الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• ووجه الدلالة من الحديثين: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الابن ببر أبويه واستئذانهما للجهاد، فإن لم يأذنا فإنه لا يخرج للجهاد، وهذا نص في اشتراط إذن الوالدين.
3 -
عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه قال: "سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى اللَّه؟ قال: "الصلاة على وقتها"، قال: ثم أي؟ قال: "ثم بر الوالدين". قال: ثم أي؟ قال: "الجهاد في سبيل اللَّه". قال: حدثني بهن، ولو استزدته لزادني"(1).
• وجه الاستدلال: أن في الحديث تقديم بر الوالدين على الجهاد، ويحتمل أن ذلك التقديم لتوقف الجهاد على بر الوالدين؛ إذ من بر الوالدين استئذانهما في الجهاد (2).
4 -
أن الجهاد في هذه الحالة فرض كفاية؛ لأنه لم يتعين على الابن، وبر الوالدين فرض عين فكان مقدمًا على فرض الكفاية (3).
• الخلاف في المسألة: حكي قول في مذهب الحنابلة أن فرض الكفاية لا يجب فيه الاستئذان كفرض العين (4).
ولم يُذكر على هذا القول دليل، مما يدل على ضعفه وشذوذه.
قال ابن قدامة: (مسألة قال: وإذا كان أبواه مسلمين لم يجاهد تطوعًا إلا بإذنهما روي نحو هذا عن عمر، وعثمان، وبه قال مالك، والأوزاعي، والثوري، والشافعي، وسائر أهل العلم)(5).
النتيجة:
أن الإجماع متحقق، وما حُكي من خلاف في مذهب الحنابلة فهو شاذ، واللَّه تعالى أعلم.
[21/ 21] وجوب أخذ المدين الإذن من الغريم في الخروج للجهاد:
• المراد بالمسألة: بيان أنه ليس للمدين الموسر الذي حل عليه الدين أن يخرج
(1) أخرجه البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل الصلاة لوقتها (1/ 197، رقم 504).
(2)
انظر: "فتح الباري"(10/ 401).
(3)
"بدائع الصنائع"(6/ 58)، و"المعونة"(1/ 602)، و"المغني"(13/ 26)، و"سبل السلام"(4/ 84).
(4)
انظر: "الإنصاف" مع "الشرح الكبير"(10/ 44)، وأشار صاحب "الفروع" إلى ضعف هذا القول. انظر:"الفروع"(6/ 187).
(5)
"المغني"(13/ 25).
للجهاد بغير إذن الدائن حتى يقضي الدين، أو يترك وفاءه، أو يقيم كفيلًا. وقد نُقل الإجماع على ذلك.
• وممن نقل الاتفاق: الدمشقي (780 هـ)، حيث يقول:(واتفقوا أن من لم يتعين عليه الجهاد لا يخرج إلا بإذن أبويه إن كانا مسلمين، وأن من عليه دين لا يخرج إلا بإذن غريمه)(1).
• الموافقون على الإجماع: وافق الفقهاء من الحنفية (2)، والمالكية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة (5) على ذلك.
• مستند الإجماع:
1 -
عن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر فضل الجهاد، فقام رجل فقال:"يا رسول اللَّه أرأيت إن قتلت في سبيل اللَّه تكفر عني خطاياي؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "نعم إن قتلت في سبيل اللَّه وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر، إلا الدين، فإن جبريل عليه السلام قال لي ذلك" (6).
• وجه الدلالة من الحديث: أن الدين من حقوق الآدميين، والجهاد والشهادة في سبيل اللَّه لا يكفره فدل على وجوب قضائه قبل الخروج للجهاد أو استئذان صاحب الحق (7).
2 -
ولأن أداء الدين فرض متعين عليه والجهاد فرض على الكفاية، وفروض الأعيان مقدمة (8).
3 -
ولأن الجهاد تقصد منه الشهادة التي تفوت بها النفس، فيفوت الحق بفواتها (9).
النتيجة:
صحة الإجماع على وجوب أخذ المدين الإذن من دائنه للخروج للجهاد، حيث لم أطلع على من خالف في ذلك، واللَّه تعالى أعلم.
(1)"رحمة الأمة"(ص 292).
(2)
"البحر الرائق"(5/ 121)، و"حاشية ابن عابدين"(6/ 204).
(3)
"بلغة المسالك"(1/ 356)، و"الذخيرة"(3/ 395).
(4)
روضة الطالبين" (10/ 210)، و"الحاوي الكبير" (14/ 121).
(5)
و"المغني"(13/ 27)، و"المبدع"(3/ 315).
(6)
أخرجه مسلم، كتاب الإمارة، باب من قتل في سبيل اللَّه كفرت خطاياه إلا الدَّين (6/ 37، رقم 4988).
(7)
"شرح صحيح مسلم" للنووي (13/ 29).
(8)
"الحاوي الكبير"(14/ 121).
(9)
"المغني"(13/ 28).