة عندهم، معصية عندنا كعمارة الكنائس والبيع وبيت النيران، فالوصية إذا رفعت إلينا، أبطلناها»
(2)
.
واستثنى صاحبا أبي حنيفة أن تكون الوصية لأقوام بأعيانهم فتصح؛ لأن هذا من باب التمليك
(3)
.
وسبق لنا الكلام على هذه المسألة باستكمال أقسامها بشيء من التفصيل، والله أعلم.
* * *
(1)
. انظر المبسوط (28/ 94).
(2)
. نهاية المطلب (11/ 297).
(3)
. تبيين الحقائق (6/ 205)، المبسوط (28/ 94).