الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مبحث
في تقدير المال القليل من الكثير
الميراث إذا لم يبلغ بالوارث حد الغنى فهو قليل.
[م-1660] اختلف السلف في المال الذي إذا تركه الميت فهو قليل.
وقد جاءت مجموعة من الآثار في شأن ذلك، منها:
(ث-224) ما ورد عن عائشة رضي الله عنها أنه قال لها رجل: إني أريد أن أوصي؟ قالت: كم مالك؟ قال: ثلاثة آلاف، قالت: كم عيالك؟ قال: أربعة، قالت: قال الله عز وجل: إن ترك خيرًا، وإن هذا الشيء يسير، فاتركه لعيالك، فهو أفضل،
[إسناده صحيح]
(1)
.
(ث-225) وروى عروة، أن عليًا دخل على مريض، فذكروا له الوصية، فقال علي: قال الله: إن ترك خيرًا، ولما أره ترك خيرًا. قال حماد: فحفظت أنه ترك أكثر من سبعمائة.
[ضعيف، عروة لم يلق عليًا]
(2)
.
(ث-226) وعن ابن عباس، قال: إذا ترك الميت سبعمائة درهم فلا يوصي.
[ضعيف]
(3)
.
(1)
. انظر (ث 206).
(2)
. انظر (ث 204).
(3)
. انظر (ث 205).
وهذه الأمور قد تختلف من بلد إلى آخر، ومن زمن إلى زمن، فربما كان المال القليل في وقت هو كثير بالنسبة إلى وقت آخر، أو بلد آخر، وهذا مشاهد في عصرنا، بحسب دخل الفرد وتكاليف المعيشة، والآثار التي سقناها عن بعض الصحابة إنما هي تقدير للقليل والكثير في عصرهم، ولم يصح منها إلا ما ورد عن عائشة رضي الله عنها.
وقال الخرشي: «اختلف في الكثير، فقيل: ما زاد على نفقة العيال. يحتمل في العمر الغالب، ويحتمل في السنة.
وقيل: ألف درهم. وقيل: ستون دينارًا. وقيل تسعمائة درهم فما فوق»
(1)
.
أرى أن المعيار في القليل والكثير عندي هو ما ذكره ابن قدامة في المغني حيث يقول:
«والذي يقوى عندي، أنه متى كان المتروك لا يفضل عن غنى الورثة، فلا تستحب الوصية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم علل المنع من الوصية بقوله:(إنك تترك ورثتك أغنياء، خير من أن تدعهم عالة).
ولأن إعطاء القريب المحتاج خير من إعطاء الأجنبي، فمتى لم يبلغ الميراث غناهم، كان تركه لهم كعطيتهم إياه، فيكون ذلك أفضل من الوصية به لغيرهم، فعند هذا يختلف الحال باختلاف الورثة في كثرتهم وقلتهم، وغناهم وحاجتهم، فلا يتقيد بقدر من المال. والله أعلم. وقد قال الشعبي: ما من مال أعظم أجرًا، من مال يتركه الرجل لولده، يغنيهم به عن الناس»
(2)
.
(1)
. شرح الخرشي (8/ 167).
(2)
. المغني (6/ 139)، وأثر الشعبي رواه سعيد بن منصور كما في التفسير من سنن سعيد بن منصور (249)، أخبرنا عيسى بن يونس، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي. وسنده صحيح.