الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وممن يروى عنه هذا القول: سعد بن مالك، وسعد بن أبي وقاص، وأسيد بن مالك رضي الله عنهم (1).
• القول الثاني: نزلت لأن أصحاب رسول اللَّه سألوا قسمة الغنيمة بينهم يوم بدر فأعلمهم اللَّه أن ذلك للَّه ولرسوله دونهم ليس لهم فيه شيء.
وممن يروى عنه هذا القول: ابن مسعود وأصحابه رضي الله عنهم (2).
وبعد أن ساق ابن جرير الخلاف السابق قال: (وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن اللَّه تعالى أخبر في هذه الآية عن قوم سألوا رسول اللَّه الأنفال أن يعطيهموها، فأخبرهم اللَّه أنها للَّه وأنه جعلها لرسوله. لماذا كان ذلك معناه جاز أن يكون نزولها كان من أجل اختلاف أصحاب رسول اللَّه فيها، وجائز أن يكون من أجل مسألة من سأله السيف الذي ذكرنا عن سعد أنه سأله إياه، وجائز أن يكون من أجل مسألة من مسألة قسم ذلك بين الجيش)(3).
وبهذا يظهر أن الخلاف في ذلك هو من قبيل اختلاف التنوع المعروف في كتب التفسير، إذ إن مؤدى جميع الأقوال أن مكان وزمان النزول يوم بدر.
النتيجة:
أن الإجماع متحقق في نزول الآية حين معركة بدر، لعدم الخلاف المعتبر، وما ورد من أقوال فهو من قبيل اختلاف التنوع في تحديد السبب بعينه الذي نزلت من أجله الآية الكريمة، وهو لا يغير من الحكم الشرعي شيئًا. واللَّه أعلم.
[74/ 4] هل النفل هو الغنيمة
؟
• تعريف النفل:
• النفل في اللغة: هو الغنيمة، ومنه قول الشاعر:
إن تقوى ربنا خير نفل
…
وبإذن اللَّه ريثي والعجل
أي: خير غنيمة، ويقال: نفل الإِمام الجند إذا جعل لهم ما غنموا، وجماع معنى النفل ما كان زيادة على الأصل (4).
• والنفل اصطلاحًا يطلق على أمرين: الأول: بمعنى الغنائم فقد سمى اللَّه عز وجل
(1)"جامع البيان"(9/ 173).
(2)
المصدر السابق (9/ 174).
(3)
المصدر السابق.
(4)
انظر: "لسان العرب"(11/ 673)، مادة (نفل).
الغنائم التي أوجف عليها المسلمون بخيلهم وركابهم أنفالًا. قال اللَّه عز وجل: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: 1].
وسميت الغنائم أنفالاً؛ لأنها كانت حرامًا على من كان قبلنا، كانت تنزل نار فتحرقها، فأحلها اللَّه تعالى لهذه الأمة تفضلًا منه؛ ولذلك سماها أنفالاً؛ لأن أصل النافلة والنفل ما تطوع به المُعطي مما لا يجب عليه.
والثاني: زيادة مال على سهم الغنيمة يشترطه الإِمام أو أمير الجيش لمن يقوم بما فيه نكاية زائدة على العدو. وكل ذلك من فضل اللَّه عز وجل فلذلك سميت أنفالًا (1).
• المراد بالمسألة: بيان أن الأنفال بالمعنى الاصطلاحي الأول وهو الغنائم، هو المقصود في قوله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: 1]، وقد نقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن عبد البر (463 هـ) حيث يقول: (النفل الغنيمة والأنفال الغنائم، هذا ما لا خلاف فيه عند العلماء ولا أهل اللغة)(2).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: علماء اللغة وعلى رأسهم الخليل وابن الأثير وغيرهما (3).
• مستند الإجماع: أنه قول ترجمان القرآن ابن عباس؛ وهو قول غير واحد من التابعين أنها الغنائم.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: ({الْأَنْفَالِ} المغانم)(4).
• الخلاف في المسألة: وقد نازع بعض أهل العلم في ذلك فقالوا: إن الأنفال في الآية ليست هي الغنائم، على قولين:
• القول الأول: أن الأنفال شيء يزاده بعض الجيش على سهمه، وأن للإمام أن ينفل من شاء من الغنيمة إذا كان في ذلك مصلحة، وممن روي عنه هذ القول -أيضًا: ابن
(1)"الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي"(1/ 281)، و"حاشية ابن عابدين"(3/ 238).
(2)
"الاستذكار"(5/ 65).
(3)
انظر: "النهاية"(5/ 99)، و"لسان العرب"(11/ 673)، مادة (نفل)، و"الكشاف"(2/ 183)، و"المصباح المنير"(2/ 619).
(4)
علّقه البخاري في "صحيحه" في كتاب التفسير (4/ 1702)، وانظر:"جامع البيان"(13/ 362).