الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النتيجة:
1 - أن الإجماع متحقق على أخذ الجزية من أعاجم أهل الكتاب، لعدم المخالف في ذلك.
2 -
أن الإجماع غير متحقق على أخذ الجزية من العرب من أهل الكتاب، لخلاف أبي يوسف، وإن كان رأيه مرجوح لضعف دليله.
3 -
دقَّة الإمام ابن حزم، والبغوي، وابن عادل الحنبلي في حكاية الإجماع، حيث قيدوا أخذ الجزية بأعاجم أهل الكتاب، بخلاف غيرهم ممن أطلق أهل الكتاب، ولم يُقيدهم.
[134/ 5] أخذ الجزية من المجوس:
• تعريف المجوس: المجوس هم: الذين أثبتوا أصلين للعالم هما: (إله النور) خالق الخير واسمه: يزدان. و (إله الظلمة) خالق الشَّر، واسمه: أهرمن. والمجوس يعظمون النيران والأنوار. وانقسموا إلى مذاهب كثيرة منها: الثنوية، والزرادشتية، والمركونية، والمزدكية، والتناسخية (1).
• المراد بالمسألة: أن الجزية يُشرع أخذها وتقبل من المجوس، وقد نُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: الطبري (310 هـ) حيث يقول: (أخذ الجزية من المجوس جائز بالإجماع)(2).
ابن المنذر (318 هـ) حيث يقول: (وأجمع عوام أهل العلم من أهل الحجاز، والعراق، والشام، ومصر، على أخذ الجزية من المجوس)(3)، وقال:(فالجزية يجب أخذها من المجوس للأخبار التي جاءت في ذلك، ولأني لا أعلم في ذلك اختلافًا)(4).
والجصاص (370 هـ) حيث يقول: (ولم يختلفوا في جواز إقرار المجوس
(1) انظر: "الفصل"(1/ 86)، و"الملل والنحل" للشهرستاني (1/ 230).
(2)
"اختلاف الفقهاء"(ص 203).
(3)
"الإشراف على مذاهب العلماء"(4/ 40).
(4)
المصدر السابق. وانظر: "الإجماع" لابن المنذر (ص 71).
بالجزية) (1)، ويقول:(ولا نعلم خلافًا بين الفقهاء في جواز أخذ الجزية من المجوس)(2).
والماوردي (450 هـ) حيث يقول: (وقد أخذ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر منهم الجزية، وانتشار هذا مع عدم المخالف فيه إجماع منعقد، ولأن الاتفاق على جواز أخذ الجزية منهم)(3).
وابن عبد البر (463 هـ) حيث يقول: (فلا خلاف بين العلماء أن المجوس تؤخذ منهم الجزية)(4) وقال: (ولا خلاف بين علماء المسلمين أن الجزية تؤخذ من المجوس)(5).
وابن رشد (520 هـ) حيث يقول: (فأما الذين تؤخذ الجزية منهم باتفاق فأهل الكتاب والمجوس والعجم)(6).
وابن هبيرة (560 هـ) حيث يقول: (وكذلك اتفقوا على ضرب الجزية على المجوس)(7).
وابن رشد (الحفيد)(595 هـ) حيث يقول: (فإن العلماء مجمعون على أنه يجوز أخذها من أهل الكتاب العجم ومن المجوس)(8)، وقال:(وكذلك اتفق عامة الفقهاء على أخذها من المجوس)(9).
والرازي (606 هـ) حيث يقول: (المسألة الرابعة: اتفقوا على أن المجوس قد سن بهم سنة أهل الكتاب في أخذ الجزية منهم دون أكل ذبائحهم ونكاح نسائهم. . .)(10).
وابن قدامة (620 هـ) حيث يقول: (وجملته أن الكفار ثلاثة أقسام. . . وقسم لهم شبهة كتاب وهم المجوس، فحكمهم حكم أهل الكتاب في قبول الجزية منهم وإقرارهم بها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب" ولا نعلم بين أهل العلم خلافًا في هذين القسمين)(11).
(1)"أحكام القرآن"(4/ 284).
(2)
المصدر السابق.
(3)
"الحاوي الكبير"(14/ 293).
(4)
"التمهيد"(2/ 120).
(5)
المصدر السابق (2/ 117).
(6)
"المقدمات" في ذيل "المدونة"(1/ 40).
(7)
"الإفصاح"(2/ 292).
(8)
"بداية المجتهد"(1/ 404).
(9)
المصدر السابق (1/ 389).
(10)
"التفسير الكبير"(11/ 117).
(11)
"المغني"(13/ 31).
وشيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ) حيث يقول: (فإن المجوس يقرون بالجزية باتفاق المسلمين)(1).
وابن القيم (751 هـ) حيث يقول: (فأجمع الفقهاء على أن الجزية تؤخذ من أهل الكتاب ومن المجوس)(2).
والدمشقي (780 هـ) حيث يقول: (اتفق الأئمة على أن الجزية تضرب على أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى وعلى المجوس، فلا تؤخذ من عبدة الأوثان مطلقًا)(3).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (4)، والمالكية (5)، والشافعية (6)، والحنابلة (7)، والظاهرية (8).
• مستند الإجماع:
1 -
ما ثبت "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر"(9).
2 -
أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذكر المجوس، فقال: ما أدري كيف أصنع في أمرهم، فقال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: أشهد لقد سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب"(10).
• وجه الدلالة: أن هذين الحديثين صريحا الدلالة على مشروعية أخذ الجزية من المجوس.
3 -
أن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال لعامل كسرى بين يدي معركة "نهاوند" في بلاد
(1)"مجموع الفتاوى"(8/ 100)، و"جامع الرسائل والمسائل"(4/ 300).
(2)
أحكام أهل الذمة" (1/ 79).
(3)
"رحمة الأمة" ص (304).
(4)
انظر: "فتح القدير"(4/ 370)، و"بدائع الصنائع"(7/ 110).
(5)
انظر: "المقدمات الممهدات"(1/ 376).
(6)
انظر: "روضة الطالبين"(10/ 304).
(7)
انظر: "الكافي"(5/ 581)، و"الإنصاف"(1/ 394)، و"الأحكام السلطانية" لأبي يعلى ص (153).
(8)
انظر: "المحلى"(5/ 413)، و"أصول الأحكام"(1/ 244).
(9)
أخرجه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب الجزية والموادعة مع أهل الذمة (3/ 1151، برقم 2987).
(10)
أخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 278)، وعبد الرزاق في "المصنف"(6/ 68، برقم 10002)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (9/ 189). قال الحافظ في "الفتح" (6/ 261):(منقطع مع ثقة رجاله)، وقال ابن عبد البر في "التمهيد" (2/ 116):(هو منقطع، ولكن معناه متصل من وجوه حسان).
فارس ما نصه: "فأمرنا نبينا، رسول ربنا صلى الله عليه وسلم أن نقاتلكم حتى تعبدوا اللَّه وحده، أو تؤدوا الجزية"(1).
• وجه الدلالة: أن طلب المغيرة رضي الله عنه من الفرس وهم مجوس -أداء الجزية دليل على مشروعية أخذها من المجوس.
4 -
عن أبي موسى الأشعري عن حذيفة بن اليمان قال: "لولا أني رأيت أصحابي أخذوا الجزية من المجوس ما أخذتها"(2).
• الخلاف في المسألة: خالف في ذلك بعض أهل العلم على قولين:
• القول الأول: أن الجزية لا تقبل إلا من اليهود والنصارى فقط (3). وحكي عن عبد الملك بن حبيب. ولم يُذكر له دليلًا، اللهم إلا أن يكون استمساكًا بظاهر القرآن في أخذ الجزية من أهل الكتاب، وهم اليهود والنصارى فقط في قول أكثر أهل العلم.
لكن يمكن أن يُجاب عن ذلك بما قال أبو عبيد: (فالجزية مأخوذة من أهل الكتاب بالتنزيل، ومن المجوس بالسنة)(4).
• القول الثاني: أن الجزية تؤخذ من مجوس العجم دون العرب (5).
وهو قول يُنسب إلى بعض الحنفية بناءً على تفريقهم بين أعاجم أهل الكتاب والعرب منهم.
النتيجة:
1 - أن الإجماع متحقق على أخذ الجزية من المجوس العجم، وأما خلاف عبد الملك ابن حبيب فلا يخرم الإجماع؛ لأنه رأي شاذ محجوج بالسنة الصحيحة الصريحة.
(1) سبق تخريجه.
(2)
أخرجه أبو عبيد في "الأموال"(ص 44) وقد سقط منه حذيفة فليصحح، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(5/ 268) وصححه الحافظ في "الفتح"(6/ 261).
(3)
انظر: "فتح الباري"(6/ 259).
(4)
"الأموال"(ص 44).
(5)
انظر: "فتح الباري"(6/ 259)، والمشهور عند الحنفية عدم التفريق بين العربي والعجمي من المجوس. انظر:"الدر المختار"(4/ 198)، و"البحر الرائق"(5/ 119).