الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تابعًا لسابيه المسلم في دينه (1).
ولأن للسابي له عليه ولاية، وليس معه من هو أقرب إليه منه، فيتبعه كالأب، وكأن السابي لما أبطل. حريته قَلَبه قلبًا كلِّيًا، فعدم عما كان، وافتتح له وجود تحت يد السابي وولاية، فأشبه تولده بين الأبوين المسلمين (2).
أن تبعيته في الدين لسابيه المسلم أصلح له، فتعيَّن المصير إليه.
لأن السابي وليه فهو أولى به، فقام في دينه مقام أبويه كما قام في الولاية والكفالة (3).
• الخلاف في المسألة: خالف في ذلك الحنابلة في رواية (4):
قال المرداوي (885 هـ): (إذَا سُبي الطِّفْلُ مُنْفَرِدًا فَهُوَ مُسْلِمٌ. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارحُ وَغَيْرُهُمَا: بِالإِجْمَاعِ هذا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَعَنْهُ أَنَّهُ كَافِرٌ)(5).
وحجتهم:
1 -
بالقياس على ما لو سُبِيَ مع والديه فإنه يُحكم بكفره، فكذا لو سبي منفردًا عنهما.
2 -
ولأن يد السابي يد ملك، فلا توجب إسلامه، كيد المشترى.
النتيجة:
أن الإجماع غير متحقق على أن الطفل إذا سبي منفردًا عن أبويه حكم بإسلامه، لخلاف الحنابلة في رواية عنهم، واللَّه تعالى أعلم.
[121/ 10] جواز توزيع الأسرى من أهل الكتاب بعد استرقاقهم على الغانمين:
• المراد بالمسألة: إذا وقع المحاربون من أهل الكتاب في أسر المسلمين، فإن الإمام مخيَّرٌ فيهم بين الاسترقاق أو المن أو الفداء أو القتل -على خلاف في التفاصيل- فإن اختار استرقاقهم، فإنهم يكونون داخلين في أصل الغنيمة، ويجوز توزيعهم حينئِذٍ على الغانمين، وقد نُقل الإجماع على ذلك.
(1) انظر: "حاشية الروض المربع"(4/ 273).
(2)
انظر: "الإقناع" للشربيني (2/ 215).
(3)
انظر: "شعب الإيمان"(1/ 98)، و"أحكام أهل الذمة"(2/ 924).
(4)
وصحح هذه الرواية صاحب "الفروع"(10/ 213) حين قال: (وعنه: كافر، كسبيه معهما على الأصح).
(5)
"الإنصاف" للمرداوي (4/ 134).
• من نقل الإجماع: ابن حزم (456 هـ) حيث يقول: (واتفقوا أن للأمام أن يقسم الكتابيين من الأسرى ويُخمِّسهم)(1).
وابن قدامة (620 هـ) حيث يقول: (من صار منهم رقيقًا بضرب الرق عليه، أو فودي بمال فهو كسائر الغنيمة يُخمَّس، ثم يقسم أربعة أخماسه بين الغانمين لا نعلم في هذا خلافًا)(2).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (3)، والمالكية (4)، والشافعية (5)، والحنابلة (6)، والظاهرية (7).
• مستند الإجماع:
1 -
عموم قوله عز وجل: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ} [الأنفال: 41]، وقوله تعالى:{فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} [الأنفال: 69].
• وجه الدلالة: أن قوله سبحانه في الآية الأولى: {مِنْ شَيْءٍ} نكرة في سياق الشرط فتعم جميع ما يغنمه المسلمون من أموال أهل الحرب. وكذا قوله تعالى في الآية الثانية: {مِمَّا غَنِمْتُمْ} فإن (ما) اسم موصول يفيد العموم. فكان عموم الآيتين يقتضي تخميس كل شيء استُولي عليه من الكفار، وقسم سائره في الغانمين، ويدخل في ذلك من ضُرب عليه الرق؛ لأنهم مالٌ من الأموال.
2 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم فداء أسرى بدر بين الغانمين (8).
• وجه الدلالة: أن الرقيق مال غنمه المسلمون فاشبه باقي مال الغنيمة مثل الخيل والسلاح ونحوه، فتجوز قسمته بين الغانمين (9).
(1)"مراتب الإجماع"(ص 196).
(2)
"المغني"(13/ 49).
(3)
انظر: "المبسوط"(10/ 9)، و"بدائع الصنائع"(6/ 92).
(4)
انظر: "البيان والتحصيل"(3/ 15)، و"النوادر والزيادات"(3/ 199).
(5)
انظر: "الأم"(4/ 146)، و"الحاوي الكبير"(10/ 425)، و"روضة الطالبين"(10/ 260).
(6)
انظر: "المبدع"(3/ 270).
(7)
انظر: "المحلى بالآثار"(7/ 344).
(8)
أخرجه أبو داود في "سننه"، باب في فداء الأسير بالمال (3/ 61، برقم 2690)، والبيهقي في "سننه الكبرى"، باب ما جاء في مفاداة الرجل بالمال (9/ 68).
(9)
انظر: "المغني"(13/ 50)، و"نهاية المحتاج"(8/ 68).