الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإسلام، فإن إسلامه يعصم له دمه، ويحرز له جميع أمواله، وصار إسلامه أيضًا عاصمًا له من الاسترقاق، وقد نُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن حزم (456 هـ) حيث يقول: (واتفقوا أن الحربي الذي يسلم في أرض الحرب، ويخرج إلينا، مختارًا، قبل أن يؤسر، أنه لا يحل قتله، ولا أن يسترق)(1).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (2)، والمالكية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة (5).
• مستند الإجماع:
1 -
لأنه أصبح بالفعل جزءًا من المسلمين، فلا يجوز التعرُّض له بسوء، كما لا يجوز التعرُّض لأي مسلم من المسلمين؛ عملًا بقوله صلى الله عليه وسلم:"كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه"(6).
2 -
وعن صخر بن العيلة البجلي قال: فر قوم من بني سليم عن أرضهم، فأخذتها، فأسلموا، وخاصموني إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فردها عليهم وقال:"إذا أسلم الرجل، فهو أحق بأرضه ومالِهِ"(7).
• وجه الدلالة: حيث دلَّ الحديث أن من أسلم من الحربيين أن مالهم لهم، لا يغنمه المسلمون.
النتيجة:
أن الإجماع متحقق على أن الكافر الحربي إذا أسلم، فإن إسلامه يعصم دمه وماله، ونفسه من الرق؛ لعدم المخالف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
[197/ 19] إسلام الحربي لا يشمل أولاده الكبار:
• المراد بالمسألة: بيان أن أولاد الكافر الحربي البالغين لا يتبعون آباءهم، فإسلام
(1)"مراتب الإجماع"(ص 201).
(2)
انظر: "المبسوط"(10/ 66)، و"حاشية ابن عابدين"(3/ 253).
(3)
انظر: "حاشية الدسوقي"(2/ 185).
(4)
انظر: "مغني المحتاج"(4/ 228).
(5)
انظر: "المغني"(13/ 115).
(6)
أخرجه مسلم، كتاب البر والصلة، باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه وماله (8/ 10، برقم 6706).
(7)
أخرجه أحمد في "مسنده"(4/ 310)، وقال الألباني في "السلسلة الصحيحة" (3/ 231):"إسناده حسن".
الآباء لا يعصم الأبناء البالغين؛ لأنهم لا يتبعون آباءهم، وقد نُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: المروزي (294 هـ) حيث يقول: (أن أهل العلم بأجمعهم، قد اتفقوا على أن حكم الأطفال في الدنيا حكم آبائهم، ما لم يبلغوا فإذا بلغوا فحكمهم حكم أنفسهم)، نقله عنه ابن عبد البر في "التمهيد"(1).
وابن حزم (456 هـ) حيث يقول: (واتفقوا أن ولده الكبار المختارين لدين الكفر على دين الإسلام، فإنهم كسائر المشركين، ولا فرق)(2).
وابن عبد البر (463 هـ) حيث يقول: (أجمع العلماء فيما علمت قديمًا وحديثًا على أن أحكام الأطفال في الدنيا كأحكام آبائهم، ما لم يبلغوا، فإذا بلغوا فحكمهم حكم أنفسهم)(3).
وشيخ الإسلام (728 هـ) حيث يقول: (فإذا بلغ وتكلم بالإسلام أو بالكفر، كان حكمه معتبرًا بنفسه، باتفاق المسلمين، فلو كان أبواه يهودًا أو نصارى فأسلم كان من المسلمين، باتفاق المسلمين، ولو كانوا مسلمين فكفر كان كافرًا باتفاق المسلمين)(4).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (5)، والمالكية (6)، والشافعية (7)، والحنابلة (8).
• مستند الإجماع: أن الشارع ربط التكليف بالواجبات والمحرمات ولزوم آثار الأحكام في الجملة، بشرط البلوغ، واستدلوا على ذلك بأدلة كثيرة، نذكر منها ما يناسب بحثنا في مسألتنا هذه:
منها قول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ لما أرسله إلى اليمن: "خذ من كل حالم دينارًا أو عدله معافريًّا"(9) فجعل الاحتلام موجبًا للجزية.
ومنها ما حصل يوم قريظة، من أن من اشتبهوا في بلوغه من الأسرى، كان إذا أنبت
(1)"التمهيد" لابن عبد البر (18/ 134).
(2)
"مراتب الإجماع"(ص 202).
(3)
"الاستذكار"(3/ 115).
(4)
"مجموع الفتاوى"(35/ 227).
(5)
انظر: "بدائع الصنائع"(7/ 140).
(6)
انظر: "الاستذكار"(3/ 115).
(7)
انظر: "تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام"(ص 196).
(8)
انظر: "المغني"(13/ 115).
(9)
سبق تخريجه.