الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فرع
في وقت اعتبار الموصى له وارثًا
[م-1670] ذهب عامة الفقهاء على أن اعتبار كون الموصى له وراثًا أو غير وارث هو وقت موت الموصي، لا وقت إيجاب الوصية؛ لأن الوصية تمليك مضاف لما بعد الموت، فاعتبر وقت التمليك
(1)
.
قال الزيلعي: «ويعتبر كونه وارثًا أو غير وارث وقت الموت، لا وقت الوصية»
(2)
.
وقال ابن رشد: «فكما تبطل وصيته إذا أوصى له وهو غير وارث، ثم صار وارثًا، فكذلك ينبغي أن تجوز إذا أوصى له وهو وارث، ثم صار غير وارث»
(3)
.
وقال ابن جزي المالكي: «إن أوصى لغير وارث، ثم صار وارثًا بأمر حادث بطلت الوصية»
(4)
.
وقال الماوردي الشافعي: «والاعتبار بكونه وارثًا، عند الموت، لا وقت الوصية.
(1)
. تبيين الحقائق (6/ 182)، بدائع الصنائع (7/ 337)، العناية شرح الهداية (10/ 423)، حاشية ابن عابدين (6/ 651)، شرح الخرشي (8/ 180)، منح الجليل (9/ 541)، الذخيرة للقرافي (7/ 15)، البيان والتحصيل (13/ 224)، الحاوي الكبير (8/ 214)، إعانة الطالبين (3/ 240)، مغني المحتاج (3/ 44).
(2)
. تبيين الحقائق (6/ 182).
(3)
. البيان والتحصيل (13/ 224).
(4)
. القوانين الفقهية (ص:).
فعلى هذا: لو كان وارثًا، ثم صار عند الموت غير وارث: صحت له الوصية، ولو أوصى له وهو غير وارث، ثم صار عند الموت وارثًا: ردت الوصية ما لم يجزها الورثة.
ولو أوصى لامرأة أجنبية ثم تزوجها: بطلت الوصية، ولو أوصى لزوجته، ثم طلقها: صحت الوصية، والله أعلم»
(1)
.
(2)
.
وخالف في ذلك ابن القاسم، فقد ذكر المالكية عنه أنه قال في الموصي إذا أوصى لوارث، كأن يوصي لأخيه، ثم يولد للموصي ولد يحجبه، قال: إنما تثبت الوصية إذا علم الموصي بالولد حتى يكون مجيزًا لها
(3)
.
وهذا القول من ابن القاسم مخالف للمشهور، فإن كان أخذ هذا المذهب من قول ابن القاسم في المرأة توصي لزوجها، ثم يطلقها، فإن علمت بطلاقها قبل موته فالوصية جائزة.
قال الخرشي: «من أوصى بوصية في حال صحته، أو في حال مرضه لأخيه مثلًا، ثم ولد له ولد، فإن الوصية تصح؛ لأن الوارث صار غير وارث، وقد علمت أن المعتبر في الوصية ما يؤول الأمر إليه وهو يوم الموت .... وقوله
(1)
. الحاوي الكبير (8/ 214).
(2)
. مختصر الخرقي (ص: 83).
(3)
. الذخيرة للقرافي (7/ 15).
(ولو لم يعلم) مبالغة في قوله والوارث يصير غير وارث أي: ولو لم يعلم الموصي للوارث أنه صار غير وارث، وأشار بلو لرد قول ابن القاسم في المرأة توصي لزوجها ثم يطلقها ألبتة، فإن علمت بطلاقها قبل موتها فالوصية جائزة»
(1)
.
إن كان أخذ مذهب ابن القاسم من هذه المسألة فلا أرى أن التعميم مرض، لأن القول في هذه المسألة قد يكون اعتبارًا بالباعث، لا اشترطًا للعلم، فإن الباعث على الوصية لزوجها هو ديمومة العلاقة الزوجية، فلما طلقها بطلت وصيتها له لفوات الباعث على الوصية، لهذا اشترط ابن القاسم علم الزوجة بالطلاق، ومثل هذه المسألة قول الإمام أحمد في امرأة وهبت مهرها لزوجها، ثم طلقها أن له أن تطالبه بمهرها، ومثله من اشترى وزنًا من اللحم، ثم طلب من الجزار زيادة، فزاده فإنه لو رد اللحم بعيب كان يجب عليه أن يرد الزيادة، وإن أخذت باسم الهبة.
* * *
(1)
. الخرشي (8/ 180).