الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• مستند الإجماع:
1 -
عن عمران بن حصين قال: "كانت ثقيف حلفاء لبني عقيلٍ، فأسرت ثقيف رجلين من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأسر أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رجلًا من بني عقيل، وأصابوا معه العضباء، فأتى عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو في الوثاق، قال: يا محمد. فأتاه فقال: "ما شائك؟ ". فقال: بم أخذتني؟ وبم أخذت سابقة الحاج؟ فقال: إعظامًا لذلك "أخذتك بجريرة حلفائك ثقيف". ثم انصرف عنه، فناداه فقال: يا محمد، يا محمد. وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رحيمًا رقيقًا فرجع إليه، فقال: "ما شأنك؟ ". قال: إني مسلم. قال: "لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح". ثم انصرف فناداه، فقال: يا محمد، يا محمد. وفادى به النبي صلى الله عليه وسلم الرجلين"(1).
قال الشافعي: (وهكذا من أسر من المشركين فأسلم حقن له إسلامه دمه، ولم يخرجه إسلامه من الرق)(2).
2 -
ولأنه سقط القتل بإسلامه، فبقي باقي الخصال من (الاسترقاق، والمن. .) على ما كانت عليه.
3 -
ولأن الرق أثر الكفر؛ لأن الكفار لما استنكفوا عن عبادة اللَّه تعالى جعلهم عبيد عبيدة -سبحانه- فثبوت بقاء الرق باعتبار أثر الكفر، لا باعتبار أنه مسلم (3).
النتيجة:
أن الإجماع متحقق على أن مجرد إسلام الرقيق لا يُزيل الرق عنه، لعدم المخالف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
[120/ 9] الحكم بإسلام الطفل المسبي منفردًا عن أبويه:
• المراد بالمسألة: إذا سبي من لم يبلغ الحلم من أولاد الكفار الحربيين، ذكرًا كان أم أنثى فإنه يصير رقيقًا بالسبي، فإذا كان قد سبي وحده منفرذا عن أبويه كليهما، فإنه يُعد مسلمًا تبعًا لسابيه. وقد نُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن قدامة (620 هـ) حيث يقول: (وجملته أنه إذا سبي من لم يبلغ من أولاد الكفار صار رقيقًا، ولا يخلو من ثلاثة أحوال: أحدها أن يسبى منفردًا
(1) سبق تخريجه قريبًا.
(2)
"الأم"(4/ 253).
(3)
انظر: "الغرة المنيفة"(1/ 89).
عن أبويه فهذا يصير مسلمًا إجماعًا) (1).
وأبو الفرج ابن قدامة (682 هـ) حيث يقول: (أن يسبى منفردًا عن أبويه فيصير مسلمًا بالإجماع)(2)، ونقله المرداوي (855 هـ) في "الإنصاف"(3).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (4)، والمالكية (5)، والشافعية (6)، والحنابلة في المذهب (7)، والظاهرية (8).
قال ابن القيم (751 هـ): (فإذا سبي الطفل منفردًا عن أبويه حكم بإسلامه؛ لأنه صار تحت ولايته وانقطعت ولاية الأبوين عنه، هذا مذهب الأئمة الأربعة)(9).
• مستند الإجماع:
1 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه، كمثل البهيمة تنتج البهيمة هل ترى فيها جدعاء"(10)(11).
• وجه الدلالة: دلَّ الحديث أن الدين يثبت للطفل بطريق التبع، وقد انقطعت تبعيته لأبويه، لانقطاعهما عنه، أو أحدهما، وإخراجه من دارهما إلى دار الإسلام. فصار
(1)"المغني"(13/ 112).
(2)
"الشرح الكبير"(5/ 518).
(3)
"الإنصاف"(4/ 134).
(4)
انظر: "تبيين الحقائق"(1/ 234)، و"البحر الرائق"(2/ 204).
(5)
انظر: "الفواكه الدواني"(1/ 300).
(6)
انظر: "الوسيط"(4/ 312)، و"روضة الطالبين"(5/ 432)، وقد شذ الشرازي (476 هـ) حين قال في "المهذب" (2/ 239):(وإن سبي وحده ففيه وجهان: أحدهما: أنه باق على حكم كفره، ولا يتبع السابي في الإسلام، وهو ظاهر المذهب) فجعل ظاهر المذهب عند الشافعية الحكم بكفره. وقد تعقَّبه النووي في "روضة الطالبين"(5/ 432) بقوله: (وشذ بهذا وليس بشيء، والصواب المقطوع به في كتب المذهب الحكم بإسلامه، وإنما ذكرته تنبيهًا لضحفه فلا يُغتر به).
(7)
انظر: "الفروع"(10/ 213)، و"حاشية الروض المربع"(4/ 273).
(8)
انظر: "المحلى"(7/ 324).
(9)
"أحكام أهل الذمة"(2/ 924).
(10)
يقول ابن القيم: (تشبيه المولود في ولادته عليها (أي: الفطرة) بالبهيمة الجمعاء وهي الكاملة الخلق ثم تشبيهه إذا خرج عنها بالبهيمة التي جدعها أهلها فقطعرا أذنها دليل على أن الفطرة هي الفطرة المستقيمة السليمة، وما يطرأ على المولود من التهويد والتنصير بمنزلة الجدع والتغيير في ولد البهيمة) "حاشية ابن القيم على سنن أبي داود"(12/ 318).
(11)
أخرجه البخاري، كتاب الجنائز، باب ما قيل في أولاد المشركين (1/ 465، برقم 1319)