الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقاتلة في كل عام عطاءهم، والذرية والنساء ما يكفيهم لسنتهم في كسوتهم ونفقاتهم طعامًا أو قيمته دراهم أو دنانير، ويعطي المنفوس شيئًا، ثم يزاد كلما كبر على قدر مؤنته، وهذا مستو أنهم يعطون الكفاية، ويختلف في مبلغ العطاء باختلاف أسعار البلدان وحال الناس فيها، فإن المؤنة في بعض البلدان أثقل منها في بعض) (1).
• مستند الإجماع:
1 -
لأن جيش المسلمين أهم المصالح، لكونهم يحفظون المسلمين فيعطون كفاياتهم.
2 -
ولأن فيه تطييب قلوب المجاهدين، فإنهم متى علموا أن عيالهم وذراريهم يكفون المؤنة بعد سفرهم للجهاد، أقبلوا على الجهاد، وإذا علموا خلاف ذلك، أقبلوا على الكسب، وآثروه على الجهاد، مخافة الضيعة على عيالهم (2).
النتيجة:
أن الإجماع متحقق على جواز إعطاء المجاهدين وذراريهم من مال الفيء، لعدم المخالف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
[155/ 4] لا يُمنع أهل الأهواء نصيبهم من الفيء:
• تعريف أهل الأهواء:
• الأهواء لغة: جمع هوى: وهو محبة الإنسان الشيء وغلبته على قلبه (3).
• وهو في الاصطلاح: ميل النفس إلى خلاف ما يقتضيه الشرع (4).
وأهل الأهواء من المسلمين هم: من زاغ عن الطريقة المثلى من أهل القبلة. ويسمون أهل البدع والضلال (5).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (والبدعة التي يُعدُّ بها الرجل من أهل الأهواء ما اشتهر عند أهل العلم بالسنة مخالفتها للكتاب والسنة؛ كبدعة الخوارج والروافض والقدرية والمرجئة)(6).
• المراد بالمسألة: بيان أن أهل الأهواء والبدع إذا شاركوا عموم المسلمين في قتال الكفار، فإنهم لا يُمنعون نصيبهم من الفيء، وقد نُقل الإجماع على ذلك.
(1)"الأم"(4/ 162).
(2)
انظر: "الشرح الكبير"(10/ 553).
(3)
انظر: "لسان العرب"(15/ 371)، مادة (هوي).
(4)
"دستور العلماء"(ص 331).
(5)
"التعريفات"(ص 57).
(6)
"مجموع الفتاوى"(35/ 414).
• من نقل الإجماع: أبو الحكم البلوطي (355 هـ) حيث يقول: (وأهل الأهواء لا يمنعون نصيبهم من الفيء إذا حضروا الحرب بإجماع) نقله عنه ابن القطان في "الإقناع"(1).
• الموافقون للإجماع: لم أقف على من وافق البلوطي صراحة، إلا الشافعي (2)، ولعل بعض الفقهاء لم يصرحوا بذلك لكون الفيء من حق جميع المسلمين. ويدخل في ذلك أهل الأهواء ما دامت بدعهم وأهواؤهم لم تُخرجهم عن دائرة الإسلام.
• مستند الإجماع: يمكن أن يكون مستند هذا الإجماع: ما جاء عن علي رضي الله عنه: أنه كان قائمًا على المنبر بالكوفة يخطب فقال الخوارج من ناحية المسجد: لا حكم إلا للَّه، فقطع خطبته وقال:"كلمة حق يراد بها باطل، أما إن لهم عندنا ثلاثًا: ألَّا نمنعهم حقهم من الفيء ما كانت أيديهم مع أيدينا، ولا نمنعهم مساجد اللَّه أن يذكروا فيها اسمه، ولا نقاتلهم حتى يقاتلونا"(3).
• وجه الدلالة: حيث دلَّ هذا الأثر أن الخوارج لا يُمنعون نصيبهم من الفيء، وكذلك الحكم في غيرهم من أهل الأهواء.
• الخلاف في المسألة: لم أجد من خالف في ذلك، سوى أن كثيرًا من أهل السلف نصوا بأن الرافضة (4) لا حظَّ لهم في الفيء، ومن ذلك:
قال مالك بن أنس: "من تَنَقَّصَ أحدًا من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، أو كان في قلبه عليهم غِلٌّ، فليس له حق في فيء المسلمين، ثم تلا قوله تعالى:{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا} [الحشر: 10] فمن تنقصهم أو كان في قلبه عليهم غِل، فليس له في الفيء
(1)"الإقناع في مسائل الإجماع"(3/ 1050).
(2)
انظر: "الأم"(4/ 217) حيث قال بعد أن ساق أثر علي التالي: (وبهذا كله نقول. . ولا أن يمنعوا الفيء ما جرى عليهم حكم الإسلام، وكانوا أسوتهم في جهاد عدوهم، ولا يحال بينهم وبين المساجد والأسواق).
(3)
"الأم"(4/ 217)، و"أحكام القرآن" للجصاص (2/ 323).
(4)
الرافضة: هي إحدى الفرق المنتسبة للتشيع لآل البيت، مع البراءة من أبي بكر وعمر، وسائر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا القليل منهم، وتكفيرهم لهم وسبهم إياهم. قال الإمام أحمد رحمه الله:"والرافضة: هم الذين يتبرؤون من أصحاب محمد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ويسبونهم وينتقصونهم" انظر: "طبقات الحنابلة" لابن أبي يعلى (1/ 330) انظر: "مجموع الفتاوى"(28/ 405)، و"الفروع"(6/ 263).