الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كأهل الأوثان مثلًا، فإنه لا يقر على الذِّين الذي انتقل إليه، بخلاف إذا انتقل إلى دينٍ كتابي آخر؛ كاليهودي ينتقل للنصرانية، أو بالعكس، فإنه يُقر بالجزية. وقد نُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن قدامة المقدسي (620 هـ) حيث يقول: (أن الكتابي إذا انتقل إلى غير دين أهل الكتاب لم يقر عليه، لا نعلم في هذا خلافًا)(1).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الشافعية في الأظهر (2)، والحنابلة (3).
• مستند الإجماع:
1 -
لقوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85].
• وجه الدلالة: أن الكتابي المنتقل لدين غير أهل الكتاب، قد أحدث دينًا باطلًا بعد اعترافه ببطلانه، فلا يقر عليه، ولا تقبل منه الجزية.
2 -
أنَّ الكتابي إذا عقدت له الجزية، ثم انتقل لدين غير أهل الكتاب، يكون بذلك ناقض للعهد، وذلك لخروجه عن العهد الذي انعقد له، إلا أن يسلم. بخلاف إذا انتقل إلى دين كتابي، فإنه لم يخرج عن دين أهل الكتاب؛ لتساويهما في التَّقرير بالجزية.
3 -
لأن الوثنية ونحوها لا يقر أهلها عليها، فالمنتقل إليها أولى (4).
• الخلاف في المسألة: ذهب الحنفية، (5) والمالكية (6) إلى أنّه إذا انتقل واحد من أهل الكتاب من دينه إلى دين آخر غير الإسلام، فإنّه يُقر على الجزية.
وحجتهم أنهم قالوا: أنَّ الكفر كلَّه ملَّة واحدة.
النتيجة:
أن الإجماع غير متحقق، على أن الكتابي إذا انتقل لدين غير أهل الكتاب أنه لا يُقر على ذلك، لوجود الخلاف المعتبر للحنفية والمالكية، واللَّه أعلم.
[211/ 8] حكم دين ابن الكتابي الذي لم يبلغ في الدنيا (إذا لم يُسب، وكان مع أبويه، ولم يسلما، أو يسلم أحدهما، ولم يملكهم مسلم):
• المراد بالمسألة: أن الطفل الكتابي تبعٌ لأبويه في الأحكام الدنيوية، فلذلك الطفل
(1)"المغني"(7/ 101).
(2)
"الحاوي الكبير"(14/ 375).
(3)
انظر: "المغني"(7/ 101).
(4)
انظر: "شرح الزركشي"(2/ 382).
(5)
انظر: "المبسوط"(5/ 48)، و"رد المحتار"(4/ 247).
(6)
انظر: "الكافي" لابن عبد البر (1/ 217).
النصراني يعتبر من النصارى، والطفل اليهودي يعتبر من اليهود ما دام أبواه موجودين ولم يُسلما، ولم يملكهم أحد من المسلمين، فتجري عليهم أحكام دين آبائهم. ونُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: المروزي (294 هـ) حيث يقول: (أن أهل العلم بأجمعهم قد اتفقوا على أن حكم الأطفال في الدنيا حكم آبائهم ما لم يبلغوا، فإذا بلغوا فحكمهم حكم أنفسهم)، نقله عنه ابن عبد البر في التمهيد (1).
وابن المنذر (318 هـ) حيث يقول: (وأجمعوا على أن حكم الطفل حكم أبويه، إن كانا مسلمين فحكمه حكم أهل الإسلام، وإن كانا مشركين فحكمه حكم الشرك، يرثهم ويرثونه، ويحكم في ديته إن قتل حكم دية أبويه)(2).
وابن بطال (449 هـ) حيث يقول: (أجمع العلماء في الطفل الحربي يسبى ومعه أبواه، أن إسلام الأب إسلام له، واختلفوا إذا أسلمت الأم)(3).
وابن عبد البر (463 هـ) حيث يقول: (أجمع العلماء فيما علمت قديمًا وحديثًا على أن أحكام الأطفال في الدنيا، كأحكام آبائهم ما لم يبلغوا، فإذا بلغوا فحكمهم حكم أنفسهم، هذا في أطفال المسلمين، وأطفال أهل الذمة)(4).
وابن رشد (595 هـ) حيث يقول: (وأجمعوا على أنه إذا كانوا (أي: أطفال الكفار) مع آبائهم ولم يملكهم مسلم، ولا أسلم أحد أبويهم، أن حكمهم حكم آبائهم) (5).
وشيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ) حيث يقول: (لكن الصغير حكمه في أحكام الدنيا حكم أبويه؛ لكونه لا يستقل بنفسه، فإذا بلغ وتكلم بالإسلام، أو بالكفر، كان حكمه معتبرًا بنفسه، باتفاق المسلمين)(6).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (7)، والمالكية (8)، والشافعية (9)،
(1)"التمهيد" لابن عبد البر (18/ 134).
(2)
"الإجماع"(ص 85).
(3)
"شرح صحيح البخاري" لابن بطال (3/ 341)، هذا ومما يجدر التنبيه عليه ما وقع من وهم في النقل، أو خطأ في الطباعة في نسخة "عمدة القاري" للعيني (855 هـ) (8/ 168) حيث جاء فيه:(وقال ابن بطال: أجمع العلماء في الطفل الحربي يسبى ومعه أبواه أن إسلام "الأم" إسلام له، واختلفوا فيما إذا لم يكن معه أبوه).
(4)
"الاستذكار"(3/ 115).
(5)
"بداية المجتهد"(1/ 175).
(6)
"مجموع الفتاوى"(35/ 226).
(7)
انظر: "مختصر اختلاف العلماء"(3/ 482).
(8)
انظر: "بداية المجتهد"(1/ 175).
(9)
انظر: "مغني المحتاج"(2/ 423).