الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بهذا التخصيص لم يقصد تقييد ولايته بما سمى، وإنما سمى نوعًا؛ لأن ذلك كان أهم عنده والإنسان في مثل هذا يذكر الأهم، وهذا بخلاف الوكالة؛ لأن رأي الموكل قائم عند تصرف الوكيل، فإذا تجددت الحاجة أمكنه أن ينظر فيه بنفسه، أو بتفويضه إليه أو إلى غيره عند الحاجة
(1)
.
ويناقش:
بأن دعوى أن الموصي لم يقصد تقييد ولايته بما قيده به، وإنما سمى ذلك اعتبارًا للأهم هذا من قبيل الظن والتخمين، واليقين مقدم عليه، وهو أن ما نص عليه الموصي قد رغب الموصي في الإيصاء به يقينًا للتنصيص عليه، وغيره محتمل، فلا يقدم المحتمل على المتيقن، وقد كان يملك الموصي أن يطلق الوصية، ثم يحضه على أشياء بعينها، فلما لم يفعل علمنا أنه لا يريد الإيصاء بغير ما أوصى به، والله أعلم.
القول الثاني:
إذا أوصى إليه بشيء بعينه لم يكن وصيًا في غيره، فمن أوصى له بالنظر في المال لم يكن له النظر في رعاية الأولاد، ومن أوصى له بقضاء الدين واقتضائه، أو رد الودائع واستردادها لا يملك النظر في غيرها. وهذا مذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة، إلا أن المالكية قالوا: لو أوصى له على بيع تركته، وقبض ديونه، فزوج بناته ممن لا تجبر على الزواج بإذنهن، فإن ذلك لا يجوز ابتداء، وإن وقع صح، وإن زوج من تجبر فإنه يفسخ أبدًا
(2)
.
(1)
. انظر المبسوط (28/ 26).
(2)
. الشرح الصغير مع حاشية الصاوي (4/ 603)، الخرشي (8/ 191)، منح الجليل (9/ 577)، الفواكه الدواني (2/ 135)، تحفة المحتاج (7/ 91)، أسنى المطالب (3/ 70)، الحاوي الكبير (6/ 498)، مغني المحتاج (3/ 77)، روضة الطالبين (6/ 314)، المغني (6/ 142)، شرح منتهى الإرادات (2/ 495)، كشاف القناع (4/ 398 - 399).
جاء في المدونة: «أرأيت الميت، إذا أوصى إلى رجل، فقال: فلان وصيي، أيكون هذا وصيا في إنكاح بناته وجميع تركته في قول مالك؟
قال: نعم إلا أن يخصه بشيء فلا يكون وصيًا إلا على ذلك الشيء»
(1)
.
وجاء في الشرح الصغير: «وإن قال: فلان وصيي على كذا لشيء عينه خص به، فلا يتعداه لغيره، فإن تعداه لم ينفذ»
(2)
.
وجاء في شرح الخرشي: «وإذا قال: فلان وصيي على الشيء الفلاني، فإن نظر الوصي يختص به، ولا يتعداه إلى غيره، كما إذا قال: فلان وصيي حتى يقدم فلان الفلاني، فإنه يكون وصيًا له في جميع الأشياء، لكن إلى أن يقدم فلان الفلاني، فإذا قدم، فإنه لا يكون وصيًا، وينعزل بمجرد القدوم .... وإذا جعل وصيًا على بيع تركته، وقبض ديونه، فزوج بناته، فإن ذلك لا يجوز ابتداء، وإذا وقع صح، وليس له أن يجبرهن باتفاق
…
ومفعول زوج محذوف أي، وإن زوج من لم تجبر، وأما لو زوج من تجبر فيفسخ أبدًا. قوله:(صح) لما لم يجعل التزويج لغيره، وبعبارةٍ ظاهر قوله صح: أنه بعد الوقوع، وهو ظاهر المدونة، وأما ابتداء، فالأحب ألا يفعل حتى يعرض الأمر على الإمام فيقدمه على الأولياء، أو يقدم الأولياء عليه»
(3)
.
(1)
. المدونة (6/ 16).
(2)
. الشرح الصغير (4/ 603).
(3)
. الخرشي (8/ 191).