الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دمائهم ولم يغسلوا ولم يصل عليهم" (1).
2 -
ولأنه لا يغسل مع إمكان غسله فلم يصل عليه كسائر من لم يغسل (2).
• الخلاف في المسألة: خالف في ذلك: الحنفية (3)، وقول عند الشافعية (4)، ورواية عند الحنابلة (5). وقالوا: أنه يصلى عليه.
واستدلوا بما يأتي:
1 -
عن عقبة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يومًا فصلى على أهل أحد صلاته على الميت ثم انصرف إلى المنبر"(6).
2 -
وعن ابن عباس: "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى على قتلى أحد"(7).
النتيجة:
أن الإجماع غير متحقق على أن الشهيد في المعركة لا يُصلَّى عليه؛ لوجود المخالف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
[63/ 42] تضمن القتلى من شهداء المسلمين من الكفار إذا أسلموا:
• المراد بالمسألة: بيان أن الكافر الحربي إذا قتل مسلمًا، ثم أسلم بعد ذلك، فإنه لا يُقتل ولا يُقتص منه، ولا ضمان عليه، لما أصاب من دماء قبل إسلامه، وقد نُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن بطال (449 هـ) حيث يقول: (قال أبو ثور: ولا أعلم خلافًا بين العلماء فى مشركين لو ظهر عليهم وقد قتلوا وأخذوا الأموال، فلما صاروا في أيدي المسلمين وهم على حالهم تلك أسلموا قبل أن يحكم عليهم بشيء أنهم لا يحل قتلهم)(8).
والقرطبي (671 هـ) حيث يقول: (أما الكافر الحربي فلا خلاف في إسقاط ما فعله
(1) سبق تخريجه.
(2)
انظر: "المغني"(3/ 467).
(3)
"المبسوط"(2/ 49)، و"بدائع الصنائع"(2/ 73).
(4)
"المجموع"(5/ 221)، و"روضة الطالبين"(2/ 118).
(5)
"الكافي في فقه الإمام أحمد"(1/ 288)، و"المغني"(3/ 467).
(6)
أخرجه البخاري، كتاب الجنائز، باب الصلاة على الشهيد (1/ 451، برقم 1279).
(7)
أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(4/ 13، برقم 6598)، وضعفه الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير"(2/ 275).
(8)
"شرح صحيح البخاري" لابن بطال (8/ 418).
في حال كفره في دار الحرب) (1).
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (2)، والمالكية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة (5).
• مستند الإجماع:
1 -
قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (6)[الأنفال: 38].
• وجه الدلالة: حيث دلَّت الآية الكريمة أن الكافر إذا أسلم، يغفر له ما ارتكبه وأجرمه قبل الإِسلام.
2 -
ولما تواتر من فعله صلى الله عليه وسلم والصحابة من بعده من عدم القصاص ممن أسلم؛ كوحشي قاتل حمزة (7).
3 -
ولأن الكافر الحربي حال كفره غير ملتزم لأحكام الإِسلام، فلا يجب عليه القصاص، وإن كان مهدر الدم لكفره، وعلى ذلك فلو قتل حربي مسلمًا لم يقتل به قصاصًا، ويقتل لإهدار دمه، فإذا أسلم سقط القتل والقصاص. أما القتل فلإسلامه، وأما القصاص فلكونه لم يكن ملتزمًا أحكام الإِسلام حال قتله للمسلم.
• الخلاف في المسألة: يرى بعض فقهاء الشافعية كأبي إسحاق الإسفراييني ويُعزى إلى المزني: أن الحربي إذا أسلم يلزمه ضمان النفوس والأموال.
وعللوا قولهم: لأن الكافر مخاطب بفروع الشريعة (8).
النتيجة:
أن الإجماع غير متحقق على أن الكافر إذا أسلم لا يضمن ما قتل قبل
(1)"الجامع لأحكام القرآن"(7/ 402).
(2)
انظر: "بدائع الصنائع"(7/ 236).
(3)
انظر: "التاج والإكليل"(6/ 282)، و"منح الجليل"(9/ 216).
(4)
انظر: "الأم"(4/ 218)، و"حاشية الرملي"(4/ 12).
(5)
انظر: "كشاف القناع"(5/ 524)، و"الصارم المسلول"(3/ 793).
(6)
قال ابن العربي: (هذه لطيفة من اللَّه سبحانه منَّ بها على الخلق، وذلك أن الكفار يقتحمون الكفر والجرائم، ويرتكبون المعاصي والمآثم، فلو كان ذلك بوجب مؤاخذة لهم لما استدركوا أبدًا توبة ولا نالتهم مغفرة. فَيَسَّرَ اللَّه تعالى عليهم قبول التوبة عند الإنابة، وبذل المغفرة بالإِسلام، وهدم جميع ما تقدم، ليكون ذلك أقرب لدخولهم في الدين، وأدعى إلى قبولهم لكلمة المسلمين، ولو علموا أنهم يؤاخذون لما تابوا ولا أسلموا): "الجامع لأحكام القرآن"(7/ 402).
(7)
انظر: "حاشية الرملي"(4/ 12).
(8)
انظر: "روضة الطالبين"(9/ 150).