الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحنابلة (1).
• مستند الإجماع:
1 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه، كمثل البهيمة تنتج البهيمة هل ترى فيها جدعاء"(2)
• وجه الدلالة: حيث ألحق النبي صلى الله عليه وسلم الطفل بأبويه في الحكم في الدنيا، فكأنه قال لهم: حكم الطفل في الدنيا حكم أبويه فاعرفوا ذلك بالأبوين، فمن كان صغيرًا بين أبوين كافرين ألحق بحكمهما، ومن كان صغيرًا بين أبوين مسلمين ألحق بحكمهما (3).
2 -
عن الصعب بن جثامة رضي الله عنه قال: مرَّ بي النبي صلى الله عليه وسلم بالأبواء أو بودَّان (4)، وسئل عن أهل الدار يبيتون من المشركين فيصاب من نسائهم وذراريهم؟ قال: هم منهم (5).
• وجه الدلالة: أن قوله صلى الله عليه وسلم: (هم منهم) أي في الحكم تلك الحالة (6)، فدلَّ ذلك على تبعية الأطفال لآبائهم في أحكام الدنيا.
النتيجة:
أن الإجماع متحقق على أن الطفل الذي لم يبلغ، ولم يُسب، ولم يُسلم والداه، أنه تابع لأبويه في أحكام الدنيا لعدم المخالف المعتبر، واللَّه أعلم.
[212/ 9] نكاح المسلم بالمرأة الكتابية إذا لم تكن في دار الحرب:
• المراد بالمسألة: بيان أن للمسلم أن يتزوج بالمرأة الكتابية إذا لم تكن في دار أهل الحرب، وقد نُقل الإجماع على جواز ذلك.
• من نقل الإجماع: الجصاص (370 هـ) حيث يقول: (ولا نعلم عن أحد من الصحابة والتابعين تحريم نكاحهن (أي: الكتابيات). . . ولو كان ذلك محرمًا عند
(1) انظر: "المغني"(10/ 463).
(2)
سبق تخريجه.
(3)
انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (18/ 87).
(4)
الأبواء: بفتح الهمزة وسكون الموحدة وبالمد جبل من عمل الفرع بضم الفاء والراء بعدها مهملة. قيل: سمي الأبواء لوبائه على القلب. وقيل: لأن السيول تتبوؤه أي: تحمله. وودان: بفتح الواو وتشديد الدال وآخرها نون، موضع بقرب الجحفة. انظر:"فتح الباري"(4/ 33).
(5)
أخرجه البخاري، كتاب الجهاد، باب أهل الدار يبيتون فيصاب الولدان والذراري (3/ 1097 برقم 2850).
(6)
انظر: "فتح الباري"(6/ 147).
الصحابة لظهر منهم نكير أو خلاف وفي ذلك دليل على اتفاقهم على جوازه) (1) وقال أيضًا: (إباحة نكاح الحرائر منهن (أي: الكتابيات) إذا كن ذميات، فهذا لا خلاف بين السلف وفقهاء الأمصار فيه، إلا شيئًا يروى عن ابن عمر أنه كرهه) (2).
وابن عبد البر (463 هـ) حيث يقول: (وقد تزوج عثمان بن عفان نائلة بنت الفرافصة الكلبية نصرانية، وتزوج طلحة بن عبيد اللَّه يهودية، وتزوج حذيفة يهودية، وعنده حرتان مسلمتان عربيتان، ولا أعلم خلافًا في نكاح الكتابيات الحرائر بعد ما ذكرنا، إذا لم تكن من نساء أهل الحرب)(3).
وابن قدامة المقدسي (620 هـ) حيث يقول: (ليس بين أهل العلم بحمد اللَّه اختلاف في حل حرائر نساء أهل الكتاب)(4).
وشيخ الإسلام (728 هـ) حيث يقول: (ومن المعلوم أن حل ذبائحهم ونسائهم -أي: أهل الكتاب- ثبت بالكتاب والسنة والإجماع)(5).
