الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دفعًا (1)، لعدم المخالف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
[30/ 9] حمل المصحف إلى أرض العدو في السرية الصغيرة المخوف عليه:
• المراد بالمسألة: بيان أنه إذا خيف على المصحف من الأعداء فإنه لا يجوز الدخول والسفر به إلى دار الكفرة المحاربين، كأن يغزو المجاهدون بالمصحف إلى أرض العدو في السرية الصغيرة ونحوها فلا يجوز، وقد نُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: التيمي (حدود 350 هـ) حيث يقول: (وأجمعوا أنه لا يُسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو إلا أبا حنيفة فإنه أباح ذلك، وزعم أهل المعرفة بقوله أنه أراد ذلك في العساكر العظام التي لا خوف عليها، فأما السرايا وما أشبهها فلا يبيح لهم حمله مخافة أن يناله العدو منهم)(2).
وابن عبد البر (463 هـ) حيث يقول: (وأجمع الفقهاء أن لا يسافر بالقرآن إلى أرض العدو في السرايا والعسكر الصغير المخوف عليه، واختلفوا في جواز ذلك في العسكر المأمون الكبير)(3).
وابن المناصف (620 هـ) حيث يقول: (واتفق الفقهاء أنه لا يُسافر بالقرآن إلى أرض العدو في السرايا والعسكر الصغير المخوف عليه، واختلفوا في جواز السَّفر به في العسكر الكبير المأمون عليه)(4).
والنووي (676 هـ) حيث يقول: (اتفقوا على أنه لا يجوز المُسَافرة بالمصحف إلى أرض الكفار إذا خيف وقوعه في أيديهم)(5).
والأنصاري في "شرح الروض"(926 هـ) حيث يقول: (وَاتَفَقُوا على أَنْ يحْرُمَ السَّفَرُ بِهِ إلَى أَرْضِ الْكُفَارِ إذَا خِيفَ وُقُوعُهُ في أَيْدِيهمْ)(6) وابن حجر الهيتمي (973 هـ) حيث يقول: (الذي صرَّحَ بِهِ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ يَحْرُمُ بِالِاتِّفَاقِ
(1) وقد اختلف الفقهاء في جواز بداءة المسلمين بالحرب في الحرم على الكافرين، فذهب الحنفية، والحنابلة إلى عدم جواز ذلك. وذهب المالكية والشافعية إلى الجواز. انظر:"الجامع لأحكام القرآن"(1/ 270)، و"زاد المسير"(1/ 155).
(2)
"نوادر الفقهاء"(ص 162).
(3)
"الاستذكار"(5/ 22).
(4)
"الإنجاد في أبواب الجهاد"(ص 156).
(5)
"المجموع"(2/ 89).
(6)
"أسنى المطالب في شرح روض الطالب"(1/ 62).
السَّفَرُ بِالْقُرْآنِ إلَى أَرْضِ الْكُفْرِ سَوَاءٌ كان أَهْلُها ذِمِّيِّينَ أَمْ حَرْبيِّينَ) (1).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (2)، والمالكية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة (5)، الظاهرية (6).
مسند الإجماع:
1 -
عن عبد اللَّه بن عمر قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تسافروا بالقرآن، فإني لا آمن أن يناله العدو"(7).
• وجه الدلالة: أن قوله: "فإني لا آمن أن يناله العدو"، أن ذلك مما يمكن توقعه بشكل كبير في العسكر الصغير، فمنع منه.
2 -
ولأن في إخراجه في العسكر الصغير تعريض له للضياع والاستخفاف؛ فإن الكفار قد يستخفون بالمصاحف مغايظةً للمسلمين، فيمنع في ذلك سدًّا للذريعة (8).
• الخلاف في المسألة: خالف في هذه المسألة بعض الفقهاء إلى قولين آخرين، وهما:
القول الأول: يرى بعض فقهاء الشافعية أن الحكم في المنع من السفر بالمصحف إلى أرض العدو دائرٌ على علة أن يُخاف على المصحف، فإذا لم يُخف عليه، فلا مانع ولو كان الجيش صغيرًا (9).
• وحجتهم: أن هذه العلة المذكورة في الحديث هي من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وهي خوف أن ينالوه فينتهكوا حرمته، فإن أمنت هذه العلة، بأن يدخل في جيش المسلمين الظاهرين عليهم فلا كراهة، ولا منع منه حينئذ؛ لعدم العلة.
القول الثاني: ويرى أبو جعفر الطحاوي وأبو الحسن القمي من فقهاء الحنفية أن
(1)"الفتاوى الفقهية الكبرى"(1/ 37).
(2)
انظر: "فتح القدير"(5/ 450)، و"بدائع الصنائع"(7/ 102)، و"مختصر اختلاف العلماء"(3/ 435).
(3)
انظر: "جامع الأمهات"(244)، و"الذخيرة"(3/ 405).
(4)
انظر: "الأوسط"(11/ 289).
(5)
انظر: "المبدع"(1/ 176)، و"كشاف القناع"(1/ 136).
(6)
انظر: "المحلى بالآثار"(7/ 349).
(7)
أخرجه مسلم، كتاب "الإمارة"، باب النهي أن يسافر بالمصحف إلى أرض الكفار إذا خيف وقوعه بأيديهم (6/ 30، برقم 4948).
(8)
انظر: "البناية"(5/ 659).
(9)
انظر: "التبيان في آداب حملة القرآن"(ص 223)، و"طرح التثريب"(8/ 18).