الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النتيجة:
أن الإجماع متحقق على أن الصفي ليس لأحد من بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وخلاف أبي ثور شاذ مردود بإجماع من قبله ومن بعده، ثم لم أجد من قال بقول أبي ثور إلا الشوكاني في "نيل الأوطار" ورجح هو ثبوته للإمام (1). فكل هؤلاء محجوج بإجماع المسلمين من قبلهم ومن بعدهم. واللَّه تعالى أعلم.
[98/ 28] تحديد الغلول في الغنيمة:
• تعريف الغلول:
• الغلول لغة: بضم المعجمة والسلام مصدر غَلَّ يَغُلُّ: وهو الخيانة في المغنم والسرقة من الغنيمة قبل القسمة. يقال: غَلَّ في المغنم يَغُلّ غُلُو لا فهو غَالٌّ. وكل من خان في شيء خفية فقد غل. وسميت غلولًا لأن الأيدي فيها مغلولة: أي ممنوعة مجعول فيها غل وهو الحديدة التي تجمع يد الأسير إلى عنقه (2).
• والغلول في الاصطلاح: أخذ ما لم يبح الانتفاع به من الغنيمة قبل حوزها (3).
وقوله: (ما لم يبح) احتراز مما أبيح فيها للضرورة فإنه ليس بغلول كالطعام ولا يحتاج إلى إذن الإمام.
• المراد بالمسألة: بيان حقيقة الغلول وأن من أخذ من أهل الجيش أو السرية من المسلمين -أسيرًا كان أو غيره- شيئًا له ثمن أو بال، مما كان يملكه أهل الحرب -قل أو كثر مما عدا الطعام- فإن انفرد بملكه ولم يلقه في الغنائم، فإنه قد غل. وقد نقل الإجماع على ذلك (4).
• من نقل الإجماع: ابن حزم الظاهري (456 هـ) حيث يقول: (واتفقوا أن من أخذ
(1) انظر: "نيل الأوطار"(8/ 90)، و"السيل الجرار"(4/ 543).
(2)
انظر: "النهاية"(3/ 717)، و"لسان العرب"(11/ 499)، مادة (غلل).
(3)
"شرح حدود ابن عرفة"(ص 310).
(4)
واختلف أهل العلم في الطعام، وفيما لم يتملكه أهل الحرب قبل ذلك: كالحصى، والصيد، والحطب، ونحو ذلك، وكذلك اختلفوا في الشيء اليسير مما لا ثمن له ولا بال: كالخيط، والخرقة يرقع بها، ونحو ذلك، وفي الانتفاع ببعض ما في دار الحرب عند الضرورة إليه والحاجة، من غير أن يتملكه، كالسلاح ونحوه. فرخص بعضهم ومنع بعضهم الآخر.
من أهل العسكر أو السوقة (1) من المسلمين شيئًا، قد تملكه أهل الحرب ليس طعامًا، سواء قل أو كثر، السلطان كان أو غيره، أنه قد غل إذا انفرد بملكه، ولم يلقه في الغنائم) (2).
وابن جماعة الكناني (790 هـ) حيث يقول: (الغلول في الغنيمة: حرام باتفاق، وهو: أن يخفي عن الإمام أو نائبه شيئًا من الغنيمة، وإن قل، أو يخون في شيء منها)(3).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (4)، والمالكية (5)، والشافعية (6)، والحنابلة (7).
• مستند الإجماع:
1 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم قام في الناس -منصرفه من حنين- فقال: "أدوا الخائط والمخيط؛ فإن الغلول عار، ونار، وشنار على أهله يوم القيامة"(8).
• وجه الدلالة: أن هذا نص في الخائط والمخيط -وهو الخيط والابرة- أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بأدائه، وجعل له حكم الغلول المتوعد عليه بالنار، فكيف بما فوقه، لا شك أنه أولى بالحكم، وأولى بالاجتناب.
2 -
عن رويفع بن ثابت الأنصاري، أن النبي-صلى الله عليه وسلم قال:"من كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر، فلا يركب دابة من فيء المسلمين، حتى إذا أعجفها ردها فيه، ومن كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر، فلا يلبس ثوبًا من فيء المسلمين، حتى إذا أخلقه رده فيه"(9).
(1) السُّوقةُ من الناس: الرَّعيَّة ومَنْ دون المَلِك. انظر: "النهاية"(2/ 1036)، و"لسان العرب"(10/ 166)، مادة (سوق).
(2)
"مراتب الإجماع"(ص 198).
(3)
"تحرير الأحكام في تدابير أهل الإسلام"(ص 213).
(4)
انظر: "المبسوط"(10/ 50)، و"طلبة الطلبة"(ص 187).
(5)
انظر: "الكافي"(1/ 473)، و"شرح حدود ابن عرفة"(ص 310).
(6)
انظر: "شرح النووي على صحيح مسلم"(12/ 218)، و"تحرير ألفاظ اللَّه"(ص 117).
(7)
انظر: "المغني"(13/ 168)، و"المطلع على أبواب المقنع"(ص 118).
(8)
أخرجه أحمد في "المسند"(4/ 127 - 128).
(9)
أخرجه أحمد في "المسند"(4/ 108)، وأبو داود في "سننه" كتاب الجهاد، باب في الرجل ينتفع من الغنيمة بالشيء (3/ 67، رقم 2708)، وصححه ابن الملقن في "البدر المنير"(9/ 137).