الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• وجه الدلالة: إذا كان المسلمون قد اتفقوا على منعهم من إظهارها، فكيف يسوغ المشاركة لهم فيها. أو تهنئتهم بها.
5 -
وعن عمر رضي الله عنه قال: "لا تعلموا رطانة الأعاجم، ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم، فإن السخطة تنزل عليهم"(1)
النتيجة:
أن الإجماع متحقق على تحريم مشاركة الكفار في أعيادهم، أو تهنئتهم بها، لعدم المخالف المعتبر في ذلك، واللَّه تعالى أعلم.
[218/ 15] حكم توبة الكتابي إذا سب النبي صلى الله عليه وسلم سرًّا فيما بينه وبين اللَّه:
• المراد بالمسألة: بيان أن الكتابي وغيره من الكفار إذا أسلم وتاب وقد كان يسب النبي صلى الله عليه وسلم سرًّا بينه وبين قومه، ولم يظهره، ولم يطلع المسلمون على ذلك، أن توبته مقبولة فيما بينه وبين اللَّه، وتنفعه يوم القيامة، وقد نُقل الإجماع على ذلك، أما ما يتعلق في حكم الدنيا من سقوط القتل عنه أو لا؟ فليس محل بحثنا، وفيه خلاف معروف في كتب أهل العلم (2).
• من نقل الإجماع: ابن الصلاح (643 هـ) حيث يقول: (وأجمعت الأمة على أن اللَّه لم يجعل فيما خلق ذنبًا لا توبة منه أصلًا)(3).
وأبو الفرج ابن قدامة (682 هـ) حيث يقول: (ولأن من زعم أن للَّه ولدًا، فقد سب اللَّه تعالى، بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم إخبارًا عن ربه تعالى أنه قال: "شتمني ابن آدم وما ينبغي له أن يشتمني، أما شتمه إياي، فزعم أن لي ولدًا" (4)، وتوبته مقبولة بغير خلاف،
= وهي مجمع عليها في الجملة بين العلماء من الأئمة المتبوعين، وأصحابهم، وسائر الأئمة. "اقتضاء الصراط المستقيم" ص (121، 122). شعانين: وهو عيد لهم معروف، وهو أول أحد في صومهم. انظر:"النهاية في غريب الحديث"(2/ 369)، والباعوث للنصارى كعيد الفطر والنحر للمسلمين. المصدر السابق (1/ 139).
(1)
أخرجه البيهقي في "سننه"(9/ 234)، وعبد الرزاق في "مصنفه" (1/ 411 رقم: 1609).
(2)
انظر: "مختصر اختلاف العلماء"(3/ 504)، و"الصارم المسلول على شاتم الرسول"(3/ 915).
(3)
"فتاوى ابن الصلاح"(1/ 188).
(4)
أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في قول اللَّه تعالى:{وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} (3/ 1116، برقم 3021).
وإذا قبلت توبة من سب اللَّه تعالى، فمن سب نبيه صلى الله عليه وسلم أولى أن تقبل توبته) (1).
وشيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ) حيث يقول: (واليهود والنصارى الذين يسبون نبينا سرًّا بينهم إذا تابوا وأسلموا، قبل ذلك منهم، باتفاق المسلمين)(2)، وحكاه ابن مفلح في "المبدع"(3).
والزركشي (772 هـ) حيث يقول: (والخلاف في قبول توبتهم في الظاهر من أحكام الدنيا، من ترك قتلهم، وثبوت أحكام الإسلام في حقهم، وأما قبول اللَّه في الباطن، وغفرانه لمن تاب وأقلع باطنًا وظاهرًا فلا اختلاف فيه)(4).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (5)، والمالكية (6)، والشافعية (7)، والحنابلة (8).
• مستند الإجماع:
1 -
أن كل من تاب تاب اللَّه عليه كما قال اللَّه تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)} [الزمر: 53].
• وجه الدلالة: حيث ذكر اللَّه في هذه الآية أنه يغفر للتائب الذنوب جميعًا وأطلق وعمم، فيدخل في ذلك الشرك فما دونه.
2 -
قوله تعالى في حق الكفار: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] وقوله تعالى في حق المنافقين: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 146].
3 -
وأن الإسلام يجب ما قبله كقذف اليهود لمريم وابنها، وقولهم في الأنبياء والرسل، لقوله عليه الصلاة والسلام: "أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن
(1)"الشرح الكبير"(10/ 91).
(2)
"مجموع الفتاوى"(4/ 528).
(3)
"المبدع"(9/ 181).
(4)
"شرح الزركشي على مختصر الخرقي"(3/ 88).
(5)
انظر: "الدر المختار"(4/ 232).
(6)
انظر: "شرح صحيح البخاري، لابن بطال (8/ 582)، و"الفواكه الدواني" (2/ 202).
(7)
انظر: "نهاية المحتاج"(7/ 419).
(8)
انظر: "الشرح الكبير"(10/ 91)، و"الصارم المسلول على شاتم الرسول"(3/ 914).
الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله؟ " (1).
النتيجة:
أن الإجماع متحقق على قبول توبة الساب للنبي صلى الله عليه وسلم فيما بينه وبين اللَّه، لعدم اطلاعي على المخالف، أما سقوط القتل بتوبته فمختلف فيه، واللَّه تعالى أعلم.
* * *
(1) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله (1/ 78، برقم 336).