والزركشي (772 هـ) حيث يقول: (مع أن جواز نكاح حرائر أهل الكتاب إجماع، أو كالإجماع)(6)
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (7)، والمالكية (8)، والشافعية (9)، والحنابلة (10)، والظاهرية (11).
• مستند الإجماع:
1 -
قوله تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5].
• وجه الدلالة: حيث نص اللَّه سبحانه وتعالى صراحة على حل نكاح نساء أهل الكتاب (12).
(1)"أحكام القرآن" للجصاص (2/ 16).
(2)
المرجع السابق (3/ 324).
(3)
"الاستذكار"(5/ 496).
(4)
"المغني"(7/ 99).
(5)
"مجموع الفتاوى"(35/ 213).
(6)
"شرح الزركشي"(2/ 378).
(7)
انظر: "المبسوط"(4/ 20)، و"فتح القدير"(3/ 135).
(8)
انظر: "المدونة"(2/ 306)، و"الكافي" لابن عبد البر (1/ 445).
(9)
انظر: "روضة الطالبين"(7/ 135)، و"مغني المحتاج"(3/ 187).
(10)
انظر: "المبدع"(7/ 70)، و"كشاف القناع"(5/ 84).
(11)
انظر: "المحلى"(9/ 448).
(12)
انظر: "الجامع لأحكام القرآن"(6/ 79).
2 -
أنه قد روي عن جماعة من الصحابة والتابعين إباحة نكاح الكتابيات ومن ذلك: أن عثمان تزوج نائلة بنت الفرافصة الكلبية وهي نصرانية على نسائه (1).
وذكر أن طلحة بن عبيد اللَّه تزوج يهودية من أهل الشام (2).
وروي عن حذيفة أيضًا أنه تزوج يهودية وكتب إليه عمر أن خل سبيلها، فكتب إليه حذيفة: أحرام هي؟ فكتب إليه عمر: لا ولكن أخاف أن تواقعوا المومسات (3).
وروي عن جماعة من التابعين إباحة تزويج الكتابيات منهم الحسن وإبراهيم والشعبي (4).
• الخلاف في المسألة: أُثر عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه حرَّم نكاح المسلم بالكتابية؛ فقد ثبت في "الصحيح" عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، كان إذا سئل عن نكاح النصرانية أو اليهودية، قال: إن اللَّه تعالى حرم المشركات على المؤمنين، ولا أعلم من الإشراك شيئًا أكبر من أن تقول المرأة: ربها عيسى، وهو عبد من عباد اللَّه تعالى) (5).
• وحجته رضي الله عنه: أنه حمل قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221]، على كل كافرة. ولأن الأصل في الأبضاع الحرمة، فلما تعارض دليل الإباحة مع دليل الحرمة تساقطا، فوجب بقاء حكم الأصل (6).
وقد حمل بعض أهل العلم قول ابن عمر على الكراهة، وأنه كان متوقِّفًا في ذلك (7).
وقال ابن عبد البر: (وهذا قول شذ فيه ابن عمر عن جماعة الصحابة -رضوان اللَّه عليهم- وخالف ظاهر قول اللَّه عز وجل: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ
(1) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(6/ 78).
(2)
المرجع السابق.
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(4/ 158)، و"السنن الكبرى" للبيهقي (7/ 172)، والمومسات: جمع مومس، هي: المرأة الفاجرة الزانية تميل لمريدها. انظر: "لسان العرب"(6/ 258)، مادة (ومس).
(4)
انظر: "سنن سعيد بن منصور"(1/ 193)، و"الأم"(5/ 7)، و"الإشراف"(5/ 92)، و"التلخيص الحبير"(3/ 174).
(5)
أخرجه البخاري، كتاب الطلاق، باب قوله تعالى:{وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} (5/ 2024، برقم 4981).
(6)
انظر: "التفسير الكبير"(6/ 204).
(7)
انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (2/ 15)، و"الجامع لأحكام القرآن"(3/ 68).